البيت الأبيض: واشنطن قضت على قيادات حوثية كبيرة واستهدفت مصانع أسلحة
تحت خيام مؤقتة نُصبت في قلب غزة، يترقب آلاف الفلسطينيين بفارغ الصبر لحظة الإعلان عن وقف إطلاق النار، تلك اللحظة التي ستعيد لهم الأمل في العودة إلى ديارهم التي هُجروا منها بفعل الحرب.
يعيش هؤلاء النازحون بين قسوة الواقع وأمل العودة، محاولين التمسك بكرامتهم وحياتهم وسط ظروف بالغة الصعوبة.
تأتي هذه المشاهد في ظل نزوح جماعي غير مسبوق لسكان القطاع، الذين اضطروا لمغادرة منازلهم بحثًا عن الأمان، بينما تلوح في الأفق آمال ضئيلة بالعودة، مع دخول الهدنة المنتظرة حيّز التنفيذ.
العودة إلى المجهول
منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، نزحت غالبية سكان غزة البالغ عددهم الإجمالي 2.4 مليون نسمة مرة واحدة على الأقل إلى أنحاء أخرى من القطاع.
ومع ترقّب دخول اتفاق الهدنة الذي طال انتظاره حيّز التنفيذ الأحد، قد يتمكن هؤلاء من العودة إلى أحيائهم.
تعيش أم خليل بكر مع عائلتها في مخيم النصيرات، حيث بذل نازحون فلسطينيون قصارى جهدهم لعيش حياة أشبه بالطبيعية، على الرغم من الحرب.
في المخيّم، يُعدّون الخبز في أفران طين بدائية، ويلعبون الورق لتمضية الوقت عندما يتوقف القصف، ويكنسون الشوارع.
إذا ترسّخ وقف إطلاق النار، فسيبدأ الناس بالعودة إلى أحيائهم، على الرغم من المجهول الذي ينتظرهم، وقالت أم خليل "سآخذ خيمتي وأزيل ركام البيت، وأنصب الخيمة على الركام حيث سأعيش مع أولادي، 10 أشخاص"، وفقاً لوكالة "فرانس برس".
وتابعت: "نعلم أن الطقس سيكون باردًا، ولن يكون لدينا بطانيات، لكن المهم هو أن نعود إلى وطننا، إلى بلدنا".
يشاركها نازحون آخرون يؤويهم المخيم تصميمها على إعادة بناء حياتها على الرغم من الدمار الهائل الذي سبّبته الحرب الدائرة منذ 15 شهرًا.
ووفق أم محمد الطويل، أيا تكن أوضاع المنازل، تبقى مشقّة العيش في المخيم أسوأ بكثير.
وقالت: "سنعود أيا تكن المصاعب التي قد نواجهها. سنعود"، وأضافت: "هذه ليست حياة، وليست عيشة".
سنأخذ الخيمة
على بعد بضعة كيلومترات إلى الجنوب، في دير البلح، كانت عائلة مقاط تحزم أمتعتها القليلة في صناديق كرتون استعدادًا للعودة إلى بيت لاهيا في شمال قطاع غزة.
تبحث العائلة عن شاحنة لتقلّها إلى المنزل، وفق فاطمة مقاط، التي أوضحت: "سنأخذ الخيمة معنا... ونعيش فيها تمامًا كما بقينا هنا داخل الخيمة".
وأضافت: "هناك سنعيش في الخيمة حتى يجدوا لنا حلًا لإعادة الإعمار".
لم تدخل الهدنة بعد حيّز التنفيذ، ولم تنحسر بعد أعمال العنف.
وقال الدفاع المدني في غزة الجمعة، إن 113 شخصًا على الأقل قتلوا في ضربات إسرائيلية للقطاع منذ إعلان قطر والولايات المتحدة التوصل لاتفاق.
حجم الدمار اللاحق بغزة من جراء الضربات الجوية والقصف المدفعي وقتال الشوارع يؤشر إلى أن إعادة الإعمار قد تستغرق أكثر من 5 سنوات، وفق وكالات دولية.
وقالت منظمة الصحة العالمية إن إعادة بناء النظام الصحي وحده ستكلف عشرة مليارات دولار، وتستغرق ما بين 5 و7 سنوات.
وبحسب آخر تقييم للأضرار أجراه مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية (يونوسات)، فقد تضرّر، حتى الأول من كانون الأول/ديسمبر، أو دُمّر ما يقرب من 69% من مباني القطاع، أي ما مجموعه 170,812 مبنى.
ووفق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن إعادة الإعمار قد لا تنجز قبل العام 2040.
الموت أفضل من النزوح
الحرب في غزة أشعل فتيلها هجوم غير مسبوق شنّته حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، تسبّب الهجوم بمقتل 1,210 أشخاص، معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد لفرانس برس استنادًا إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
وخُطف خلال الهجوم 251 شخصًا، ما زال 94 منهم محتجزين في قطاع غزة، فيما أعلن الجيش مقتل أو وفاة 34 منهم.
وقُتل أكثر من 46,876 فلسطينيًا، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة في غزة، تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
شدّدت مقاط على أن الأمر الأصعب تخطيه هو الحزن على الأرواح التي أزهقت في الحرب.
وقالت مقاط: "غزة دمّرت وأعيد إعمارها مئات المرات... المنازل يمكن استبدالها، لكن الأشخاص لا يمكن استبدالهم".
في النصيرات، يتوق نصر الغرابلي للعودة إلى منزله، ويقول: "أنتظر صباح يوم الأحد حين سيُعلنون وقف إطلاق النار لأكون أول من يدخل قطاع غزة. سأقبّل أرضي. أنا نادم بشدّة على مغادرة قطاع غزة وأرضي. لو متّ في أرضي لكان ذلك أفضل من النزوح".