الجيش الإسرائيلي يقتحم البلدة القديمة في نابلس شمالي الضفة الغربية
يشهد لبنان في الآونة الأخيرة سجالاً حول مقترح تحويله إلى دائرة انتخابية واحدة، وهو ما يُعتبر من بين القضايا الأكثر إثارة للجدل في المشهد السياسي اللبناني.
وبينما يعتبر بعض الخبراء هذا المقترح خطوة نحو تعزيز التمثيل العادل وتعزيز روح المواطنة، يراه آخرون تهديداً للوضع السياسي القائم وتوازن القوى بين الطوائف المختلفة.
ويرى البعض أن اعتماد الدائرة الواحدة يمكن أن يسهم في إلغاء الطائفية السياسية وإحياء خطاب وطني موحد، في حين يرى آخرون أن هذا الاقتراح قد يزيد تفاقم التوترات المذهبية ويعزز الفروقات العددية بين الفئات السياسية والطائفية.
ويُعتقد أن القانون الانتخابي الذي يعتمد الدائرة الواحدة قد يسهم في نقل لبنان إلى مرحلة سياسية أكثر استقراراً، حيث يمنح كل المواطنين القدرة على التأثير في اختيار ممثليهم بعيداً عن الاعتبارات الطائفية.
في المقابل، هناك مخاوف من أن هذا النظام قد يعزز الهيمنة السياسية لمجموعات معينة ويضعف تمثيل الأقليات.
الأستاذ المحاضر في القانون الدولي، الدكتور محمد حيدر، قال إن مقترح قانون الانتخاب الجديد الذي يعتمد لبنان دائرة انتخابية واحدة يتطلب، كشرط أساس، اعتماد قانون يراعي صحة التمثيل وعدالته، إلى جانب تحقيق المساواة بين المواطنين، سواء كانوا ناخبين أو مرشحين.
وأوضح في حديثه لـ "إرم نيوز" أن لبنان اتبع في عام 2017 النظام النسبي بدلاً من النظام الأكثري، وهو ما شكّل نقلة نوعية، لكنه لم يكن مثاليًا نظرًا لتقسيم الدوائر الانتخابية إلى 15 دائرة، ما خلق تفاوتًا واضحًا في حجمها وتداخلها وتأثيرها.
وأضاف أن هذا التقسيم إلى 15 دائرة يعزز الانقسامات السياسية والطائفية، في حين أن اعتماد الدائرة الواحدة قد يكون مدخلًا لإلغاء الطائفية السياسية ونقلها من حيز النقاش النظري إلى التطبيق العملي، ومع ذلك، فإن التركيبة الديمغرافية اللبنانية قد تجعل هذا المقترح مثارًا للهواجس لدى بعض الفئات التي تخشى تأثير الحساب العددي على تمثيلها السياسي.
وأكد حيدر أن قانون الدائرة الواحدة يمكن أن يكون اللبنة الأولى لإلغاء الطائفية السياسية، كما نصّ عليه اتفاق الطائف الذي دعا إلى إنشاء مجلس شيوخ غير طائفي بعد أول انتخابات نيابية تُجرى وفق هذا الأساس.
وأشار إلى أن هناك من يعتبر الدائرة الواحدة وسيلة لتعزيز المواطنة وإحياء العملية السياسية وتوسيع آفاق التمثيل الوطني، بعيدًا عن الخطاب الطائفي.
وأقر حيدر بوجود هواجس متعلقة بالتفاوت العددي، لكنه يرى أن هذه المخاوف قد تنتفي إذا كان التصويت على أساس وطني جامع بدلاً من الطائفي، مشيراً إلى أن المجلس النيابي الحالي يقوم أساساً على المناصفة الطائفية.
وذكر أن الانتخابات المقبلة قد تُجرى وفق القانون النسبي الصادر في 2017 مع احتمال إدخال تعديلات طفيفة، إلا إذا حدث توافق سياسي مفاجئ على قانون جديد.
من جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي عامر ملاعب أن طرح قانون الانتخاب في لبنان غالباً ما يُستغل لإثارة الجدل، باعتباره أداة تحدد مسار الحياة السياسية، لكنه في الواقع يُفصَّل على مقاس القوى الطائفية والسياسية التي تسيطر على السلطة.
وأوضح في حديثه لـ "إرم نيوز" أن القانون النسبي يُعتبر من أفضل القوانين الانتخابية عالمياً، خاصة عند تطبيقه على مستوى دائرة موسعة، لكنه في لبنان يتحول إلى أداة حساسة قد تزيد الانقسامات الطائفية.
وأشار إلى أن طرح النظام النسبي في بلد ذي تركيبة طائفية معقدة يشبه "اللغم"، إذ قد يؤدي إلى ظهور أكثريات وأقليات مذهبية تثير مخاوف بعض القوى السياسية، لا سيما المسيحية، التي شهدت تراجعاً ديمغرافياً خلال العقود الثلاثة الماضية.
وأوضح ملاعب أن طرح رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري قانون النسبية يحمل أهدافًا سياسية أبعد من مجرد إصلاح انتخابي، إذ يُستخدم كوسيلة ضغط على القوى المسيحية، بينما تجري تسويات خلف الكواليس.
وأضاف أن التعديل المحتمل للقانون النسبي الحالي قد يشمل السماح لكل مواطن باستخدام صوتين تفضيليين؛ ما يعزز فرص هيمنة اللوائح الكبرى على نتائج الانتخابات.