إذاعة الجيش الإسرائيلي: البحرية الإسرائيلية ضربت أهدافا على شواطئ غزة

logo
العالم العربي

المقاتلون التركستان.. "العقدة الكبيرة" بين الصين وسوريا الجديدة

المقاتلون التركستان.. "العقدة الكبيرة" بين الصين وسوريا الجديدة
الإدارة السورية الجديدةالمصدر: رويترز
24 يناير 2025، 2:43 م

تثير العلاقات المحتملة بين الصين والإدارة السورية الجديدة كثيرًا من التساؤلات حول ضرورتها وأهميتها لكلا البلدين، وسبب غياب بكين عما يجري في البلد العربي الذي يشهد تحولات كبيرة، وفرص إعادة إعماره الهائلة.

لكن هنالك عقدة كبيرة تقف في خيط هذه العلاقات، بحسب مراقبين أشاروا إلى أنها تتمثل في عدة جوانب أهمها "المقاتلون التركستان".

أخبار ذات علاقة

بعد سقوط الأسد.. الصين تراجع أولوياتها "الأمنية والإستراتيجية" في سوريا

وقبل ذلك، وبالنظر قليلًا إلى الوراء في العلاقة بين البلدين، فإن النظام السوري السابق استفاد في السنوات الأخيرة من تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة والصين.

فبينما كانت الأولى تشدد العقوبات عليه، لا سيما بسبب تطور علاقتها بروسيا، وجدت الثانية في زيادة التقارب معه رسالة تحدٍّ للأولى.

ففي 16 يوليو/تموز 2021، زار وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، سوريا للمرة الأولى منذ بداية الحرب. الصين كانت استخدمت قبل ذلك حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن أربع مرات لحماية النظام السوري في وجه مشاريع قوانين قدمتها أو ساندتها الولايات المتحدة.

وفي 12 يناير/كانون الثاني 2022، انضمت سورية رسميًا إلى "مبادرة الحزام والطريق" الصينية وهي المبادرة الشهيرة في الإعلام باسم "مشروع طريق الحرير الجديد"، التي تشمل بشكل رئيس مشاريع بنى تحتية للنقل والطاقة. 

وفي 21 سبتمبر/أيلول 2023، وصل بشار الأسد وعقيلته إلى الصين على متن طائرة صينية خاصة، لتكون تلك زيارته الأولى للصين منذ 2004.

مجمل مشهد العلاقات الصينية-السورية كان يشير إلى كون سوريا ستحظى بمساعدات صينية، وستحتضن مشاريع صينية مهمة، سواء ضمن "مبادرة الحزام والطريق" أو ضمن مشاريع إعادة الإعمار التي كان النظام السابق يروج لها. بعض المشاريع التي روج لها النظام السوري السابق كان بعيدًا عن الواقع، مثل الحديث عن مشاريع سكنية فارهة.

أخبار ذات علاقة

الصين: مستعدون للتدخل "الإيجابي" في سوريا

إلا أن الكثير من المشاريع كان لها جدواها الاقتصادية المؤكدة، كما هو الحال مع مشاريع ربط الطرق والسكك الحديدية بين إيران والعراق وسوريا.

الدفء الذي شهدته العلاقة الصينية-السورية لم يكن بعيدًا عن مجريات الحرب الأهلية السورية، خصوصًا حضور المقاتلين التركستان (الإيغور) في شمال غربي سوريا.

وقد ظهرت العديد من التقارير في السنوات الأخيرة عن التعاون الأمني بين الصين والنظام السابق للتعامل مع خطر التركستان الذين كانت الصين تخشى عودتهم إلى إقليم شينجيانغ، غربي الصين، وكان النظام السابق يعتبرهم من بين أخطر حلفاء "هيئة تحرير الشام". 

ولكن منذ أن سقط النظام السوري، والصين تلتزم الصمت على المستوى الرسمي، من دون تعليق على مصير هذه المشاريع، أو على مستقبل العلاقة السياسية والأمنية مع الإدارة السورية الجديدة. فكيف تنظر الصين اليوم لملفي التعاون الاقتصادي مع سوريا وملف التركستان؟ 

أخبار ذات علاقة

طريق الحرير.. رحلة البضائع والأفكار بين الشرق والغرب

  طريق الحرير الجديد

عندما انطلق مشروع "طريق الحرير الجديد" في 2013 كان تصور الصين له أنه سيمتد برًا وبحرًا عبر مختلف القارات، خصوصًا آسيا وأفريقيا وأوروبا، ليضمن تدفق الموارد الأولية إلى المصانع الصينية، ثم تدفق البضائع من المصانع الصينية إلى المستوردين.

وكذلك راهنت الصين على أن يكون المشروع فرصة للشركات الصينية لكي تحصل على فرص للنمو وتنفيذ مشاريع كبيرة في الخارج.

 تلك المشاريع كانت ممولة بقروض من الحكومة الصينية، وتسددها الدول المستفيدة من المشاريع، بحيث تستفيد الأطراف الثلاثة: الشركات الصينية، والحكومة الصينية، والبلدان المستضيفة للمشاريع.

ولكن ما ظهر في السنوات التالية أن نسبة مهمة من هذه المشاريع لم تكن ذات جدوى اقتصادية، أو كانت ذات كلفة تفوق طاقة البلدان المستضيفة على الاستفادة منها وسداد قيمة ديونها للحكومة الصينية. فاضطرت بعض الحكومات إلى التنازل عن ملكية المشاريع المنجزة للحكومة الصينية، مثل ميناء هامبانتوتا في سريلانكا الذي انتقلت ملكيته للصين في 2017. 

والنتيجة كانت أزمة إعلامية ودبلوماسية وصفت فيها تلك المشاريع بـ"فخ الديون الصينية".

بعض مراكز الأبحاث الغربية الرصينة، مثل معهد "Chatham House" البريطاني، اعترف أخيرًا بأن الصين، على مستوى الحكومة والشركات، لم تكن متحمسة بانتقال ملكية هذه المشاريع لها، بل كانت تنظر إليها كخسارة إعلامية وسياسية واقتصادية. 

لهذا بدأت الصين مراجعة جذرية لتصورها لـ"طريق الحرير الجديد". ففي المؤتمر السنوي لمشروع طريق الحرير الجديد في 2019، أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ أن الصين ستنقل مشاريعها من مرحلة "الرسم بضربات عريضة" إلى "الرسم بريشة دقيقة".

أخبار ذات علاقة

طريق الحرير الصيني.. وآسيا الوسطى "المتغيرة"

  المشاريع النوعية

وفي المؤتمر السنوي للمشروع في 2021، نسخة العام 2021، من المؤتمر السنوي لمشروع طريق الحرير الجديد، أعلن الرئيس الصيني انتقال المشروع لما أسماه بالصينية "Xiaoermei" التي يمكن ترجمتها إلى "صغير وجميل".

وأصبح حينها تركيز الصين على المشاريع النوعية، مثل مشاريع الطاقة المتجددة ومشاريع إنتاج المكونات العالية التقنية التي تدعم التصنيع في الصين والدول المرتبطة بها صناعيًا.

ويتناقض هذا التركيز مع ما ظهر قبل عقد من الزمن عندما كانت الصين تشق الطرقات وسكك الحديد وتبني السدود ومحطات الكهرباء العاملة بالفحم الحجري.

وهذا الانتقال لم يكن مجرد قفزة تقنية. بل كان يعني مراجعة الصين للبلدان التي يمكن لها أن تستضيف مشاريعها.

فهذه المشاريع المتقدمة لم يكن من الممكن تنفيذها في العديد من دول العالم الثالث، لافتقارها إلى القدرات المالية وللبنى التحتية اللازمة لاحتضان هذه المشاريع والتشبيك معها. 

وقد ظهر بوضوح في السنوات القليلة الأخيرة أن القسم الأكبر من المشاريع الصينية الجديدة بات يظهر بشكل شبه حصري في منطقة جنوب شرق آسيا، أي في المحيط المباشر للصين.

وتلك الدول تملك المؤهلات اللازمة لاستقبال الجيل الجديد من المشاريع الصينية. هذا التغيير في التوجه الجغرافي كان له أسبابه الجيوسياسية والأمنية.

 فالصين باتت ترى أن المواجهة مع الولايات المتحدة قد تحصل بشكل أبكر بكثير مما كانت تعتقد سابقًا، ولذا يجب التركيز على المحيط المباشر للصين، بل التركيز على غرب أفريقيا وأمريكا اللاتينية.

استثمارات الصين في الشرق الأوسط

أما الشرق الأوسط، فمشهد الاستثمارات الصينية متفاوت. فالمشاريع الصينية في دول الخليج العربي مستمرة بالنمو، لتوفر البيئة المالية والتقنية والاقتصادية والشفافية الإدارية والتشريعية التي تسمح بنجاح هذه المشاريع.

ولكن بالمقابل نجد أن الصين لم تطلق أي مشاريع كبيرة في إيران، على الرغم من توقيع ما وصف بـ"اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة" بين البلدين في مارس/آذار 2021. أعلن يومها أن الاتفاقية بقيمة 400 مليار دولار وتمتد 25 عامًا.

أخبار ذات علاقة

"المونيتور": محور الصين وروسيا وإيران "مجرّد وهم"

  غياب المشاريع الصينية في إيران

مضى الآن قرابة أربعة أعوام على توقيع الاتفاقية، ولم تنطلق أي مشاريع صينية كبرى في إيران. ملخص ما سبق هو أن الصين في 2025، وفي الأعوام المقبلة، ليست الصين في 2013.

ولذا لن يكون هناك أي انطلاق لأي مشروع جديد من دون التحقق من الجدوى الاقتصادية والمالية لهذه المشاريع.

كما لن ينطلق أي مشروع من دون أن تتحقق الصين من أن البلد المستضيف يملك البيئة الكافية اللازمة لنجاح هذا المشروع.

عدم انطلاق أي مشاريع صينية في سوريا خلال الأعوام الثلاثة التي تلت انضمام النظام السوري السابق لمشروع "طريق الحرير الجديد" كان بالدرجة الأولى لعدم توفر الشرطين السابقين.

الصين غضت النظر عن هذين الشرطين آنذاك –كما فعلت مع إيران–، لحاجتها إلى إظهار التحدي للولايات المتحدة.

وكذلك لحاجتها إلى إقناع النظام السوري السابق بالتعاون الأمني معها ضد التركستان في سوريا.

وهنا تبرز بعض الإشاعات التي كان السوريون المطلعون يتناقلونها فيما مضى، وهي أن بعض الصينيين كانوا يستخدمون الشركات الصينية في سوريا كغطاء لنشاطهم الهادف للحصول بشكل مباشر على معلومات عن أنشطة التركستان هناك. 

المقاتلون التركستان: العقدة الكبيرة

ملف المقاتلين التركستان في سوريا ازداد تعقيدًا إلى حد بعيد مع سقوط النظام السوري.

ففي العديد من الهجمات الأخيرة التي قادتها "هيئة تحرير الشام"، كان المقاتلون التركستان في الصفوف الأمامية، بل كانوا رأس حربة الهجوم في بعض المواقع.

أخبار ذات علاقة

بينهم وزير الدفاع.. ترفيعات لعشرات الضباط السوريين

رتب عسكرية للأجانب

هذا الدور المحوري تم الاعتراف ضمنيًا بأهميته في 29 ديسمبر/كانون الأول 2024، عندما أصدرت الإدارة السورية الجديدة القرار رقم 8 الذي منح لأول مرة رتبًا عسكرية في الجيش السوري الجديد لقادة من "هيئة تحرير الشام" وحلفائها.

فحصل عبد العزيز داوود خدابردي، الملقب بـ"أبي محمد التركستاني"، على رتبة عميد في الجيش السوري الجديد، ليكون أحد خمسة فقط نالوا هذه الرتبة.

أبو محمد التركستاني هو القائد العسكري العام لـ"الحزب الإسلامي التركستاني" في سوريا، الذي تزعم تقارير أنه يضم قرابة 4 آلاف مقاتل. 

أخبار ذات علاقة

مصدر لـ"إرم نيوز": تصرفات الفصائل تهدد مستقبل الإدارة السورية الجديدة

  قلق صيني

تنظر الصين بقلق كبير تجاه "الحزب الإسلامي التركستاني". ولا يعود هذا فقط لحجم هذا التنظيم ونجاحه بالبقاء والتمدد في سوريا، أو لكونه الوحيد الذي يمثل الإيغور في الصين ومحيطها، ولكن أيضًا لكون الولايات المتحدة، في عهد إدارة دونالد ترامب، قد أزالت هذا التنظيم من قائمة التنظيمات الإرهابية في أكتوبر/تشرين الأول 2020. 

وهذا ما يمنحه بعض الشرعية، ويسهل مهمة تحرك أفراده وحصولهم على التمويل.

كما يعقد من مهمة الصين الضغط على الدول المختلفة لمطاردة كوادر هذا التنظيم وتسليمهم إليها.

والآن مع سقوط النظام السوري السابق، وخروج إيران وروسيا من سوريا، يبدو الخيار النظري الوحيد المتاح للصين هو التواصل مع الإدارة السورية الجديدة لمناقشة ملف التركستان، وفق خبراء.

أخبار ذات علاقة

بكين تتعهد بالدفاع عن الشركات الصينية بعد عقوبات أمريكية

توظيف التركستان 

ولكن بات من الواضح الآن أن الصين لم تُجرِ مثل هذه الاتصالات حتى الآن. كما بات من الواضح أيضًا أن الإدارة السورية الجديدة تعطي الأولوية القصوى الآن لإصلاح علاقتها بالولايات المتحدة والدول الأوروبية.

والآن من غير المستبعد أن تكون الصين تراقب احتمال توصل الإدارة السورية الجديدة وإدارة ترامب لتفاهم حول استخدام التركستان ضد الصين في الداخل. 

ما سبق يعني بحسب خبراء أنه من المستبعد أن نرى عودة مهمة للاستثمارات والشركات الصينية إلى سوريا قريبًا.

هذا قد يكون فرصة مهمة لدول المنطقة، خصوصًا الخليجية منها، للاستفادة من تدفق أكبر للمشاريع الصينية إليها، فيما تدرس هذه الدول إمكانية تنفيذ المشاريع الاقتصادية المختلفة التي تحتاجها سوريا. 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC