فاينانشيال تايمز: هبوط أول طائرة في مطار هيثرو بعد الاضطرابات
عاد اسم جورج إبراهيم عبد الله إلى الواجهة مجددًا بعد موافقة محكمة فرنسية على طلب الإفراج المشروط عنه بعد سجنه لـ40 عامًا، بتهمة المشاركة والتواطؤ بعملية اغتيال دبلوماسيين أجانب.
ونص القرار على الإفراج عن جورج عبد الله، الذي يُعتبر أقدم سجين في أوروبا، في الـ6 من شهر كانون الأول/ديسمبر المُقبل، شرط مغادرة الأراضي الفرنسية ومنعه من العودة إليها.
ولد جورج إبراهيم عبد الله في العام 1951 ببلدة القبيات الشمالية من عائلة لبنانية متوسطة، والده كان عنصرًا بالجيش اللبناني.
وتميز جورج من صغره بذكائه وسرعة بديهته وعشقه للقراءة ما مكنه من التخرج من دار المعلمين بالعاصمة بيروت في الـ19 من عمره وعمل في مجال التدريس بمنطقة الشمال حتى العام 1979.
وفي الـ15 من عمره انضم جورج إلى صفوف الحزب القومي السوري الاجتماعي، وكانت مواقفه لافتة خاصة وأنه ينحدر من عائلة مسيحية مارونية ويناصر القضية الفلسطينية في ظل الحرب الأهلية، التي كانت دائرة في لبنان.
وفي عام 1978 انتقل إلى الجنوب ليشارك في المعارك لصد الاجتياح الإسرائيلي وقتها، حيثُ أصيب هناك، وانضم بعدها إلى صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي كانت وقتها بقيادة جورج حبش، وعرف عن عبدالله وقتها تقربه الشديد بوديع حداد مؤسس فكرة الجبهة وتأثره بأفكاره الثورية الماركسية.
وفي عام 1979 قرر الانفصال عن الجبهة، وتأسيس تنظيمه الخاص فأطلق تنظيم "الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية"، والذي اعتمد من خلاله الفعالية وليس الكثرة العددية فضم فقط عدداً صغيراً من أشقائه وأقربائه وأصدقائه المقربين.
وانتقل جورج بعدها إلى أوروبا لتنفيذ عمليات تستهدف إسرائيل، وعرف عنه وقتها علاقته الجيدة مع المنظمات المسلحة العالمية، كمنظمات العمل المباشر والألوية الحمراء وكارلوس الفنزويلي، وعرف عبد الله منذ ذلك الوقت باسم عبد القادر السعدي.
وأعلن تنظيم جورج عبد الله مسؤوليته عن 5 عمليات سقط في 4 منها قتلى في عامي 1981 و1982 في فرنسا، بينهم تشارلز راي، نائب الملحق العسكري في السفارة الأمريكية بفرنسا، ويعقوب بارسيمانتوف، المستشار الثاني في السفارة الإسرائيلية في باريس.
كما تبنى تنظيم جورج عبد الله هجومًا فاشلًا في عام 1981 بالعاصمة الفرنسية باريس، كان يستهدف الدبلوماسي الأمريكي كريستيان شابمان، وتفجير سيارة مفخخة في شهر آب/أغسطس من عام 1982 في باريس أيضًا، مستهدفة المستشار التجاري للسفارة الأمريكية روديريك غرانت.
وجرى توقيف جورج عبد الله، في مدينة ليون الفرنسية في الـ24 من شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام 1984، بتهمة حيازة أوراق ثبوتية مزورة وكان قادماً من سويسرا.
وحكم على جورج عبد الله آنذاك، بالسجن لمدة 4 سنوات، وخلال فترة سجنه تمت مداهمة شقته في فرنسا، فوجدت الشرطة أسلحة وذخائر ومستندات تورطه، بالعمليات التي نفذها تنظيمه.
ونتيجة لذلك تم الحكم في عام 1987 على جورج عبدالله بالسجن المؤبد بتهمة التواطؤ في اغتيال الأمريكي راي والإسرائيلي بارسيمانتوف، ومحاولة اغتيال القنصل العام الأمريكي روبرت أوم في ستراسبورغ عام 1984، بعد توقيفه.
وأدّين في عام 1985 باختطاف مدير المركز الثقافي الفرنسي بمدينة طرابلس اللبنانية ونجل الكاتب والصحافي الفرنسي الملتزم جيل بيرون في بيروت، ووافقت فرنسا على تبادل المعتقلين عبر الجزائر، إلا أن السلطات الفرنسية رفضت الالتزام بما تعهدت به.
وأنهى جورج عبد الله فترة سجنه في عام 1999 وحصل على حكم بالإفراج المشروط في عام 2003، إلا أن القرار ألغي بعد الاستئناف.
وتقدم جورج من خلال محاميه بـ9 طلبات إفراج رفضت باستثناء واحد في عام 2013 تضمن شرط الطرد من الأراضي الفرنسية، إلا أن وزير الداخلية الفرنسية لم ينفذه وقتها.
وسجن جورج عبد الله تحول إلى قضية إنسانية لاقت الكثير من الدعم والاهتمام من قبل منظمات عديدة حول العالم، كالرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان، والاتحاد اليهودي الفرنسي من أجل السلام، وجمعية التضامن الفرنسية الفلسطينية ومركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، ونظمت عشرات التظاهرات في لبنان وفرنسا للمطالبة بإطلاق سراحه.
ومن أقواله، التي وجهها للقضاة خلال محاكمته: "انا مناضل ولست مجرمًا"، و"إن المسار الذي سلكته، أملته عليّ الإساءات لحقوق الإنسان، التي تُرتَكب ضد فلسطين".