رئيس تايوان يحذر من "محاولات التسلل" الصينية ويتعهد بـ"اتخاذ إجراءات مضادة"

logo
العالم العربي

خاص- تدمر تحت النار.. كيف أصبحت "درة الشرق" قاعدة للميليشيات الإيرانية؟

خاص- تدمر تحت النار.. كيف أصبحت "درة الشرق" قاعدة للميليشيات الإيرانية؟
عناصر تابعة للميليشيات الإيرانية
21 نوفمبر 2024، 11:40 ص

"تحتضن هذه الواحة الواقعة في الصحراء السورية شمال شرق دمشق آثاراً ضخمة لمدينة كبيرة شكلت أحد أهم المراكز الثقافية في العالم القديم. ونظراً لوقوعها عند ملتقى حضارات عدة، دمجت تدمر في فنها وهندستها طوال القرنين الأول والثاني بين التقنيات اليونانية الرومانية والتقاليد المحلية وتأثيرات بلاد فارس".

هكذا تعرّف "اليونيسكو"مدينة تدمر السورية التاريخية "درة الشرق"، بعد أن استعادت تصنيفها ضمن لائحة التراث العالمي، عقب انسحاب تنظيم "داعش" من المدينة والتدمير الكبير الذي مارسه فيها.

أخبار ذات علاقة

أوقع أكثر من 61 قتيلا.. التفاصيل الكاملة لهجوم تدمر الدامي

 

 لكن المنظمة لا تلاحظ ما حصل بعد ذلك للمدينة الأثرية، والتي سقطت مرة أخرى تحت سطوة الميليشيات. وتعرضت يوم أمس الأربعاء لأعنف هجوم منذ سنوات.

قصف يفتح العيون

يفتح الاستهداف الإسرائيلي العنيف، والأول من نوعه على مدينة تدمر التاريخية، العيون على إحدى أبرز مناطق انتشار الميليشيات الإيرانية في وسط سوريا وأكثرها أهمية إستراتيجية واقتصادية بالنسبة للحرس الثوري الإيراني الذي تتولى أذرعه العسكرية والاقتصادية إدارة العمليات في هذه المنطقة.

 

 

وقال مصدر عسكري سوري، إن الهجوم الإسرائيلي، استهدف اجتماعا لقادة من الحرس الثوري الإيراني والميليشيات التابعة له، ومخازن سلاح لميليشيات إيران، وأبرزها ميليشيا "فاطميون" الأفغانية و"النجباء" العراقية، اللتان تسيطران على قطاعات واسعة من مركز المدينة التاريخية، وتستخدمانها كمركز لتخزين الأسلحة والعتاد، سواء الذي يستخدم في استهداف القواعد الأمريكية في شمال شرق سوريا، أو المتجه إلى حزب الله في لبنان.  

 

 

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان ذكر أن طائرات إسرائيلية استهدفت ثلاثة مواقع في تدمر، بينها موقعان في حي الجمعية الذي تتركز فيه ميليشيات إيرانية مع عائلاتها، بالإضافة إلى موقع ثالث بالقرب منهما كان يشهد اجتماعا لقيادات من جماعات مسلحة متحالفة مع إيران موجودة في تدمر مع قياديين من حركة "النجباء" العراقية وقيادي من ميليشيا "حزب الله" اللبناني. وقال إن عدد القتلى وصل إلى 61 شخصا، بالإضافة إلى 50 جريحا.

الميليشيات تحتل منازل السكان

 تعتبر مدينة تدمر السورية التاريخية عقدة ما بين شرق سوريا وغربها، ومن هنا كانت أهميتها بالنسبة لإيران وميليشياتها، حيث سارع الحرس الثوري الإيراني إلى تثبيت أقدام ميليشياته في المدينة، علما أن القوات التي حررتها من تنظيم داعش في مارس/ آذار 2017 كانت قوات سورية وروسية.

أخبار ذات علاقة

مقتل 36 شخصاً إثر هجوم إسرائيلي على تدمر السورية

 

و منذ ذلك الحين، تحولت المدينة ومحيطها إلى مركز للميليشيات التابعة لإيران، وخصوصاً ميليشيا "فاطميون" الأفغانية و"النجباء"العراقية، بعد أن جرى توطين مئات العوائل غير السورية في منازل المدنيين الذين تركوا المدينة أثناء احتلال "داعش" لها وارتكابه للمجازر بحق المدنيين والآثار المدرجة على قائمة التراث العالمي.

وتؤكد مصادر أهلية في المدينة، أن عناصر الميليشيات المدعومة من إيران استقدموا عائلاتهم من العراق إلى مدينة تدمر، وأقاموا منذ سنوات في بيوت السكان المحليين الفارين من المنطقة.

وأوضحت المصادر أن هذه الميليشيات استغلت غياب أصحاب البيوت، لإسكان عائلات المقاتلين لديها، سعياً منها لعملية تغيير ديموغرافي في المنطقة، عبر الاستيلاء على المنازل، وإنشاء مقار ومكاتب لها".

 

 وذكرت المصادر المحلية أن عشرات العائلات العراقية لعناصر في ميليشيات مدعومة من إيران، وصلت منذ عام 2021 إلى مدينة تدمر ومنطقة السخنة الواقعة في بادية ريف حمص الشرقي بهدف الإقامة والسكن.

وأضافت أن "ميليشيات إيران بدأت بالانتشار في تدمر ومحيطها منذ أعوام، حيث تنشط في المنطقة ميليشيات إيرانية وأفغانية وعراقية، بعضها تتاجر بالآثار، التي تم جمعها بعمليات تنقيب بدائية"، وفق ما ذكرت المصادر المحلية.

أنفاق تحت الأرض

تقول مصادر أهلية في تدمر، لـ"إرم نيوز"، إن كلًّا من ميليشيا "فاطميون" و"حركة النجباء" قامتا قبل سنوات بحفر سلسلة من الأنفاق تحت الأرض، تربط مقارها ومراكزها في مدينة تدمر وسط البادية السورية ببعضها بعضاً بدعم من الحرس الثوري الإيراني.

وتوضح المصادر بأن الميليشيات استخدمت أهالي المدينة في تنفيذ عمليات الحفر، مقابل مبالغ مالية قليلة، مستغلةً الوضع الاقتصادي المتردي للأهالي في المنطقة.

 

 

وبحسب المصادر، بدأت عمليات الحفر بإشراف من ميليشيا "فاطميون" و"حركة النجباء" على حد سواء انطلاقاً من مستودعات الذخيرة والنقاط العسكرية في الأطراف الشرقية من مدينة تدمر، فيما قدم الحرس الثوري الإيراني تكاليف ونفقات عمليات الحفر لـ "حركة النجباء"، في حين ساعدت ميليشيا " فاطميون" في العمليات.

وهدفت العملية حينها إلى تنفيذ شبكات أنفاق مرتبطة ببعضها بعضاً في مدينة تدمر ومحيطها في المرحلة الأولى، والانتقال إلى بلدة السخنة الإستراتيجية والقرى المجاورة لها في المرحلة الثانية.

 وتقول المصادر، إن الأنفاق نفذت لتتيح للميليشيات سهولة التنقل بين المقارّ العسكرية والنقاط ومستودعات الذخيرة بشكل سري وغير مكشوف.

 

077a224d-521c-4030-b037-4ad5bb26cdd2

 

 

وأضافت بأن العملية تهدف إلى تجنب تعرض المقارّ للاستهداف خلال عملية تنقل العناصر والقياديين فيما بينها وذلك من قبل الطيران الأمريكي، وتجنباً للكشف عن أعداد العناصر والقياديين فيها وذلك من خلال تنقلهم من خلال الشبكة.

وأشار المصدر إلى أن العملية وفرت زيادة في نسبة الحماية للمقار والمستودعات التابعة لـ "حركة النجباء" و"فاطميون" في البادية السورية، والتي افتقدتها أرياف دير الزور .

أهمية إستراتيجية واقتصادية

تتمتع مدينة تدمر والبادية السورية عامةً، بأهمية إستراتيجية واقتصادية بالنسبة للإيرانيين، حيث تقع في قلب مشروع إيران  المسمى "خط الغاز الإسلامي" الذي يهدف إلى مد أنابيب الغاز من أراضيها إلى البحر المتوسط، مروراً بالعراق وسوريا.

 وتقع البادية السورية غير المأهولة بشكل واسع، على طريق هذا المشروع؛ ولذلك "سعت إيران إلى توطين جماعات موالية لها في هذه المنطقة، لتسهيل حماية الخط على المدى القريب والبعيد".

 

وتشكل البادية السورية، وتدمر على وجه التحديد، أحد أهم طرق الإمداد البري الإيرانية نحو سوريا انطلاقا من العراق، في ظل خطورة طرق الإمداد البحري؛ ولذلك لجأت لتوطين عائلات موالية لها على امتداد المناطق التي تربط العراق بالساحل السوري ولبنان.

وتفيد تقارير بأن شركات إيرانية تابعة للحرس الثوري الإيراني، تستحوذ على نشاطات ومشاريع اقتصادية مهمة في المنطقة، أهمها عقود استثمار في مناجم الفوسفات بريف تدمر شرقي حمص، حيث تولت شركتا "خاتم الأنبياء، وقائم" مسؤولية تلك المشاريع برعاية من قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني. وكان المخطط الرئيس هو أن يتم تصدير الفوسفات المستخرج مستقبلاً عن طريق ميناء طرطوس على الساحل السوري.

 وحصلت شركة "خاتم الأنبياء" على حقوق الاستثمار في مناجم الفوسفات والملح بعد أن انتزعتها من الشركات التركية التي كانت تستثمر فيها قبل اندلاع الأحداث في سوريا.

كما تضع الميليشيات الإيرانية يدها على عدة فنادق في المنطقة الأثرية بتدمر، وأبرزها فندق مريديان تدمر، وفندق زنوبيا، وسلسلة فنادق غسان سعد". وتستخدمها حاليا لإقامة مستشاريها وقادة ميليشياتها، وقد نصبت حاجزًا رئيسيًّا في مدخل الفنادق، وفقا لمصادر محلية في المدينة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC
مركز الإشعارات