رأى خبراء، أن حسابات إسرائيل في سوريا تتباين بين تفضيلها للوجود الروسي الذي ترى فيه عامل استقرار نسبي، وتخوفها من تقارب محتمل بين دمشق وأنقرة.
واعتبر الخبراء، أن "الرؤية الإسرائيلية تأتي من اعتقادها بأن موسكو قادرة على ضبط التوترات العسكرية والحفاظ على التوازن الأمني على حدودها مع سوريا، في المقابل، تخشى إسرائيل من أن يؤدي النفوذ التركي المتزايد، المدعوم بعلاقات مع جماعات متشددة، إلى تهديد أمنها القومي وإرباك وضعها العسكري القائم".
هذه المواقف المتشابكة تُبرز مدى تعقيد المصالح الإقليمية وتداخلها في الملف السوري.
وقال الخبير العسكري والأمني خالد المطلق، إن "التقارير تشير إلى أن إسرائيل تفضل عودة الوجود الروسي في سوريا وتخشى أي تقارب سوري-تركي، ويمكن تفسير ذلك من خلال أن إسرائيل ترى في الوجود الروسي عاملاً مساعداً في تحقيق الاستقرار النسبي في المنطقة، خاصة على طول الحدود السورية-الإسرائيلية".
وأضاف المطلق لـ"إرم نيوز"، أن "إسرائيل تعتقد أن روسيا قادرة على الحد من التوترات وتجنب التصعيدات العسكرية المفاجئة، خاصة أنها وقعت مع موسكو اتفاقية تنسيق عسكري تقضي بعدم تنفيذ أي هجوم إسرائيلي داخل الأراضي السورية دون التنسيق المسبق".
وتابع: "تبقى هناك هواجس إسرائيلية مرتبطة بإمكانية أن يؤدي التقارب السوري-التركي، بعد سقوط نظام الأسد إلى زيادة النفوذ التركي في المنطقة، ما قد يشكل تهديداً لأمنها القومي".
وأوضح أن "إسرائيل تنظر إلى تركيا على أنها قوة إقليمية تسعى إلى توسيع نفوذها في المنطقة، وهو ما قد يتعارض مع المصالح الإسرائيلية".
وأشار المطلق، إلى أن "إسرائيل ترى في الوجود الروسي أيضاً وسيلة لتقييد النفوذ الإيراني في سوريا، وتطمح إلى أن تتمكن روسيا من منع عودة القوة العسكرية الإيرانية إلى المناطق القريبة من الحدود الإسرائيلية، التي تعتبرها تل أبيب تهديداً رئيسياً لأمنها".
من جانبه، يرى الناشط الحقوقي نضال هواري أن "تزايد نفوذ تركيا في الساحة السورية يعيد إلى الواجهة الأحلام العثمانية الجديدة، وهو ما يشكل تهديداً للأمن القومي للدول العربية".
وأضاف هواري لـ"إرم نيوز"، أنه "في ظل العلاقات المتشابكة والمعقدة، ترى إسرائيل الوجود الروسي في سوريا بمثابة دعم استراتيجي، وتسعى إلى تجنب أي مواجهة مباشرة مع تركيا في الساحة السورية، لا سيما في ظل الحروب التي تخوضها في المنطقة، والتهديد الإيراني المستمر".
وأوضح أن "العلاقات بين روسيا وإسرائيل، رغم بعض الخلافات، كانت قوية منذ بداية الحرب السورية، فعلى الرغم من الغارات الجوية الإسرائيلية المتكررة، لم تستخدم روسيا أنظمتها الدفاعية ضد تلك الهجمات، كما حرصت موسكو على الحفاظ على التنسيق العسكري مع تل أبيب بشكل مستمر، إلى جانب ذلك، يعزز وجود مليون يهودي روسي في إسرائيل، واستخدام اللغة الروسية بنسبة 20% بين السكان، العلاقات بين الجانبين بشكل أكبر".
وأشار هواري، إلى أنه "بعد الحرب في أوكرانيا والعقوبات الغربية المفروضة على موسكو، أصبحت روسيا بحاجة ملحّة إلى دعم إسرائيل، وضمان استمرار وجودها في سوريا يتطلب ضمناً موافقة إسرائيل والولايات المتحدة، في المقابل، أصبح تحول تركيا إلى مركز إقليمي للجماعات المتشددة محط اهتمام عالمي متزايد، وهو ما يدفع العديد من الدول، رغم اختلاف توجهاتها، إلى تبني موقف مشترك ضد هذا النفوذ" وفق قوله.
ورأى أن "هذه التحديات تُجبر روسيا وإسرائيل والولايات المتحدة على التقارب والتعاون بشكل أكبر، سعياً لمواجهة التمدد التركي والتحديات الإقليمية الأخرى التي تفرضها المتغيرات المتسارعة في الساحة السورية".