بتكوين تهبط إلى أدنى مستوى في 5 أشهر
رأى خبراء في الشؤون الأوروبية والعلاقات الدولية، أن قرار دول الاتحاد الأوروبي، بتخفيف بعض العقوبات المفروضة على سوريا، سيخدم الإدارة الحالية، بقيادة أحمد الشرع، على المستوى السياسي الداخلي ويعطيه جانبا من الشرعية الدولية ويدعمه في العمل على رفع عقوبات من دول أخرى، باستخدام هذا الإجراء كـ"شهادة ضمان" على الاعتراف به كسلطة في دمشق.
ولكن على المستوى الاقتصادي، وبحسب خبراء لـ"إرم نيوز"، فإن تخفيف العقوبات الأوروبية لن تكون له آثار حقيقة على الأرض في ظل الاحتياج السوري الكبير للمساعدات والدعم المالي، في وقت تعاني فيه دول أوروبا ذاتها اقتصاديا من جائحة كورونا وتبعات الحرب الروسية الأوكرانية، ودعم كييف وانعكاسات ذلك لاسيما على قطاع الطاقة، وليست مستعدة لتقديم الدعم المطلوب إلى "سوريا الجديدة".
وكان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اتفقوا مؤخرا، على "خريطة طريق" لتخفيف العقوبات عن سوريا، في خطوة تمهيدية، بعدما فرضت في عهد بشار الأسد، على قطاعات كاملة من الاقتصاد السوري خلال الحرب الأهلية.
ويستبعد الباحث المتخصص في الشؤون الأوروبية، محمد رجائي بركات، أن يكون لقرار وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي بتخفيف العقوبات على سوريا وليس رفعها، دور في أن تجعل إدارة "الشرع" قادرة على إيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها الشعب السوري حاليا.
واعتبر بركات في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن كلمات بعض وزراء الخارجية الأوروبيين، تشير إلى أن هناك غياب ثقة في "الشرع" وإدارته، نظرا لماضيه كما يرى البعض، لافتا إلى أن دول الاتحاد اشترطت أن تكون تلك المساعدات تدريجية مرتبطة بما يحرزه "الشرع" من تقدم في مساعي الديمقراطية وحقوق المرأة وتمكينها، ومشاركة جميع الأطياف في العملية السياسية، كلما تم تقديم هذه المساعدات.
وتحدث بركات عن أن المساعدات الأوروبية إلى سوريا لن تكون مؤثرة بالشكل الذي يتصوره البعض نظرا لعدة أمور منها أن دول أوروبا في الأساس، تعاني من أزمات اقتصادية بما فيهم القاطرتان ألمانيا وفرنسا، في ظل تبعات كورونا وانعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية وما استنزفته المساعدات المالية والعسكرية التي قدمت إلى كييف وأثار ذلك على قطاع الطاقة.
وأردف بركات أنه لن يكون بإمكان الدول الأعضاء في الاتحاد، تقديم الأموال الكافية من ناحية إعادة الإعمار وقد تشارك بحسب مصلحتها باستفادة شركاتها في هذه العملية، ولكنها لن توفر ما يعول عليها، وأيضا لن يكون بإمكان الأوروبيين، تقديم دعم مالي كبير لمساعدة النازحين بالداخل أو الاقتصاد السوري، وربما تكون هناك مساعدات إنسانية محدودة في ظل تخصيص المفوضية الأوروبية 240 مليون يورو مؤخرا لهذا الغرض، و مرتبط تقديمهم بمدى وفاء الشرع بتعهداته.
وتابع بركات أن ضمن الظروف والأجواء الحالية من الصعب أن تخرج سوريا سريعا من هذه الأزمة في ظل تأثير أيضا وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض الذي يضغط على الأوروبيين لزيادة المساهمات العسكرية لتبلغ 5% من الناتج الداخلي الإجمالي، تخصص للميزانيات العسكرية بـ"الناتو"، في حين أن أعلى مساهمة من دولتين أوروبيتين في هذا الصدد حوالي 2% فقط من الناتج الإجمالي للميزانية العسكرية، وهو ما سيؤثر بالطبع على المساعدات التي تقدم للدول.
فيما تقول المحللة السياسية المختصة بالشأن السوري، رضوى سلامة، إن قرار تخفيف العقوبات الأوروبية، سيكون له عدة انعكاسات لصالح إدارة الشرع لا سيما في هذا التوقيت أبرزها ارتدادات سياسية بإظهار أن هناك جانبا من الدعم الأوروبي لهذه السلطة، وهو ما يراهن عليه الشرع ويعطي له ثباتا في المحيط الإقليمي والدولي.
وأضافت سلامة في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن الشرع سيستطيع من خلال تخفيف هذه العقوبات، الاستناد أمام الأمريكيين في إمكانية رفع واشنطن هي الأخرى، خلال الفترة المقبلة، أي جانب من العقوبات، فضلا عن استخدام هذا التخفيف كـ"شهادة ضمان" على الاعتراف به كسلطة في دمشق.
وذكرت سلامة أن هذا التخفيف، سيعطي جانبا من الشرعية الدولية لسلطة الشرع للحصول على أرضية تتشجع من خلالها بلدان سواء شرق أوسطية أو دول أخرى في إمكانية تقديم دعم لسوريا أو رفع عقوبات أخرى كانت موضوعة و مرتبطة بالعقوبات الأوروبية فضلا عن ما وراء ذلك من اعتراف بعض البلدان بهذه السلطة.
وأشارت سلامة إلى أنه بالرغم أن ما حدد من وزراء خارجية أوروبا من خلال تخفيف العقوبات وارتباط ذلك بإرسال مساعدات، لن تكون فارقة، لكنها تحقق جانبا دعائيا أمام الرأي العام الداخلي، بأنه يحظى بتعاون وتواصل مع الأوروبيين ومن ثم المجتمع الدولي.
ولفتت إلى أن هذا الدعم يتم التمهيد من خلاله من جانب الأوروبيين، العمل على التنسيق مع سلطة الشرع للقيام بعمليات إعادة لاجئين سوريين غير شرعيين، متواجدين في أوروبا وتعاون أيضا في السيطرة على أية عمليات نزوح من بعض الطوائف أو سكان سوريين، يرون أن هناك خطرا يوجه لهم في بعض المناطق، ويعملون على النزوح إلى أوروبا.