قوات إسرائيلية تقتحم منازل الفلسطينيين في بلدة طمون جنوبي طوباس
حولت العملية العسكرية في الزاوية الليبية التي أطلقتها قوات الساحل الغربي التابعة لوزارة دفاع حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة بدعوى السيطرة على منافذ التهريب ومكافحة الاتجار بالبشر والمخدرات، المدينة إلى "ساحة تنافس" بين الفصائل المسلحة.
وأثر انعدام الاستقرار وتكرار المواجهات المسلحة داخل مدينة الزاوية، الواقعة 40 كلم غربي طرابلس، على حياة السكان وأمنهم، ما حرك الطيران المسيّر لقصف أوكار تجار المخدرات ومهربي البشر والوقود.
وجدد بيان صادر عن المنطقة العسكرية بالساحل الغربي التابعة لحكومة عبد الحميد الدبيبة التأكيد على جميع المدنيين "ضرورة الابتعاد عن الأماكن والأوكار المشبوهة نظرًا لاستمرار العملية العسكرية".
كما طالب بيان المنطقة العسكرية المواطنين بـ"التعاون والتواصل معها، للإبلاغ عن أي أوكار مشبوهة أو مجموعات خارجة عن القانون، لاتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها".
وتؤكد مصادر ليبية في الزاوية أن بعض المعارك في المدينة كانت مرتبطة في المقام الأول بالسيطرة على الأسواق غير المشروعة، كما يتضح من الاشتباكات السيطرة على المستودعات ونقاط التفتيش.
ويُنظر إلى أعضاء الفصائل الرئيسية في الزاوية على أنهم على صلة وثيقة بتهريب السلع، مثل الوقود والمخدرات غير المشروعة والأسلحة، ويقال أيضًا إنهم مرتبطون بجهات فاعلة متورطة في تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر.
وكان وزير داخلية حكومة الوحدة الوطنية، عماد الطرابلسي، قد اعتبرف في تصريح صحفي أن وزارته "لا سيطرة لديها على مدينة الزاوية"، وذلك في مواجهة عمليات الإجرام والقتل والتهريب وبيع المخدرات.
وفي هذا السياق، استغرب رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، أحمد حمزة، تحديد الحكومة ومن ورائها آمر المنطقة العسكرية في الساحل الغربي، صلاح الدين النمروش، لتوقيت العملية العسكرية لمداهمة "أوكار" الجريمة، وذلك قبل أربعة أيام على شنها.
وشكك حمزة في تحقيق نتائج إيجابية بسبب غياب عنصر المباغتة في العملية، متسائلًا: "هل سيجدون المتورطين في تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر والمخدرات والقتل خارج إطار القانون ينتظرونهم؟".
وقال حمزة، لـ"إرم نيوز"، إن أغلب المطلوبين في مدينة الزاوية لديهم العلم المسبق بالعملية، ولن يتم القبض عليهم، واصفًا تلك العملية بـ"الفاشلة".
وأكد أن الأهداف من وراء العملية العسكرية سياسية بحتة، تحت غطاء محاربة الجريمة.
وتابع حمزة: "جاءت العملية ردًا على ما حدث من اقتحام قوات القيادة العامة بالجيش الوطني الليبي لمعسكرات المنطقة العسكرية الجنوبية بقيادة اللواء كنه، التابع لوزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية المُؤقتة، وكذلك من أجل تصفية حسابات سياسية مع قوى عسكرية وسياسية في مدينة الزاوية مناهضة ومعارضة للحكومة".
وقال حمزة إن تلك العملية العسكرية "حرب ضد الخصوم السياسيين، وليس ضد الجريمة بكافة أشكالها".
بدوره، يرى المحلل السياسي الليبي، فرج فركاش، أن أحداث الزاوية والخروقات الأمنية المتكررة فيها، تطلبت حلًا جذريًا لصالح أهل المدينة وسكانها.
وأعرب فركاش، لـ"إرم نيوز"، عن أسفه لتحول الزاوية إلى ملاذ آمن للخارجين عن القانون بعدما فشلت الدولة في السيطرة عليها لاعتبارات اجتماعية وقبلية وأيضًا سياسية، في حين أسهم الانقسام السياسي في استمرار هذه المظاهر والخروقات.
ويعتقد فركاش أن رئاسة الأركان تصرفت بحكمة، وحاولت قدر الإمكان الابتعاد عن إراقة الدماء، ما يفسر الإعلان المسبق والمبكر عن العملية، حتى لا تحدث مواجهات داخل المدينة والأحياء السكنية.
واستطرد بالقول:" لكن لا يمكن النظر لهذه العملية بمنأى عن الانقسام السياسي الحاصل في ليبيا، خاصة أن هناك شخصيات تتمتع بالمال والنفوذ من الزاوية نفسها، ولها علاقة مباشرة بحكومة الشرق الليبي، وهناك أيضًا شخصيات لم تخفِ تحالفها مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح في مساعيه للإطاحة بحكومة الدبيبة".
ومن هذا المنظور، يوضح فركاش أن هذه العملية لها بعد معلن، هو تحقيق الأمن في الزاوية وضواحيها، وربما يمتد إلى باقي مدن ومناطق الغرب الليبي، أما البعد غير المعلن، فهو تقويض وربما إنهاء أي تحرك مسبق أو أي قوات قد تشكل تهديدًا لاستمرار حكومة الدبيبة، خاصة مع قرب تفعيل مبادرة المبعوثة الأممية بالإنابة، ستيفاني خوري، وإعلان رئيس البرلمان صراحة عن نيته بتشكيل حكومة جديدة في محاولة استباقية وموازية لمبادرة البعثة الأممية.
وتتمركز الزاوية في موقع إستراتيجي على الطريق السريع الساحلي بين الحدود التونسية وطرابلس، مما يضمن القدرة على الهيمنة على الشريان التجاري البري الرئيس في ليبيا، كما تقع بها مصفاة الزاوية، ثاني أكبر مصفاة نفط خام في البلاد.
ووصف فريق الخبراء التابع للجنة الجزاءات الدولية المعنية في ليبيا المكلفة من مجلس الأمن الدولي، في تقريره لعام 2023 مدينة الزاوية بأنها مركز رئيس لعدد من الشبكات الإجرامية المنظمة التي تهيمن على الأنشطة غير القانونية في المدن على طول المنطقة الساحلية غربي طرابلس.
ولفت التقرير إلى أن مصادر الدخل الأساسية لتلك الشبكات تنبع من تهريب الوقود والمهاجرين، والاتجار بالبشر والمخدرات.
أما الجهات الفاعلة الرئيسة التي تقف وراء هذه الشبكات الإجرامية فهي الجماعات المسلحة التي اكتسبت ما يشبه الشرعية من خلال تفويضات أمنية ممنوحة لها من الحكومة، مما يسمح لها بالعمل مع الإفلات من العقاب.