الدفاع المدني بغزة: 200 ألف مواطن في جباليا يواجهون خطر الموت بالقصف الإسرائيلي أو الجوع والعطش

logo
العالم العربي

كيف تحولت محنة النازحين إلى "بازار للمساومة" في حسابات حزب الله؟

كيف تحولت محنة النازحين إلى "بازار للمساومة" في حسابات حزب الله؟
مأوى يستضيف النازحين الذين فروا من القرى اللبنانية الجنوبيةالمصدر: رويترز
08 أكتوبر 2024، 12:50 م

اعتادت شخصيات ورموز ما يسمى بـ "محور المقاومة" على تحويل الهزائم إلى انتصارات، واستغلال محنة المدنيين، المغلوبين على أمرهم، في رفع رصيدهم والتباهي ببطولاتهم الوهمية.

ولعل آخر ما ظهر في هذا السياق، هو ما جاء في كلمة نائب الامين العام لحزب الله نعيم قاسم الذي كرر الشعارات والكليشيهات ذاتها على مسامِع أنصار الحزب في محاولة لرفع معنوياتهم والتي باتت في الحضيض بعد الضربات الاسرائيلية القاتلة.

ويرى خبراء أن لقاسم الحق في أن يخاطب ما يسمى جمهور المقاومة باللغة التي يريدها، وأن يبيعهم الأوهام، غير أنه غير مخوّل بالحديث نيابة عن مئات الآلاف من الضحايا المدنيين الذين لا علاقة لهم بصراعات الميليشيا ولا بعنترياتها.

وكان قاسم قال في كلمته، اليوم الثلاثاء، إنه كلما طالت الحرب سيزداد مأزق "إسرائيل"، غير آبه بما تسببه الحرب من كوارث للبنانيين.

وخاطب الاسرائيليين قائلًا "محاولاتكم فاشلة وبيئة المقاومة متماسكة ونحن لدينا أشرف الناس وأعظم الناس وأهل العزم والبأس"، وأضاف "نحن ثابتون وسننتصر إن شاء الله وأنتم بنزوحكم تدفعون ثمنًا مشابهًا للثمن الذي تدفعه المقاومة".

ورأى خبراء أن هذه الخطاب ينطوي على استهتار بآلام ومعاناة النازحين الذي فروا من أراضيهم وديارهم بحثًا عن ملجأ ومكان آمن، قد يصعب إيجاده.

وأدّى القصف الاسرائيلي على جنوب لبنان وشرقه وعلى ضاحية بيروت الجنوبية، معاقل حزب الله، إلى مقتل أكثر من 1100 شخص خلال 15 يومًا، ونزوح أكثر من مليون شخص في أنحاء مختلفة في لبنان، وفق السلطات اللبنانية.

أخبار ذات علاقة

عبور أكثر من 400 ألف شخص من لبنان إلى سوريا في أسبوعين

 

وفي حين تحولت الضاحية الجنوبية من بيروت إلى مدينة أشباح، فإن المشهد في بيروت كذلك، سرعان ما تبدَّل في غضون أيام، فأصبحت ملجأ لعائلات توجّهت إلى مراكز إيواء موقتة أو لدى أقارب أو شقق مستأجرة، إضافة إلى زحمة سير خانقة كبّلت شوارعها.

ومن المتوقع أن تتضاعف أعداد النازحين وتتفاقم معاناتهم في ظل التصعيد الإسرائيلي المتواصل وغارات الطيران التي لم تعد تستهدف الجنوب فحسب، بل مناطق مختلفة في لبنان.

تجارب مماثلة

وتوقظ تجربة النزوح الأخيرة في نفوس اللبنانيين صدمات قديمة وجديدة، بينها حرب تموز/يوليو 2006 بين حزب الله وإسرائيل، وانفجار مرفأ بيروت، ناهيك عن الحرب الأهلية اللبنانية الدامية (1975-1990).

كذلك، تعيد مشاهد نزوح اللبنانيين إلى الذاكرة، مشاهد مماثلة لفلسطينيين كانوا يهربون من شمال غزة إلى جنوبها، هربًا من القصف الإسرائيلي ذاته.

وإلى جانب النزوح الداخلي في لبنان، فإن الكثير من اللبنانيين يتوجهون إلى سوريا، البلد الوحيد الذي تربطه حدود برية مع لبنان.

وأعلنت وحدة إدارة مخاطر الكوارث التابعة للحكومة اللبنانية الاثنين أن أكثر من 400 ألف شخص عبَروا مِن لبنان إلى سوريا، غالبيتهم سوريون، في غضون أسبوعين، أي منذ أن كثّفت إسرائيل غاراتها على مناطق مختلفة في لبنان.

وفي جانب من جوانب أزمة النزوح، تلقي الأوضاع المتوترة في لبنان حاليًّا، بظلال من الشكوك حول مستقبل التلاميذ والطلاب في البلاد، ففي الوقت الذي فُتحت فيه المدارس والمعاهد، لإيواء النازحين في صور وصيدا وغيرهما من المناطق المجاورة، لايعرف أهالي الطلاب والتلاميذ النازحون، إلى أين سيمضي أبناؤهم في مسيرتهم التعليمية.

ويرى خبراء، أن هذه الموجة الواسعة من النزوح في لبنان، تطرح تساؤلات قوية، بشأن سعي إسرائيل، لخلق ما يسمونه بمعادلة التهجير المتبادل، على جانبي الحدود بين إسرائيل ولبنان، وما إذا كان ذلك يمهد لموقف إسرائيلي يسعى لإعادة النازحين في مناطق الشمال الإسرائيلي، مقابل إعادة النازحين اللبنانيين إلى مناطق الجنوب اللبناني.

أخبار ذات علاقة

من غزة إلى لبنان.. هكذا توسعت دائرة الصراع خلال عام

 

وكانت المواجهات الحدودية، التي اندلعت بين إسرائيل وحزب الله، منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أدَّت إلى إجلاء 60 ألفًا من سكان شمال إسرائيل من منازلهم، وقد باتت إعادتهم إلى منازلهم هدفًا مُلحًّا، يتحدث عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزراؤه دومًا.

وبدلًا من أن تسعى ميليشيا حزب الله إلى تخفيف معاناة النازحين وتبحث عن صيغ وتفاهمات وتسويات تعيدهم إلى ديارهم، فإنها تمتدح "مأساة النزوح" وتعتبرها نوعًا من المقاومة.

ويرى خبراء أن هذه اللغة تكشف عن استهانة الحزب بمحنة اللاجئين، والاهتمام بدلًا من ذلك بالحسابات الحزبية الضيقة.

ويضيف الخبراء أن الحزب الذي قام بتكديس الأسلحة والذخائر في أماكن قريبة من بيوت ومنازل المدنيين، وهي الذريعة التي تكررها اسرائيل مرارًا عند قصفها لهذه المنطقة أو تلك، لن يهتم بالطبع بما سيحل بأولئك المدنيين الذين تحولوا إلى "دروع بشرية" دون علمهم.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC