ترامب: استعادة شراكاتنا الاقتصادية مع روسيا قد يضعف علاقاتها بالصين

logo
العالم العربي

خاص- ماذا بقي من "محور المقاومة" الإيراني بعد سقوط الأسد؟

خاص- ماذا بقي من "محور المقاومة" الإيراني بعد سقوط الأسد؟
سوريون يحطمون تمثالا للرئيس الراحل حافظ الأسدالمصدر: رويترز
11 ديسمبر 2024، 12:26 م

النظام السوري هو أول حلفاء طهران منذ انتصار "الثورة" في إيران عام 1979، والحليف الأوثق لها في المنطقة. وهو كذلك الشريك الحيوي في أغلب، إن لم يكن جميع، المشاريع الإيرانية في المنطقة. 

أخبار ذات علاقة

بعد سقوط الأسد.. ميليشيات عراقية تعيد النظر في علاقتها بإيران

النظام السوري كان الداعم العسكري الأهم لإيران خلال الحرب العراقية-الإيرانية. وكان شريك إيران في دعم فصائل المعارضة العراقية، خصوصاً حزب الدعوة، منذ ثمانينيات القرن الماضي وحتى سقوط الغزو الأمريكي للعراق. 

النظام السوري كان كذلك داعماً لصعود "حزب الله" وضامناً لبقائه خلال تسعينيات القرن الماضي. كما فتح النظام السوري قواعده العسكرية لتدريب عناصر بعض التنظيمات العربية الموالية لإيران، خصوصاً من اليمن. 

فرصة غير مسبوقة

منذ تفجر الحرب الأهلية السورية في العام 2011، تغيرت العلاقة بين دمشق وطهران من الشراكة الندية لتصبح الأولى معتمدةً بشكل متزايد على الثانية. 

وهذا ما منح إيران فرصةً غير مسبوقة لمضاعفة نفوذها كماً ونوعاً في المنطقة. فامتلكت إيران للمرة الأولى منذ عهد "كسرى الثاني" (590-628 ميلادي) مساراً برياً يوصلها للبحر المتوسط، وهذا ما سمح بمضاعفة قدرات نقل الأسلحة إلى "حزب الله"، خصوصاً عبر الاستفادة من قدرات التصنيع والتخزين الموجودة على الأراضي السورية. 

في خريف 2023 بدا النفوذ الإيراني في المشرق العربي، في العراق وسورية ولبنان، راسخاً رسوخ الجبال، بل وقابلاً للتمدد في المنطقة. 

ولكن منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بدأ هذا النفوذ بالتصدع نتيجة مجموعة من الأحداث المتداخلة، وبعض المصادفات.

خسرت إيران بدايةً الفصائل التي دعمتها لأكثر من عقدين من الزمن في قطاع غزة، وتلقى "حزب الله" ضرباتٍ مؤلمة بشكل غير مسبوق، وفقد الغالبية الساحقة من قياداته التاريخية التي رافقت تأسيسه وصعوده على مدى العقود الأربعة الماضية. 

كما تبادلت إيران وإسرائيل الضربات العسكرية العلنية لأول مرة في تاريخ صراعهما، ولكن دون أن تتمكن إيران من تحقيق الردع، إذ لا تزال إسرائيل تحضر لتوجيه المزيد من الضربات للقدرات الإيرانية، بما في ذلك المنشآت النووية. 

ومنذ ظهور نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بدأت إيران تترقب التداعيات السلبية المحتملة عليها مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. 

عودة ترامب تعني لإيران أن الأعوام الأربعة المقبلة ستكون كخرط القتاد، إلا أن أسوأ كوابيس إيران لم يكن يتصور سقوط النظام السوري، في هذا التوقيت، وبهذه السرعة. 

"محور المقاومة" ما بعد الأسد

جاء سقوط النظام السوري في أكثر اللحظات خطراً بالنسبة للنظام الإيراني الذي أصبح مكشوفاً أمام إسرائيل وأمام تحركات إدارة ترامب. 

بسقوط النظام السوري تشظى ما يعرف بـ"محور المقاومة" وفقد أركان قوته، إذ فقدت إيران بدايةً الصلة البرية المباشرة مع "حزب الله" الذي سيكون وحيداً في أي مواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل. 

وتقلصت قدرات إيران على نقل الأسلحة إلى "حزب الله". كما انقلبت موازين القوى داخل لبنان. فلأول مرة منذ 1970 ستصبح الجارة الكبيرة للبنان تحت حكم الطائفة السنية، وهذا ما سينهي حالة التضاؤل والانكماش التي عاشتها الطائفة السنية في لبنان خلال تلك الفترة، وخصوصاً منذ اغتيال رفيق الحريري في 2005. 

أخبار ذات علاقة

تقرير عبري: سقوط الأسد فاقم الانقسامات داخل "حزب الله"

 وهذا سيضعف هيمنة "حزب الله" في الداخل اللبناني، ويجعله مشغولاً بمعارك البقاء في الداخل وعاجزاً عن متابعة دعم الأجندة الإيرانية في المنطقة، من المشرق العربي إلى اليمن، كما فعل طوال العقد الماضي. 

أما في العراق، فيرجح أن يتزايد تردد حلفاء إيران في العراق في العمل ضمن الأجندة الإيرانية، وذلك خشية الضربات الإسرائيلية والعقوبات الأمريكية. 

وهذا التردد من جانب الميليشيات العراقية بدأ يظهر بجلاء مع مماطلتها في عبور الحدود العراقية-السورية لمساعدة النظام السوري في صد الهجوم الكبير الذي شنته "هيئة تحرير الشام" في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني. 

ومن النتائج غير المباشرة لسقوط النظام السوري أن خطاب التجييش الطائفي الذي طالما استخدمته إيران لحشد الشيعة العرب سيفقد الكثير من فاعليته ومصداقيته.

حاولت إيران استخدام هذا الخطاب بعيد انطلاق هجوم "هيئة تحرير الشام"، إذ راح المقربون منها، بما في ذلك مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، يكررون مقولة "لن تسبى زينب مرتين"، وذلك لتجييش المقاتلين الشيعة للتحرك للدفاع عن النظام السوري، وعن المواقع الشيعية المقدسة في سورية. 

مع ذلك فإن المستشارين العسكريين والكوادر الإيرانية المسؤولة عن حماية المواقع الشيعية في سورية، ومن ذلك مقاما السيدة زينب والسيدة رقية في دمشق، كانوا أول من غادر سورية، وذلك حتى قبل سقوط النظام السوري. 

وبعد أن ظهرت هشاشة شعارات التجييش الطائفي، سقط النظام السوري، وسيطر مقاتلو المعارضة على المقامات الشيعية، ولم تتعرض هذه المقامات لأي سوء. وهذا ما ألحق ضربة كبيرة بمصداقية خطاب التجييش الطائفي الإيراني. 

الحوثيون

أما الحوثيون في اليمن فخسائرهم المباشرة من سقوط النظام السوري أقل بالمقارنة مع الميليشيات العراقية واللبنانية، وذلك لكون اليمن بعيداً عن المسرح السوري. وهم من ثم أقل اعتماداً على دور النظام السوري في التسليح والتدريب. 

ولكن هذا لا يعني أن الحوثيين لن يعانوا خسائر غير مباشرة، فمن الآن فصاعداً ستصبح تكلفة دعم إيران لـ"حزب الله" أعلى بكثير من أي مرحلة سابقة، وهذا ما سيأتي على حساب الدعم المقدم للحوثيين.

 ويحصل هذا بينما كانت إيران تحضر لزيادة إنفاقها الدفاعي لتحصين نفسها في مواجهة التصعيد الإسرائيلي المقبل. 

كما أن سقوط النظام السوري، بالرغم من حجم الدعم الإيراني له، يمكن أن يشجع الأطراف اليمنية المناوئة للحوثيين لكي يجددوا الصراع معهم، ويستعيدوا اليمن من قبضتهم، على نحو ما فعلت المعارضة السورية مع نظام الأسد في سورية. 

سقوط النظام الإيراني

أما ما هو أخطر من كل ما سبق فهو احتمال سقوط النظام الإيراني، فالأوضاع الاقتصادية ستزداد سوءاً بحدة مع تزايد العقوبات في ولاية ترامب الثانية. 

كما ستتزايد خطورة تبادل الضربات مع إسرائيل، وسترتفع فاتورة حماية وإدامة المتبقي من "محور المقاومة". 

تزايد الأعباء بهذا الشكل سيزيد نقاط التشابه بين وضع النظام الإيراني ووضع النظام السوري السابق، وهذا ما سيشجع المعارضة الإيرانية في الداخل والخارج للعمل على إسقاط النظام. 

ومن غير المستبعد، على خلفية هذه التطورات، أن تجد بعض القوى الدولية والإقليمية في العمل على إسقاط النظام الإيراني خياراً أقل تكلفة من توجيه ضربة عسكرية لقدراته النووية وفتح الحرب معه. 

والمؤكد الآن أنه لا يمكن استبعاد أي سيناريو كان يعتبر حتى سقوط النظام السوري في 8 ديسمبر/ كانون الأول، ضرباً من الخيال.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC
مركز الإشعارات