logo
العالم العربي

اتفاق الفصائل.. تحول استراتيجي في الجنوب السوري

اتفاق الفصائل.. تحول استراتيجي في الجنوب السوري
قوات سورية في درعاالمصدر: أ ف ب
18 فبراير 2025، 7:42 ص

بعد اتفاق وزارة الدفاع السورية مع  فصائل الجنوب على تشكيل أربعة ألوية عسكرية، يثار الجدل حول ما إذا كان حل الفصائل العسكرية أصبح أمرا ضروريا أم مجرد خطوة شكلية.

أخبار ذات علاقة

بعد حل الفصائل.. منع بيع ونقل الأصول العسكرية في سوريا

 ويرى خبراء أن هذه الخطوة تعكس تغيرات استراتيجية فرضتها التحديات الإقليمية، خصوصا في ظل التهديدات الأمنية المتزايدة، بينما يعتبر آخرون أنها مجرد إعادة هيكلة إدارية لا تمثل تغييرا جوهريا في ميزان القوى داخل الجنوب السوري.

ومع استمرار التحولات السياسية والعسكرية في المنطقة، يبقى التساؤل قائما: هل هذا الدمج هو مقدمة لجيش موحد، أم أنه حل وسط للحفاظ على التوازنات القائمة؟

إعادة تشكيل

في هذا السياق، قال الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء محمد عباس إن الثورة السورية، أفرزت فصائل متعددة، لا سيما في المنطقة الجنوبية.

وأضاف لـ "إرم نيوز" أنه مع تطورات الأحداث وسقوط نظام الأسد، خضعت هذه الفصائل لإعادة تشكيل ضمن منظومة أوسع، وأصبحت تمتلك قيادات مركزية، غير أنها بقيت ذات طابع مناطقي، حيث ارتبط كل فصيل بمحافظته ومناطقه الخاصة.

وأوضح أن وزارة الدفاع كانت تعتبر أن تأسيس جيش موحد يضم جميع الفصائل هو أحد أهم الأهداف الاستراتيجية، حيث سعت إلى إدماج هذه الفصائل ضمن إطار وزارة الدفاع لضمان مركزية القرار العسكري وتوحيد الجهود الدفاعية.

وأشار إلى أن المنطقة الجنوبية تأخرت في عملية الاندماج، ويرجع ذلك إلى رغبة بعض قادة الفصائل في الحصول على امتيازات قيادية تضمن لهم دورا مهما في البنية العسكرية المستقبلية، سواء في مناطق نفوذهم أو داخل وزارة الدفاع.

أما في ما يخص الإعلان عن تشكيل الألوية الأربعة، فرأى عباس أن هذا التطور يعني أن الفصائل في الجنوب قد أُدمجت بشكل كامل في الجيش السوري الرسمي؛ ما يضع حدا لحالة التشرذم التي كانت تعاني منها سابقا.

وتابع أن من بين العوامل المؤثرة في هذا القرار التهديدات الأمنية التي تمثلها إسرائيل في المنطقة الجنوبية؛ ما يتطلب وجود جيش سوري منظم قادر على مواجهة هذه التحديات.

ولفت إلى أن العامل الآخر يتعلق بالمتغيرات الإقليمية الكبرى، مثل تطورات القضية الفلسطينية، والتصعيد الحاصل نتيجة السياسات الأمريكية الجديدة، إلى جانب الخيارات الاستراتيجية التي تفرضها طبيعة المرحلة الراهنة، والتي تتطلب من الدولة السورية تعزيز استقرارها الداخلي لمواجهة هذه التحديات.

وأضاف عباس أن هذه العوامل، إن لم تُؤخذ بعين الاعتبار، قد تؤدي إلى إضعاف الموقف السوري على المستوى الإقليمي والدولي؛ ما يجعل من الضروري إكمال بناء التشكيلات العسكرية في الجنوب، كجزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى تمكين الدولة من التفرغ مستقبلا للملفات الأمنية والعسكرية الأخرى، وعلى رأسها الوضع في الشمال الشرقي.

وأشار إلى أنه بعد تحقيق هذه الخطوة، ستكون الإدارة السورية قادرة على متابعة المفاوضات مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، انطلاقا من سعي الدولة إلى فرض سيادتها الكاملة على الأراضي السورية كافة، بما ينسجم مع رؤيتها لاستعادة الاستقرار الوطني.

حالة من الغموض

من جانبه، قال الخبير في الشؤون السياسية والعسكرية، عبدالله سليمان، إن مرحلة ما بعد سقوط النظام شهدت انقسامات وخلافات واسعة حول مسألة إعادة تشكيل الجيش السوري الجديد، وخصوصا في ما يتعلق بدمج بعض الفصائل في صفوفه، وعلى رأسها فصائل مدينة السويداء، بالإضافة إلى الفصيل الثامن في درعا، الذي يعدّ واحدا من أهم التشكيلات العسكرية في الجنوب.

وأضاف لـ "إرم نيوز" أن وزارة الدفاع فاجأت الجميع بإعلانها، بعد اجتماعها مع نائب قائد اللواء الثامن، أحمد العودة، ونسيم أبو عرة، عن التوصل إلى اتفاق مع فصائل الجنوب، يقضي بتشكيل أربعة ألوية عسكرية، وهو ما أنهى بشكل رسمي الخلاف القائم، حيث وافقت جميعها على الانضمام إلى الجيش، باستثناء قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي لا تزال خارج إطار هذا التفاهم.

وأوضح أنه رغم الإعلان الرسمي عن هذه الخطوة، لا تزال هناك حالة من الغموض وعدم الشفافية فيما يتعلق بالإجراءات المتبعة، سواء على صعيد عملية تشكيل الجيش الجديد، أو من حيث آليات حل الفصائل ودمجها بشكل عملي؛ إذ لا تتوافر معلومات كافية حول كيفية تنفيذ هذه العملية على أرض الواقع.

وأشار إلى أن ما يبدو واضحا حتى الآن هو أن وزارة الدفاع والفصائل لجأت إلى ما يمكن وصفه بـ "تدوير الزوايا"، أي أنها اعتمدت حلا وسطا يُرضي جميع الأطراف؛ ما يعني أن الاتفاق الحالي لا يُعد تغييرا جذريا في هيكلية الجيش السوري، وإنما هو مجرد إعادة هيكلة للمسميات والتشكيلات العسكرية، في انتظار صيغة نهائية أكثر وضوحا.

أخبار ذات علاقة

عبر "داعش" أم "الفصائل".. كيف تخطط إيران لاستعادة نفوذها في سوريا؟

 وبيّن أن هذه الصيغة لم تكن وليدة اللحظة؛ إذ تم تسريب معلومات حولها قبل أكثر من شهر، كما أنها نُفّذت فعليا في بعض المحافظات الأخرى التي شهدت تشكيل ست فرق عسكرية، وفي الوقت الحالي، ستستمر الفصائل المنضوية تحت هذه الألوية بالعمل ضمن مسميات جديدة، إلى حين الانتهاء من عملية إعادة توزيع الاختصاصات العسكرية داخل الجيش.

ولفت إلى أن حل الخلاف مع اللواء الثامن وفصائل السويداء جاء بشكل سريع ومفاجئ، وذلك بعد الاتصال الذي جرى بين الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع والرئيس الروسي فلاديمير بوتين؛ الأمر الذي دفع إلى تسريع وتيرة تنفيذ الاتفاق، مشيرا إلى أن اللواء الثامن كان يُعتبر أحد الفصائل الموالية لروسيا، حيث انضوى سابقا تحت لواء الفيلق الخامس الذي أنشأته موسكو في عهد النظام السابق.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC
مركز الإشعارات