الجيش الأوكراني: روسيا أطلقت 96 مسيرة و3 صواريخ خلال الليل
رغم التوتر المتصاعد في الملف الأوكراني الروسي، ورغبة بعض الأطراف الدولية في إيجاد مخرج سياسي للأزمة، يبدو أن زيارة كبير مفاوضي روسيا إلى واشنطن، رغم رمزيتها وارتباطها بمحاولة إعادة تنشيط بعض القنوات الاقتصادية والدبلوماسية، لم تحمل جديدًا على صعيد الحل السياسي، خاصة وأنها لم تُثمر عن نتائج ملموسة.
وزاد من ضبابية المشهد تصريح صدر حديثًا عن الكرملين، أفاد بأنه لا توجد في الوقت الراهن أي نية لإجراء محادثة هاتفية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأمريكي دونالد ترامب.
وأعلن ديميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، أن ما يُشاع حول اتصالات هاتفية بين بوتين وترامب لا أساس له من الصحة، واصفًا ما نُشر بأنه "مجرد خيال".
ورغم استعداد الكرملين، بحسب بيسكوف، للتواصل مع ترامب في حال تلقّي إشارات واضحة من واشنطن، بيد أن التصريحات الرسمية لم تُظهر حتى الآن أي خطوات عملية لفتح قناة اتصال مباشرة بين الزعيمين.
وكشفت وسائل الإعلام الغربية أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورغم الخطاب الإعلامي حول نيتها لعب دور في إنهاء الحرب، لا تزال عاجزة عن إحداث تحوّل فعلي في مواقف موسكو، أو حتى بدء حوار مباشر على أعلى مستوى.
وفي ظل هذا الجمود، يرى المراقبون أن غياب الاتصال المباشر بين بوتين وترامب بعد زيارة المبعوث الروسي، وعدم تحقيق نتائج مرضية من هذه الزيارة، يُشير إلى أن فرص وقف الحرب الأوكرانية من خلال الوساطة الأمريكية ضعيفة، وأن ملف التسوية قد يبقى معلقًا إلى أجل غير مسمى.
وأكد الخبراء أن التعامل الأمريكي مع الملف الأوكراني بلغة التهديد يُسهم في تعميق الفجوة بين واشنطن وموسكو، وأن روسيا ترفض هذا الأسلوب وتعتبره استفزازيًا.
ويرى الخبراء، في تصريحات خاصة لـ«إرم نيوز»، أن الدعم الأمريكي لأوكرانيا بالسلاح والمعلومات لا يهدف إلى إنهاء الحرب، بل إلى إطالة أمدها لتحقيق مكاسب استراتيجية، لا سيما أن واشنطن ليست طرفًا محايدًا بل إنها بمثابة شريك في الحرب.
وأشار الخبراء إلى أن اللقاءات الجارية بين واشنطن وموسكو تمثل مؤشرًا إيجابيًا، خاصة مع تجاوز بعض النقاط الخلافية والتركيز على الملفات الاستراتيجية المشتركة، إلا أنهم حذروا من أن أي تقارب قد يكون على حساب المصالح الأوكرانية.
توتر العلاقات مع موسكو
قال بسام البني، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، إن استخدام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لخطاب التهديد والوعيد أدى إلى توتر في العلاقة مع موسكو، وبأن هذا النهج مرفوض تمامًا من قبل روسيا.
وأكد البني، في تصريحات خاصة لـ«إرم نيوز»، أن لغة الند والمصالح المشتركة قد تفتح باب الحوار، لكن التصعيد اللفظي لا يحظى بأي استجابة من الجانب الروسي، وأن استمرار الولايات المتحدة في تزويد أوكرانيا بالمعلومات الاستخباراتية والأسلحة لا يعني بالضرورة قدرتها على إنهاء الحرب، بل يعكس سعيًا لإطالة أمدها لفرض شروطها على موسكو.
واعتبر البني أن واشنطن تقدم نفسها كوسيط، لكنها في الواقع تعد طرفا مباشرا في النزاع، مستدلًا بتصريحات وزير الخارجية الأمريكي التي أكدت هذه المشاركة بوضوح.
تقييم الاتصالات
من جانبه، أكد رئيس المركز الأوكراني للحوار، د. عماد أبو الرب، وجود حذر كبير في تقييم الاتصالات الجارية بين موسكو وواشنطن، خاصةً أن زيارة المبعوث الروسي الأخيرة إلى الولايات المتحدة تم التعامل معها بحذر بالغ، إذ تم تجاوز النقاط الخلافية والتركيز على الملفات المشتركة مثل القطب الشمالي، واتفاقية المعادن، والمصالح الاستراتيجية.
وقال أبو الرب، في تصريحات خاصة لـ«إرم نيوز»، إن الجانبين يترقبان نتائج هذه الزيارة قبل اتخاذ أي خطوات لاحقة، وبأن مجرد عقد اللقاءات يمثل تقدمًا مقارنة بفترة إدارة الرئيس السابق جو بايدن.
ولفت إلى أن هناك إدراكًا مشتركًا بوجود خلافات عميقة، إلا أن الطرفين يسعيان لاستخلاص أكبر قدر من الفوائد من أي تقارب محتمل، حتى وإن كان ذلك على حساب الطموحات الأوكرانية.
تباطؤ في مسار التسوية
من جانبه، أوضح رامي القليوبي، الأستاذ الزائر في كلية الاستشراق بالمدرسة العليا للاقتصاد في موسكو، أن الإعلان عن عدم وجود نية لعقد اتصال هاتفي بين بوتين وترامب يشير إلى تباطؤ كبير في مسار التسوية.
وأشار لـ"إرم نيوز" إلى أن الضغوط الأمريكية تتزايد، بينما تظل نتائج زيارة المبعوث الروسي إلى واشنطن متواضعة للغاية، إذ لم تثمر عن أي اتفاقات ملموسة سوى الحديث عن إرسال صندوق الاستثمار المباشر الروسي ليكون واجهة للتواصل مع الغرب.
وأوضح القليوبي أن أزمة أوكرانيا تتسم بتعقيد كبير نتيجة تشبث كل طرف بمطالبه، دون إبداء أي مرونة حقيقية أو رغبة في تقديم تنازلات.
وخلص الأستاذ بكلية الاقتصاد الروسية إلى أن عملية التسوية مرشحة للاستمرار لفترة طويلة، ما لم تحدث تحولات جوهرية في المواقف.