روسيا تعترض 93 مسيرة أوكرانية خلال الليل منها 87 فوق كورسك
كشفت مصادر خاصة في السويداء لـ "إرم نيوز" أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بدأت مرحلة جديدة من التنسيق "المكثف"مع بعض العسكريين في جيش النظام السوري المنحل من أهالي السويداء، بهدف تشكيل فصائل جديدة، في خطوة لحشد المحافظة الجنوبية إلى جانب "قسد" في المطالبة بنظام "فيدرالي" لا مركزي في سوريا.
ويأتي ذلك بعد الإعلان عن تشكيل "المجلس العسكري" في السويداء قبل يومين، حيث أثار إعلان مجموعة من العسكريين المنشقين والمستقيلين من الجيش السوري المنحل في محافظة السويداء، تشكيل المجلس، جدلاً واسعاً، لكونه جاء بعد وقت قصير من تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والتي طالب فيها بإخلاء الجنوب السوري من أي قوات، وتعهّد بحماية الدروز في السويداء.
كما يأتي الإعلان عن التشكيل الجديد برئاسة العقيد طارق الشوفي، في ما بدا محاولة لاستنساخ تجربة "قسد"، التي شكّلت مجالس للمدن والمحافظات التي تديرها، في وقت تحدّث فيه المجلس الوليد عن تنسيقه مع الأمريكيين في الجنوب.
وقال مصدر مطلع على طبيعة وأجواء تحركات "قسد" في السويداء إن "قسد" تدعم التشكيل الجديد بالأموال، حيث تم تخصيص 200 دولار لكل منتسب جديد.
ولفت المصدر إلى أن "قسد" تحاول خلق فصائل مشابهة في منطقة الساحل السوري أيضا، حيث تدعم وتحمي الآلاف من العسكريين السابقين في جيش النظام السابق في مناطق سيطرتها، تمهيدا لإرسالهم إلى مناطقهم في المستقبل القريب
ويذكر المصدر أن هدف "قسد" يتمثل أيضا في تشكيل فصيل عسكري علوي قوامه الآن أكثر من 3000 منتسب معظمهم من قوات الحرس الجمهوري والاستخبارات والفرقة الرابعة، تمهيدا لنقلهم إلى الساحل السوري.
وكان بيان صدر قبل يومين أيضا، أعلن عن تأسيس "إقليم أوغاريت" في الساحل السوري، وهو ما اعتبره المصدر، خطوة في طريق التوجه إلى "فدرلة سوريا"، مشيرا إلى أن "لا شيء من هذا وليد الصدفة" وإنما ضمن مخطط يسير بسلاسة وتأخذ "قسد" دورا موجها وقياديا فيه.
ويرى المصدر أن هذه التطورات تتزامن مع سعي إسرائيلي بدعم أمريكي إلى اعتماد الفيدرالية اللامركزية كنظام للحكم في سوريا، وربما "التمهيد لاحقا إلى تقسيم سوريا إلى عدة أقاليم" وفق المصدر.
"مجلس السويداء العسكري"
تم الإعلان عن تشكيل "المجلس العسكري" في السويداء في الرابع والعشرين من الشهر الجاري، وجرى لمناسبة الإعلان عن تشكيله، استعراض عسكري في ريف المحافظة الجنوبي، والمتاخم للحدود الأردنية، توازياً مع إصداره بياناً أكّد فيه أن "مشروع المجلس وطني، يهدف إلى تنظيم التعاون بين القوى المسلحة في المجتمع المحلي، وبمباركة من الشيخ حكمت الهجري (شيخ عقل الموحدين الدروز)، وبالتنسيق مع دول التحالف الدولي"، مشيراً إلى أن "نواة الجيش هي من العسكريين المنشقين"، داعياً "القوى العسكرية إلى الانضمام إلى مشروعه الوطني".
وأوضح البيان أن "المجلس يسعى إلى تحقيق متطلّبات حماية المجتمع والأمن الوطني والإقليمي، وحماية الحدود الجنوبية"، لافتاً إلى أنه "يطمح إلى أن يكون جزءاً من الجيش الوطني للدولة السورية، دولة الحداثة والمواطنة المتساوية وحقوق الإنسان"، مشدّداً على أن "ذلك يكون في دولة علمانية ديمقراطية لا مركزية".
وظهر في صور ومشاهد فيديو بثتها صفحات المجلس، حشد من المقاتلين، يحملون الأعلام السورية، ورايات طائفة الموحدين الدروز. وتلا قائد المجلس العسكري طارق الشوفي بياناً أعلن فيه رؤى وتوجهات المجلس.
وينشط المجلس العسكري الذي تشكل بعد سقوط نظام الأسد في العديد من قرى ريف السويداء الجنوبي، وقد أعلنت عدة مجموعات محلية خلال اليومين الماضيين في قرى وبلدات مثل الغارية وبكا انضمامها إلى المجلس.
وتحظى مدينة السويداء جنوبي سوريا بخصوصية عسكرية بدأت بعد انطلاق الثورة السورية بسنوات، وامتدت حتى بعد سقوط النظام السابق، وخلال هذه السنوات، برزت على المشهد الأمني والعسكري فصائل متعددة الانتماءات والولاءات.
وشاركت فصائل السويداء في العملية العسكرية لإسقاط النظام، وكانت من أوائل الواصلين إلى العاصمة دمشق في الساعات الأولى من فجر 8 من كانون الأول 2024.
وبعد سقوط النظام، وبالرغم من تشكيل حكومة دمشق المؤقتة لوزارة الدفاع، ودعوتها لتسليم السلاح في سوريا، وإعلان حل الفصائل، الذي جرى في "مؤتمر النصر"، في 29 من كانون الثاني الماضي، غابت عنه فصائل السويداء، وبقيت الأخيرة متمسكة بسلاحها، بل وعمدت لتشكيل تكتلات جديدة، أحدثها "المجلس العسكري للسويداء".
جدل واسع وشكوك
أثار تشكيل العقيد طارق الشوفي لـ"المجلس العسكري للسويداء" جدلا واسعا في الأوساط السورية، لتزامن إعلانه مع تصريحات من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ضد الإدارة السورية الجديدة، ومطالبته بنزع السلاح من ثلاث محافظات جنوبي سوريا. وأيضا لتزامن إعلان تشكيله مع مؤتمر "الحوار الوطني" في دمشق.
سبقت الاستعراض العسكري بيانات متلاحقة لمجموعات عسكرية محلية أعلنت انضمامها، للفصيل، ومنها، "قوات النبي شعيب"، و"بيرق سليمان" و"قوات الجنوب" إضافة إلى مجموعات محلية من قرى وبلدات الغارية وبكا.
وفي مسعى للنأي بالتنظيم الجديد عن أي علاقة مشبوهة، أكد الشوفي على وطنية مشروعه وعدم تبعيته لأحد، وقال إن "المجلس العسكري للسويداء" هو "مشروع وطني سوري، غير تابع لأي جهة ويضم أبناء المنطقة من عسكريين ومدنيين".
غزل متبادل مع "قسد"
من جانب آخر، حمل الشعار الذي تبناه الفصيل طابعا يشبه في تصميمه الذي تعتمده "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، مع اختلاف بالألوان، من الأصفر إلى الأزرق، ما أثار شكوكا حول نزعة انفصالية، الأمر الذي نفاه الفصيل خلال بياناته.
كما سارع حزب "الاتحاد الديمقراطي" (pyd) وهو العماد العسكري لـ"قسد"، لنشر إعلان "المجلس العسكري للسويداء" على موقعه الرسمي ووصف الإعلان بـ"التطور اللافت".
وقال "الاتحاد الديمقراطي" إن التشكيل الجديد "يأتي في وقت تشهد فيه سوريا تحولات سياسية وأمنية كبيرة مما يجعله خطوة مهمة في مسار تعزيز الأمن المحلي في السويداء”.
وتتوافق الرؤى السياسية بين الجانبين العسكريين، من حيث رؤيتهما لسوريا "لامركزية وعلمانية"، كما صرح الشوفي أنه على تنسيق مع التحالف الدولي، دون الإشارة إلى نوع التنسيق.
ووفق المصدر الذي تحدث لـ "إرم نيوز"، ينسق "المجلس العسكري للسويداء" مع "قسد"، ويتلقى تمويلا منها، فيما أكد الشوفي على أهمية إقامة "المجلس" لعلاقات جيدة مع "قسد"، ووصفها بـ"القوة التي دافعت عن أرضها وشعبها في مواجهة الإرهاب والحكم الدكتاتوري".
هل يؤيده الهجري؟
لم يخرج الشيخ حكمت الهجري بموقف واضح تجاه "المجلس العسكري" رغم أن الأخير أشار في بيان إشهاره، إلى أن التشكيل جرى بتنسيق مع شيخ عقل الطائفة الدرزية.
لكن الهجري صرح في ليلة إشهار المجلس لوكالة "رويترز"، متحدثا عن استياء من الحكومة الحالية بدمشق، قائلًا إنه لم يرَ من السلطات "القدرة على قيادة البلاد أو تشكيل الدولة بالطريقة الصحيحة" وفق تعبيره.
كما أشار إلى ضرورة تدخل دولي لضمان أن تسفر العملية السياسية عن دولة مدنية، مع فصل السلطات وسيادة القانون.
وبالرغم من عدم الإفصاح عن مباركة الهجري أو دعمه لـ"المجلس العسكري للسويداء"، إلا أن كلامه يتطابق في كثير من جوانبه مع مطالبة الشوفي، في دولة علمانية مدنية.
الهجري تحدث أيضًا في أواخر شهر كانون الأول 2024، بمقابلة له عن مطالب بدولة لامركزية، وهو الأمر نفسه الذي طالب فيه الشوفي في بيانه.
ما موقفه من دمشق؟
لم يبدِ الشوفي موقفا واضحا من حكومة دمشق المؤقتة، إلا أنه لم يؤيد انضمامه للجيش السوري الجديد إلا بشروط.
تتمثل الشروط بأن تكون سوريا "دولة الحداثة والمواطنة المتساوية وحقوق الإنسان" وأن تكون ديمقراطية علمانية لامركزية، ودولة "العدالة والسلام الإقليمي والدولي".
ووجه الشوفي رسالة للرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، مفادها "عليك أن تتعلم من أخطاء الماضي، وتشكل الجيش من كافة أطياف الشعب السوري وتعتمد على الضباط الثوريين والمنشقين".
وقال الشوفي في مقابلته المصورة عقب البيان، إن المجلس تشكل نتيجة "الفوضى الحاصلة بالمنطقة" وعدم الثقة بالجيش الذي تشكل بدمشق.
وانتقد إدخال قيادات عسكرية غير سورية بمناصب الدولة وتشكيل الجيش من فصيل واحد انتقل من إدلب ومندرج ضمن "قوائم الإرهاب"، وفق قوله.
الشوفي نفى وجود تنسيق مع دمشق وأعرب عن تحفظات عليها، نتيجة التفرد بالقرار وعدم إشراك الجيش المنشق، بحسب تعبيره.
من هو طارق الشوفي؟
تقتصر المعلومات المتوفرة عن العقيد الشوفي على بعض المصادر الإعلامية التي تصفه بالضابط المنشق، إلا أن مصادر أخرى تصفه بالضابط المستقيل. وتم استدعاؤه من قبل مخابرات الأسد، عقب الحراك الشعبي في السويداء عام 2023، إلى "فرع فلسطين" الأمني سيئ الصيت.
وقال الشوفي إنه كان جزءًا من الحراك المطالب بالحقوق العامة من الحرية والكرامة وبناء الدولة الديمقراطية، وتنفيذ القرار الأممي "2254"، وعدم التفرد بالسلطة من النظام الحاكم. وأضاف أنه يمثّل مجموعة من الضباط المتقاعدين والمستقيلين، الذين "وقفوا إلى جانب أهلهم منذ بدء الانتفاضة السلمية في الجنوب السوري".
وينتمي الشوفي إلى كيان سياسي، يسمى "تيار سوريا الفيدرالي" ونشط بالتزامن مع الحراك في السويداء، ويدعو إلى دولة لا مركزية في سوريا، وهو مقرب من الهجري، وفقا للمصادر.
وعلق التيار مشاركته في الحراك بساحة الكرامة، في 15 من آذار 2024، تزامنًا مع ذكرى الثورة السورية، وقال إن ساحة التظاهر تحولت إلى مشاريع خاصة تتبع لأجندة خارجية، منها إسلامية "متطرفة" ومنها تتبع لـ"الإخوان المسلمين".
كما أوضح أن التيار ليس امتدادا للثورة التي خرجت في 2011، والتي "تحولت عن مسارها الثوري الصحيح الذي خرجت لأجله"، وفق توصيفه.