أردوغان: لا يمكن للمعارضة أن تعرقل تحقيق العدالة
تبحث ميليشيات عراقية مسلحة عن موطئ قدم داخل التحالفات السياسية المؤثرة قبيل انطلاق السباق الانتخابي، عبر تفاهمات لتأمين غطاء سياسي يقيها الانتقادات القانونية والدولية، ويمنحها شرعية داخل قبة البرلمان.
وظهر هذا التوجه بوضوح من خلال الحراك السياسي الأخير الذي جمع "عصائب أهل الحق" بزعامة قيس الخزعلي مع "ائتلاف دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، حيث تشير المعطيات إلى تفاهمات مبكرة تسعى العصائب من خلالها للحصول على غطاء سياسي من حزب له ثقل برلماني وتنفيذي.
وتشير مصادر سياسية إلى أن تحالفا انتخابيا قيد التشكل يجمع عدة فصائل وقوى ذات امتدادات عسكرية، من أبرزها منظمة بدر بزعامة هادي العامري، وكتائب سيد الشهداء برئاسة "أبو آلاء الولائي"، إلى جانب ميليشيا أنصار الله الأوفياء التي يقودها حيدر الغراوي، فضلا عن تحركات من قبل رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض.
ويأتي ذلك في وقت يتعرض فيه العراق لضغوط أمريكية وأجنبية كبيرة بهدف حل الميليشيات المسلحة الموالية لإيران ونزع أسلحتها، وحصر السلاح بيد الدولة العراقية، فضلا عن تقليص النفوذ الإيراني في البلاد.
بدوره، أكد الباحث في الشأن السياسي، محمد التميمي، أن "الميليشيات لا تبحث عن مقاعد فقط، بل عن حصانة سياسية تُمكّنها من البقاء في المشهد دون أن تدفع ثمن سلاحها، وهي تدرك أن معادلة النفوذ اليوم لم تعد تُحسم في الميدان بقدر ما تُدار من داخل قبة البرلمان".
وأضاف التميمي، لـ"إرم نيوز"، أن "التحالف مع الأحزاب الكبيرة يمنح هذه الجماعات مظلة قانونية تحول دون استهدافها سياسيا أو قضائيا، كما أن تواجدها داخل القوائم الانتخابية التقليدية يُكسبها شرعية إضافية يصعب الطعن بها لاحقا، خصوصا في ظل عجز الدولة عن فرض معايير حقيقية للعدالة الانتخابية".
واعتبر أن "هذه الاستراتيجية تمثل تحايلا منظما على القانون، وتحول العملية الانتخابية إلى غطاء لإدامة السطوة، بدلا من أن تكون أداة للتغيير أو تداول السلطة".
وأظهرت نتائج الانتخابات السابقة أن الميليشيات فقدت جزءا كبيرا من غطائها الشعبي بعد أن مُنيت بخسارة ثقيلة؛ ما دفعها للبحث عن تحالفات جديدة تستعيد بها التوازن السياسي المفقود.
وظل الغطاء السياسي أحد أهم مرتكزات تمدد الميليشيات المسلحة في العراق؛ إذ تعتمد تلك التشكيلات على الوصول المباشر إلى المسؤولين داخل مؤسسات الدولة، لتيسير شبكات النفوذ الاقتصادي والإداري، أو لتجنب أي مساءلة قانونية.
وبدوره، قال مصدر سياسي مطلع، إن "التحالفات التي تُبنى حاليا بين الميليشيات والأحزاب التقليدية تتضمن توزيعا متفقا عليه للمناصب في وزارات خدمية وأمنية، إضافة إلى السيطرة على بعض المنافذ الحدودية".
وأضاف المصدر الذي طلب حجب اسمه لـ"إرم نيوز" أن "اجتماعات غير معلنة جرت خلال الأسابيع الماضية، شاركت فيها شخصيات سياسية، وتم خلالها الاتفاق على دمج بعض المجموعات المسلحة ضمن قوائم انتخابية تحت أسماء مدنية".
وأشار إلى أن "بعض هذه التفاهمات تتضمن التزامات تتعلق بالتعيينات في الدرجات الخاصة، وتحديد أسماء مديرين عامين بعد الانتخابات".
ورغم وجود نصوص قانونية تمنع مشاركة الأحزاب التي تمتلك أجنحة مسلحة في الانتخابات، فإن الميليشيات تواصل البحث عن ثغرات للتحايل على هذه القوانين، سواء عبر تسجيل كيانات سياسية جديدة، أو من خلال الفصل الشكلي بين الجناح السياسي والجناح العسكري داخل التشكيلة نفسها.
في المقابل، تواجه المفوضية العليا المستقلة للانتخابات صعوبات كبيرة في تطبيق هذه القوانين، في ظل تنامي النفوذ السياسي والاقتصادي لتلك الميلشيات داخل مؤسسات الدولة؛ ما يحدّ من قدرتها على اتخاذ قرارات حازمة أو فرض رقابة حقيقية على سير العملية الانتخابية.
وبدوره، يرى الخبير في الشأن الانتخابي، أحمد العبيدي أن "المشكلة لا تكمن فقط في مشاركة الميليشيات بالانتخابات، بل في قدرتها على تغيير قواعد المنافسة نفسها، فهي لا تخوض الانتخابات كغيرها من الأحزاب، بل تأتي وهي تملك أدوات ضغط وتأثير خارج الصندوق الانتخابي".
وأضاف العبيدي لـ"إرم نيوز" أن "بعض هذه الجماعات باتت تعتمد على شبكات إلكترونية ومنصات إعلامية تموَّل بشكل مباشر لإدارة الحملات، والتأثير على مزاج الناخب، وتخويف المنافسين؛ ما يعني أن المعركة تجري في الظل، قبل أن تصل إلى صندوق الاقتراع".