القناة 12 الإسرائيلية: الحكومة ستبحث اليوم إقالة رئيس الشاباك
في حالة نادرة من التاريخ الأمريكي ينخرط رئيس أمريكي منتخب في أزمة دولية بشكل شخصي حتى قبل مراسم تنصيبه واستلامه السلطة بشكل رسمي، وأكثر من ذلك يرسل مبعوثيه المعينين إلى المنطقة لإجراء حوارات واتصالات مع الشركاء الإقليميين قصد التوصل إلى وقف لاطلاق النار في غزة، وكذلك إنهاء أزمة المحتجزين لدى حركة حماس منذ السابع من أكتوبر 2023.
وفي حالة نادرة يتفق الرئيسان بايدن وترامب على رؤية واحدة تخص أزمة معقدة في حجم ونوع الحرب الدائرة في قطاع غزة حاليا، وكلاهما يعمل لإنهاء الحرب هناك في أقرب وقت ممكن، حتى وإن اختلفت الحسابات الشخصية بينهما.
فبالنسبة للرئيس بايدن، فإن إنهاء الحرب في غزة وإعادة الرهائن إلى عائلاتهم سيكون إنجازه الكبير الذي ينهي به ولايته الرئاسية الوحيدة بعد فشل حزبه في الفوز بالانتخابات، لكنه يؤكد من خلال هذا الإنجاز التزامه الشخصي بالوعود التي قطعها في بضع مناسبات بإنهاء الحرب في غزة وإعادة المختطفين، وكذلك إطلاق موجة مساعدات إنسانية واسعة للمتضررين في القطاع.
بايدن وفي أيامه الأخيرة وفي عطلة نهاية الأسبوع وفي اتصال لافت برئيس الوزراء الاسرائيلي، أعاد تأكيد أهدافه الأساسية وهي: اتفاق لإيقاف القتال، وإعادة المختطفين، وتوفير مزيد من المساعدات لسكان القطاع.
من جانبه وخلال الاتصال الهاتفي جدد نتنياهو شكره للرئيسين بايدن وترامب لجهودهما المتواصلة لأجل التوصل إلى حلول في أقرب وقت ممكن.
بايدن الذي كان أعلن شخصيا الأسبوع الماضي أن اتفاقا في غزة بات أقرب إلى التحقق أكثر من أي وقت مضى، وكان تأكيدا إضافيا على تأكيدات صدرت من قبل مسؤولين كبار في إدارته، سواء على مستوى وزارة الخارجية أو على مستوى مجلس الأمن القومي، لكن المشترك بينها جميعا هو الإشارة إلى أن اتفاقا بات قريبا في غزة، وأن المفاوضات التي تحدث بمشاركة حلفاء في المنطقة وبين عواصم دول صديقة للولايات المتحدة وشريكة لها في الوساطات غير المباشرة في المفاوضات، دخلت مرحلة جادة.
بايدن يريد إنجازا تاريخيا
إدارة بايدن تريد لهذا الاتفاق أن يتم؛ لأنه من وجهة نظر كبار مسؤوليها فإن حصاد بايدن الرئاسي سيكون إيجابيا في نهاية ولايته، بسبب أن السياسات التي اتبعها في المنطقة حققت أهدافها الاستراتيجية البعيدة التي رسمتها في أعقاب هجمات السابع من أكتوبر تحت عنوان الهدف الاستراتيجي للولايات المتحدة، وهو ألا تعود المنطقة إلى الصورة التي كانت عليها قبل هذا التاريخ.
وعندما يتحدث مسؤولو إدارة بايدن لـ "إرم نيوز" يقولون إن الرئيس نجح في إنهاء الدور الإقليمي لإيران بإضعاف قدراتها المالية والأمنية وحتى السياسية من خلال نجاح إسرائيل في إنهاء قيادات حماس في الداخل والخارج، والقضاء على قيادات الصفين الأول والثاني في حزب الله اللبناني، وسقوط نظام الأسد في سوريا، وبداية خطة منع إعادة تسليح حزب الله بقطع شريان الحياة الممتد من طهران إلى بيروت عبر دمشق، وكذلك من خلال وضع خطة لمرحلة ما بعد وقف القتال في قطاع غزة.
هذه هي الصورة الجديدة للشرق الأوسط التي يرسمها مسؤولو إدارة بايدن عندما يتحدثون عن دور هذه الإدارة في تغيير المعادلات والموازين في المنطقة.
وهذه النجاحات كما يصفها مسؤولو إدارة بايدن تحتاج إلى إنهاء جيد لعمل هذه الإدارة الطويل في الشرق الأوسط عبر سلسلة الجولات الماراثونية التي قادت الوزير بلينكن إلى المنطقة، وغيرها من جولات وزير الدفاع أوستن، وكذلك مستشار الأمن القومي ورئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية. ولذلك تم تحقيق أحد الإنجازات الكبيرة في الأشهر الأخيرة من عمر إدارة بايدن بإعلان اتفاق لوقف لإطلاق النار في لبنان.
صورة ختامية
وهناك صورة في غاية الأهمية يريد لها هؤلاء المسؤولون أن تكون هي خاتمة سنوات بايدن في البيت الأبيض، وهي صورة استعادة المواطنين الأمريكيين المحتجزين لدى "حماس" وهي مسالة لطالما تحدث عنها بايدن على أنها تشكل قضية شخصية بالنسبة إليه، ولذلك فإنه يرغب بقوة في أن تكون هذه هي صورة وداعه للأمريكيين في ساعاته الأخيرة كرئيس للولايات المتحدة.
بايدن وفي خطوة لافتة لم يمانع أن يكون لخلفه حتى وهو بصفة الرئيس المنتخب هذا الدور الخارج عن المألوف في المنطقة؛ لأن الاتفاق قائم بين الفريقين المشرفين على تنسيق المرحلة الانتقالية بين الادارتين بأن إنهاء الحرب في غزة هدف مشترك لكليهما، وأن جميع الجهود التي يمكن أن تساعد في تحقيق هذا الهدف مرحب بها، ولذلك رأينا مسؤولين كبارا في إدارة بايدن يثمنون تدخل ترامب في فترة التفاوض بشأن اتفاق وقف النار في لبنان.
ترامب يريد صناعة التاريخ قبل التنصيب
ومقابل ذلك هناك حسابات شخصية تخص الرئيس المنتخب دونالد ترامب، فهو وعند هذه اللحظة تحديدا يستعيد التاريخ في محطتين، الأولى من خلال رغبته في أن يكون الرئيس الذي يظهر للأمريكيين وللعالم أنه الرئيس الذي نجح في إنهاء أزمة الشرق الأوسط التي استمرت 15 شهرا وحتى قبل تنصيبه، وفي الوقت ذاته يريد أن يكرر سيناريو الأب الروحي للحزب الجمهوري الرئيس الراحل رونالد ريغان في مطلع ثمانينيات القرن الماضي عندما استطاع التوصل إلى اتفاق لتحرير الدبلوماسيين الأمريكيين الذين كانوا محتجزين بمقر السفارة الأمريكية بطهران في يوم تنصيبه خليفة للرئيس المنهزم حينها الراحل جيمي كارتر، والذي صادف أن يكون هو الآخر من حزب الرئيس بايدن، وأن يحكم الولايات المتحدة لولاية واحدة وأن يخسر الانتخابات في منافسة غريم جمهوري.
ترامب ونتنياهو.. ود معلن وخلافات مبطنة
في خطوة لافتة هاجم الرئيس المنتخب رئيس الوزراء الإسرائيلي على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك باعادة نشر فيديو توجه فيه انتقادات لتصرفات نتنياهو مع تحميله مسؤولية الأحداث في الشرق الأوسط.
هذا الموقف من ترامب يأتي في أعقاب تصريحات سابقة من الرجلين أن اتصالاتهم الهاتفية في مرحلة ما بعد الفوز بالانتخابات كانت ودية، كما زارت زوجة نتنياهو الرئيس المنتخب في مقر إقامته العائلية بمارلاغو في أعياد الشك. لكن لاحقا اتضح أن هناك خلافات جوهرية حول آليات التوصل إلى انهاء الحرب في القطاع.
وفي واحدة من صور هذا الخلاف غياب اسم رئيس الوزراء الإسرائيلي عن قائمة ضيوف ترامب الأجانب لحفل تنصيبه بالعاصمة واشنطن في الـ20 من يناير الجاري.
المسؤولون الإسرائيليون يقولون، إن نتنياهو لن يحضر حفل تنصيب ترامب ويرجحون أن تكون قصة الفيديو المنشور على موقع "تروث سوشيال" لترامب ومن قبله سببا في قرار المسؤول الإسرائيلي.
حكومة نتنياهو قالت في وقت سابق أيضا، إنها غير معنية بتصريحات ترامب التي هدد من خلالها بتحويل الشرق الأوسط إلى جحيم في حال عدم إنهاء أزمة المحتجزين قبل استلامه السلطة بعد أيام قليلة.
ويقول مسؤولون هنا في واشنطن، إن الاتفاق القائم بين بايدن وترامب بتحقيق هدف إنهاء الحرب في غزة وأزمة الرهائن، قلل حظوظ نتنياهو في استغلال الاختلاف في وجهات نظر الرئيسين والحزبين حول نوعية الخطوات والآليات ضمن الهدف الواحد الذي يعد تابتا في السياسات الأمريكية وهو الالتزام بحماية أمن إسرائيل.
وعلى مستوى استراتيجي هناك تقدير لدى الإدارتين أن حرب الشرق الأوسط عسكريا حققت أهدافها، وأن الوقت الآن بات مناسبا لإسرائيل لتحويل نجاحاتها العسكرية إلى مكاسب سياسية على الأرض، مع التأكيد أن الولايات المتحدة ليست مستعدة لتحمل المزيد من الأعباء السياسية والعسكرية لهذه الحرب، إضافة إلى وجود تحديات أخرى كبيرة تواجه الإدارة الجديدة في أجزاء أخرى من العالم وفي مقدمتها المنافسة مع الصين والحرب في أوكرانيا وأزمات الاقتصاد والهجرة وأمن الحدود في الداخل.