انقطاع الكهرباء عن كافة أنحاء سوريا جراء عدة أعطال
وسط تصاعد الضغوط الأمريكية والفرنسية، تتجه الأنظار إلى المساعي الجارية لتوحيد موقف الأكراد في سوريا، وتحديدًا بين المجلس الوطني الكردي وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في خطوة تهدف إلى تعزيز موقعهم التفاوضي قبل بدء تنفيذ اتفاق "الشرع وعبدي".
ورغم الجهود السابقة التي حاولت تحقيق المصالحة بين الأطراف الكردية، لا تزال المفاوضات تعاني من تعقيدات سياسية تعكس الانقسامات العميقة بين الفاعلين.
ويرى خبراء أن التحركات الأخيرة، خاصة اللقاء الذي جمع بين زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، وقائد "قسد" مظلوم عبدي، وانسحاب المجلس الوطني الكردي من الائتلاف السوري المعارض، قد شكلت نقاط تحول أساسية في إعادة فتح ملف التوافق الكردي.
في المقابل، لا تزال العوامل الإقليمية والدولية تلعب دورًا حاسمًا في مسار هذه المحادثات، وسط ترقب لما ستؤول إليه الاجتماعات التي انطلقت في الحسكة.
فما هي فرص نجاح هذه المساعي؟ وهل ستتمكن الضغوط الدولية من تجاوز العقبات الداخلية وتحقيق وحدة سياسية كردية قادرة على التأثير في المشهد السوري المقبل؟
في هذا السياق، قال نائب رئيس مجلس سوريا الديمقراطية، أمجد عثمان، إن أطرافًا عديدة بادرت منذ سنوات لتحقيق المصالحة بين الأطراف الكردية المنقسمة سياسيًا في سوريا.
وأوضح عثمان، لـ"إرم نيوز"، أن القوى الكردستانية، مثل الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة الراحل جلال طالباني، وحزب العمال الكردستاني، حاولت منذ العام 2013 توحيد الموقف السياسي للكرد في سوريا، لكن هذه المحاولات لم تحقق نتائج ملموسة.
وأضاف أن المجلس الوطني الكردي بقي رافضًا لمشروع الإدارة الذاتية، مفضلًا الانخراط في صفوف الائتلاف السوري الموالي لتركيا.
وأشار عثمان إلى أنه في نوفمبر من العام 2019، أطلق قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مظلوم عبدي، مبادرته لتوحيد الصف السياسي للكرد في سوريا، مستفيدًا من علاقاته القوية بالتحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، وهو ما منح مبادرته دعمًا أمريكيًا وفرنسيًا مستمرًا، لكنها بقيت متعثرة نتيجة التزام المجلس الوطني الكردي بسياسات الائتلاف.
وأوضح عثمان أن التطورات الأخيرة التي دفعت باتجاه تحريك عجلة التوافق الكردي، تمثلت في اللقاء الذي جمع مسعود البارزاني والجنرال مظلوم عبدي في يناير 2025، ثم انسحاب المجلس الوطني الكردي من الائتلاف السوري، بالإضافة إلى الإقصاء الذي مارسته اللجنة التحضيرية للحوار الوطني السوري في دمشق، والإعلان الدستوري الجديد الذي لم يتضمن أي بنود تتعلق بحقوق الكرد السياسية في سوريا.
وأكد عثمان أن أي اتفاق سيتم التوصل إليه من شأنه تعزيز الموقع التفاوضي للكرد مع دمشق، مشيرًا إلى أن ما تم تحقيقه حتى الآن هو الاتفاق على مبادئ سياسية مشتركة، من المزمع الإعلان عنها عبر مؤتمر قومي للأكراد في سوريا.
من جانبه، قال ممثل الإدارة الذاتية الكردية في لبنان، عبد السلام أحمد، إن هناك جهودًا مكثفة لترتيب البيت الكردي، لافتًا إلى أن الأطراف السياسية الكردية سبق أن توصلت إلى اتفاقات مع بداية الأزمة السورية، تحديدًا في اتفاقية "هولير 1 و2" لعام 2012، لكن التدخلات الإقليمية آنذاك حالت دون نجاحها.
وأضاف أحمد، لـ"إرم نيوز"، أن زيارة قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي إلى إقليم كردستان ولقائه مسعود البارزاني أعادت فتح باب النقاش مجددًا حول توحيد الموقف الكردي، خاصة بعد سقوط النظام السوري السابق في دمشق، وهو ما عزز الحاجة إلى موقف كردي موحد لمواجهة المتغيرات السياسية المتسارعة.
وأوضح أنه رغم عدم الإعلان عن اتفاق نهائي حتى الآن، فإن المباحثات الأخيرة كانت إيجابية، وهناك أمل كبير في تجاوز الخلافات، وتوحيد الموقف الكردي في هذه المرحلة المصيرية التي يمر بها الشعب الكردي.
ويبقى الموقف الأمريكي والفرنسي رهنًا بمدى قدرتهما على إنجاح جهود توحيد الصف الكردي، تمهيدًا للمرحلة المقبلة، خصوصًا مع بدء اجتماعات اللجنة التي شكلتها دمشق، والتي بدأت أعمالها في مدينة الحسكة شرق سوريا.