رئيسة وزراء إيطاليا: على أوروبا الدفاع عن نفسها حال اندلاع حرب تجارية مع أميركا
اعتبر خبراء سياسيون فرنسيون أن قرار الجزائر منع دبلوماسييها من السفر إلى فرنسا يعكس تصاعد الخلافات بين البلدين، خاصة في ظل سلسلة من الإجراءات التقييدية المتبادلة، كما اعتبروا أن فرنسا بحاجة إلى إعادة تقييم سياستها تجاه الجزائر.
وفي خطوة غير مسبوقة، أصدرت الجزائر توجيهًا صارمًا يمنع دبلوماسييها وعائلاتهم من السفر إلى فرنسا حتى إشعار آخر. هذه التعليمات تأتي في وقت تتصاعد فيه التوترات بين البلدين، والتي تفاقمت بسبب قرارات متبادلة تعكس تدهور العلاقات الدبلوماسية.
ويرى المحلل السياسي الفرنسي بيير لوكاس، الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (IRIS)، في تصريح لـ"إرم نيوز" أن "التوتر بين باريس والجزائر لم يعد مجرد خلاف سياسي عابر، بل بات جزءًا من مسار تصعيدي قد يؤثر على ملفات أخرى، مثل التعاون الأمني والهجرة".
وأضاف بيير لوكاس أن العلاقات الفرنسية الجزائرية تمر بمرحلة حساسة، إذ تحولت الخلافات حول قضايا الهجرة والتأشيرات إلى أزمة دبلوماسية متكاملة تهدد بإضعاف التعاون في مجالات أخرى مثل الأمن والتجارة والطاقة.
وأوضح لوكاس أن "الجزائر تتبنى نهجًا أكثر استقلالية في سياستها الخارجية، وتسعى إلى إعادة رسم علاقتها مع باريس على أسس جديدة، بعيدًا عن النفوذ الفرنسي التقليدي. كما أن قرار منع سفر الدبلوماسيين يعكس رغبة الجزائر في إرسال رسالة واضحة إلى فرنسا بأنها لم تعد تتقبل الضغوط أو الإملاءات".
من جهته، أكد جان كلود مارتان، الخبير في مؤسسة جان جوريس للأبحاث السياسية، لـ"إرم نيوز" أن "الإجراءات المتبادلة بين البلدين تعكس فقدان الثقة المتزايد، مما قد يؤدي إلى تعقيد أي محاولات دبلوماسية مستقبلية لإعادة التوازن إلى العلاقات الثنائية".
وأضاف أن "فقدان الثقة بين الطرفين قد يجعل أي محاولات دبلوماسية لإعادة التوازن أكثر تعقيدًا".
ورأى مارتان أن "فرنسا لطالما تعاملت مع الجزائر باعتبارها شريكًا استراتيجيًا، لكن السياسات الفرنسية الأخيرة تجاه الهجرة، بالإضافة إلى الخطاب السياسي المتشدد من شخصيات مثل برونو ريتايو، جعلت الجزائر ترى في باريس طرفًا غير موثوق به".
وأشار مارتان إلى أن الأزمة الحالية قد تؤثر أيضًا على العلاقات الاقتصادية بين البلدين، خاصة أن فرنسا لا تزال واحدة من أهم الشركاء التجاريين للجزائر، رغم تراجع النفوذ الفرنسي لصالح قوى أخرى مثل الصين وتركيا.
ويرى مارتان أن "فرنسا بحاجة إلى إعادة تقييم سياستها تجاه الجزائر، لأن استمرار التصعيد قد يدفع الجزائر إلى تقليص التعاون الاقتصادي والأمني مع باريس، وهو ما قد تكون له تداعيات طويلة الأمد على المصالح الفرنسية في المنطقة".
ووفقًا لصحيفة "لوموند أفريك"، فقد أصدرت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية توجيهًا يمنع "أي سفر شخصي أو سياحي إلى فرنسا للدبلوماسيين وعائلاتهم حتى إشعار آخر، بما في ذلك الترانزيت عبر المطارات الفرنسية".
وتُعتبر هذه التعليمات، الصادرة في 13 مارس/آذار 2025، "إلزامية"، مع تحذير من فرض "عقوبات تأديبية" على المخالفين، بحسب ما أوردته صحيفة "لو ماتان دالجيري".
علاقات دبلوماسية متوترة
التوتر بين باريس والجزائر آخذ في التصاعد، إذ تتخذ كل دولة إجراءات مضادة تعكس غياب أي تقارب دبلوماسي. ففي منتصف فبراير، دعا وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو إلى "توازن قوى" مع الجزائر، متهمًا إياها بعدم التعاون في استعادة مواطنيها الذين صدرت بحقهم قرارات ترحيل من فرنسا.
من جهته، حاول وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو التأكيد على أهمية الحوار الديمقراطي، لكن الجزائر استمرت في رفض استقبال مواطنيها المرحّلين، ما دفع فرنسا إلى تعليق إعفاء التأشيرة لحاملي الجوازات الدبلوماسية الجزائرية.
وجاءت هذه التطورات في سياق اعتقال الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال في الجزائر يوم 16 نوفمبر 2024، والحكم عليه بالسجن لمدة 5 سنوات في 27 مارس 2025. هذا القرار القضائي أثار استنكارًا واسعًا في الأوساط السياسية الفرنسية، ليزيد من حدة الخلاف بين البلدين.