قال خبراء سودانيون، إن حكومة السلام السودانية التي يترقب الإعلان عن تشكيلها خلال أيام، تضع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في موقف "حرج"، متوقعين أن يطلق عمليات عسكرية جديدة ضد قوات الدعم السريع، بهدف عرقلة تشكيلها.
وأشار الخبراء في تصريحات لـ"إرم نيوز" إلى أن الفريق عبد الفتاح البرهان، باتت خياراته محدودة، خاصة بعد إخفاقه دبلوماسيًّا خلال قمة الاتحاد الأفريقي الأخيرة، التي تجاهلت طلبه برفع تعليق عضوية السودان.
وفي العاصمة الكينية نيروبي، بدأت يوم الثلاثاء اجتماعات ضمت عددًا من القوى السياسية والعسكرية، بهدف تأسيس حكومة سودانية شاملة تعزز السلام.
وكان من المقرر توقيع الميثاق التأسيسي للحكومة في اليوم ذاته، إلا أنه تأجّل إلى الجمعة المقبل بناءً على طلب قائد "الحركة الشعبية" عبد العزيز الحلو، لمنح وفده الوقت الكافي للحضور والمشاركة في مراسم التوقيع.
وأثارت خطوة تشكيل حكومة سودانية جديدة ردود فعل واسعة، وأجّجت مخاوف السلطة القائمة في بورتسودان، التي سارعت إلى تعديل الوثيقة الدستورية، وأعلنت عن ذلك، يوم الأربعاء، في مسعى لتشكيل حكومة مدنية بهدف عرقلة تحركات القوى السودانية المجتمعة في نيروبي.
ووفقًا لمصادر "إرم نيوز"، يخطط قائد الجيش السوداني لتشكيل حكومة تتماشى مع مطالب الاتحاد الأفريقي، سعيًا لاستعادة عضوية السودان في المنظمة الأفريقية قبل أن تتمكن الحكومة الموازية المرتقبة من منافسته على ذلك.
وأوضح المحلل السياسي علي الدالي، أن خيارات الجيش السوداني باتت محدودة أمام التحركات المتسارعة للتحالف الجديد، الذي يسعى لتشكيل حكومة جديدة.
وبيّن أن "البرهان لا يملك سوى التصعيد العسكري، باعتباره الأداة الوحيدة المتاحة لمواجهة حكومة جديدة في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع"، على حد قوله.
وأشار الدالي لـ"إرم نيوز"، إلى أن "حتى هذا الخيار يفرض على الجيش التحرك عسكريًّا داخل مناطق سيطرة قوات الدعم السريع في دارفور وكردفان، نظرًا لأن العمليات العسكرية في الخرطوم لم تعد ذات جدوى".
وأضاف أن "الحكومة الجديدة ستتأسس داخل إقليم دارفور، وهو منطقة شاسعة يقطنها عدد كبير من السكان، كما ستمتد إلى جنوب كردفان والنيل الأزرق، خاصة بعد انضمام قائد الحركة الشعبية عبد العزيز الحلو إلى مشروع تشكيل الحكومة الجديدة".
ولفت إلى أن قوات الدعم السريع تحقق تقدمًا واضحًا على الجيش، سواء في التحركات العسكرية أو السياسية والدبلوماسية.
وفي هذا السياق، أكد أن حكومة بورتسودان بدأت خطوات سياسية لعرقلة تشكيل الحكومة المرتقبة، من خلال التعديلات السريعة على الوثيقة الدستورية، في محاولة لإظهار أنها بصدد تشكيل حكومة مدنية، بهدف طمأنة الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد بأن الوضع يسير وفق الأطر القانونية المطلوبة.
كما شدد الدالي على أن الجيش السوداني أهدر فرصة مهمة؛ ما كلفه خسارة كبيرة، خاصة خلال الاجتماعات الأخيرة للاتحاد الأفريقي، التي لم تناقش حتى وضع السودان داخل المنظمة، واصفًا ذلك بأنه "إخفاق دبلوماسي كبير للجيش".
وأضاف: "في المقابل، استفادت قوات الدعم السريع من هذا الإخفاق، وسارعت إلى اتخاذ خطوات متقدمة لتشكيل حكومة تنافس سلطة الجيش".
وأكد الدالي أن الجيش السوداني يخوض معركته في الوقت الضائع، على حد تعبيره.
وأوضح أن قوات الدعم السريع، من خلال تشكيل الحكومة الجديدة، ستكسب دعمًا إضافيًّا بدخول قوات جديدة إلى المواجهة ضد الجيش السوداني، مبينًا أن جميع الجيوش التي التزمت الحياد خلال الفترة الماضية سترحب بالحكومة الجديدة.
وأكد أن الجيش السوداني قد يجد نفسه في مواجهة خمسة جيوش، يقودها كل من الطاهر حجر، والهادي إدريس، وعبد الواحد نور، وعبد العزيز الحلو، إلى جانب قوات الدعم السريع، في حال توحدت هذه القوى ضمن الحكومة الجديدة وشكلت جيشًا موحدًا يمثل السودان.
ويرى أن الجيش، من الناحية العسكرية، سيواجه قوة أكبر مما كان يواجه سابقًا؛ ما يقلص خياراته، في حين تتزايد فرص قوات الدعم السريع سياسيًّا وعسكريًّا.
من جهته رجحّ الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، أبوعبيدة برغوث، أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق وقف إطلاق نار، قبل الدخول في سيناريوهات المواجهة العسكرية.
وقال برغوث لـ"إرم نيوز" إن الحكومة الجديدة المزمع تشكيلها هي أحد خيارات وقف الحرب، ومن المتوقع أن تسهم في تقريب وجهات النظر والحد من التصعيد العسكري.
وأضاف أن "الحكومة الجديدة هي عبارة عن برنامج لوقف وإنهاء الحرب، وأن الخيار الأنسب للجيش أن يتوقف عن الاستمرار في التصعيد العسكري"، مبينًا أن الطرح الذي ستتبناه الحكومة المقبلة سيتيح للسودانيين فرصة التوصل لطي الخلافات وإجبار الطرفين على وقف إطلاق النار.
وتوقع أن يذهب الطرفان إلى وقف إطلاق النار وفق صيغة تجعل كل طرف في مناطق سيطرته، التي تكون فيها حكومتان معنيتان بحفظ الأمن وتقديم الخدمات للمواطنين، ومن ثم بعدها تستمر جولات التفاوض إلى حين التوصل إلى تفاهمات وقف الحرب، وفق قوله.
واستبعد أن يذهب الجيش إلى التصعيد العسكري؛ لأن الحكومة الجديدة ستكون لديها أدوات للدفاع عن نفسها ومواجهة أي تحركات عسكرية معادية.
في الوقت ذاته، أكد المتحدث باسم تحالف القوى المدنية المتحدة "قمم" عثمان عبدالرحمن سليمان، أن الحكومة المرتقب الإعلان عن تشكيلها الأيام المقبلة في السودان، ستعطي الأولوية لتحقيق السلام وحماية المدنيين بعد تحييد سلاح الطيران.
وقال، إن الحكومة المرتقبة ستعمل أيضًا على إجراء المصالحات المجتمعية بين المكونات السودانية.
وأوضح أن حكومة الجيش السوداني ماتت سريريًّا بمجرد انعقاد الجلسة الافتتاحية لتحالف السودان التأسيسي "تأسيس" في العاصمة الكينية نيروبي.
وأشار إلى أن حكومة بورتسودان قطعت الطريق على نفسها لأنها تكرس للأعمال الانفصالية، كما أنها حكومة انقلابية تمارس سلطة مونوقراطية انفرد بها البرهان بلا شرعية.