الفاتيكان يعلن الحداد تسعة أيام على البابا فرنسيس اعتبارا من السبت
في خضم الصراع السوري برزت أسماء عدة لقادة الفصائل العسكرية الذين لعبوا أدوارا حاسمة في مجريات الحرب.. ومن بينها، أحمد أبو عمشة، أو محمد الجاسم، الذي تحول من مزارع بسيط في ريف حماة إلى أحد أبرز قادة الفصائل المدعومة من تركيا، بإعلانه قائدا للفرقة 25 في محافظة حماة وسط سوريا.
وكانت قيادة أبو عمشة لفصيل "سليمان شاه"، المعروف أيضا بـ"العمشات"، جعلته لاعبا أساسيا في معادلة النفوذ داخل المناطق الخاضعة للسيطرة التركية شمال سوريا، لكنه في الوقت ذاته واجه اتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم حرب؛ ما جعله شخصية جدلية بين التأييد والمعارضة.
اليوم، مع تعيين أبو عمشة قائدا للفرقة 25 التي كانت تحت قيادة سهيل الحسن، يثار الجدل حول أبعاد هذا التعيين ومدى تأثيره على خريطة النفوذ العسكري في سوريا.
وُلد محمد الجاسم، المعروف باسم "أبو عمشة"، في قرية جوصة بريف حماة، حيث بدأ حياته مزارعا بسيطا وسط بيئة ريفية بسيطة، ومع اندلاع الثورة السورية عام 2011، انخرط في العمل المسلح، حيث انضم إلى صفوف فصائل المعارضة بحثا عن دور أكبر في المشهد العسكري والسياسي السوري.
وبفضل طموحه الشخصي وقدرته على استغلال التحالفات، شق طريقه بسرعة داخل الفصائل المعارضة، ليتولى في النهاية قيادة فصيل "سليمان شاه" بعد السيطرة التركية على عفرين.
لم يكن أبو عمشة مجرد قائد عسكري تقليدي، بل برع في توطيد سلطته مستفيدا من الموارد الاقتصادية في المناطق التي يسيطر عليها، وساعده ذلك في بناء شبكة مالية ممتدة داخل سوريا وخارجها، حيث قام باستثمارات في تركيا وأفريقيا؛ ما عزز نفوذه كثيرا.
اعتمد أبو عمشة على تكوين تحالفات قوية لضمان بقائه في المشهد العسكري السوري، حيث تحالف مع فصائل أخرى أبرزها "فرقة الحمزة" بقيادة سيف بكر الملقب بـ "سيف البولاد"، إضافة إلى "فصيل السلطان مراد" بقيادة فهيم عيسى.
هذه التحالفات عززت نفوذه ضمن ما يعرف بـ "القوة المشتركة" المدعومة تركيا، والتي لعبت دورا في إرسال مقاتلين إلى ليبيا وأذربيجان ضمن حملات التجنيد التي نظمها فصيل سليمان شاه.
لكن نفوذه لم يكن بلا تحديات، فقد واجه عدة اشتباكات مع فصائل أخرى، أبرزها الصراع الذي نشب بين "الفرقة الشامية" من جهة، و"فرقة العمشات" و"فرقة الحمزة" من جهة أخرى.
وكانت هذه الاشتباكات تهدد نفوذه بشكل مباشر، لكن تدخّل "هيئة تحرير الشام" بقيادة الشرع، لصالحه في مدينة عفرين، ساعد في بقائه متصدرا المشهد؛ ما عزز التحالف بين العمشات وهيئة تحرير الشام.
كما أنه كان طرفا رئيسا في النزاع ضد "لواء صقور الشمال"، الذي رفض تنفيذ قرار وزارة الدفاع التركية بحله؛ ما دفع العمشات والحمزة للهجوم عليه وإجباره على حل نفسه بالقوة.
رغم محاولاته المستمرة لتقديم نفسه كقائد قوي يقدم الخدمات الإنسانية من خلال توزيع المساعدات الغذائية وإنشاء المرافق العامة، إلا أن أبو عمشة لم يستطع الإفلات من الاتهامات الدولية المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان.
في ضوء هذه الاتهامات، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات عليه؛ ما أدى إلى تقييد حركته دوليا وزاد الجدل حول دوره المستقبلي في سوريا.
وجاء تعيين أحمد أبو عمشة قائدا للفرقة 25 التي كانت تحت قيادة سهيل الحسن "النمر" ليطرح العديد من التساؤلات حول مستقبل هذه الفرقة التي كانت سابقا جزءا من الجيش السوري النظامي.
ويعكس التغيير في قيادتها تحولا في الاستراتيجية العسكرية، خصوصا في ظل الصراعات المستمرة بين الفصائل المختلفة في الشمال السوري.
وتعتبر الفرقة 25 وحدة نخبوية تابعة للجيش السوري، وكان يقودها سابقا سهيل الحسن، المعروف بقربه من روسيا، ويمكن لتعيين أبو عمشة على رأسها أن يكون مؤشرا على تغيير في ميزان القوى، خاصة أنه ينحدر من ريف حماة، وهي المنطقة التي يتولى مسؤوليتها.
ومع تعيينه ثارت تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الخطوة نتاج تفاهمات إقليمية بين تركيا وروسيا، أم أنها مجرد إعادة ترتيب للأدوار داخل المشهد العسكري السوري.