logo
العالم

لقاء الدالاي لاما.. هل تسعى واشنطن لإثارة ملف التبت لاستفزاز خصمها الصيني؟

لقاء الدالاي لاما.. هل تسعى واشنطن لإثارة ملف التبت لاستفزاز خصمها الصيني؟
الدالاي لاماالمصدر: رويترز
22 أغسطس 2024، 3:25 م

تثير تزايد النفوذ الصيني، وتصاعد مكانتها الاقتصادية، حفيظة واشنطن التي تبحث دومًا عن سبل؛ لكبح اندفاع التنين الصيني.

ويوجد ملفات وأوراق ضغط كثيرة تستطيع الولايات المتحدة توظيفها وإشهارها في وجه الخصم، من بينها ملف التبت الذي يعدُّ أحد أكثر القضايا الخلافية تعقيدًا بين واشنطن وبكين.

وضمن هذا المسعى الأمريكي، يأتي لقاء مسؤولين أميركيين كبار بالزعيم الروحي للتبتيين المقيم في المنفى الدالاي لاما، أمس الأربعاء، في نيويورك.

واجتمع الدالاي لاما، الذي تعدُّه بكين انفصاليًّا، بالمسؤولة في وزارة الخارجية أوزرا زيا، والمسؤولة في مجلس الأمن القومي كيلي رزّوق في نيويورك، إذ يتعافى الزعيم الروحي البالغ من العمر 89 عامًا من جراحة في ركبتيه. 

وخلال اللقاء، أكدت زيا "مجددًا التزام الولايات المتحدة بتعزيز حقوق الإنسان للتبتيين ودعم الجهود الرامية للحفاظ على إرثهم التاريخي واللغوي والثقافي والديني المتميز".

وردًّا على اللقاء، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، اليوم الخميس، إن بلاده تعارض بشدة أي دولة تسمح للدالاي لاما بإجراء زيارات تحت أي ذريعة. 

وأضاف المتحدث في إفادة صحافية أن الصين "قدمت احتجاجًا رسميًّا للولايات المتحدة، نحن لا نسمح للدالاي لاما بالانخراط في أنشطة انفصالية سياسية في الولايات المتحدة".

أخبار ذات علاقة

التبت.."سقف العالم" يبوح بأسرار الطبيعة والروحانيات (فيديو إرم)

 
في يونيو/ حزيران الماضي، جددت الصين موقفها الرافض لأيّ اتصال بينها وبين الدالاي لاما ما لم يعدل آراءه السياسية، وأكدت رفضها لأي اتصال بينه وبين الولايات المتحدة، وذلك على خلفية زيارة مشرعين أميركيين مدينة دارامسالا في شمالي الهند، إذ يقيم الدالاي لاما. 

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن وقع، قبل نحو شهرين، على مشروع قانون "تعزيز حلّ النزاع بين التبت والصين"، الذي تضمّن عدة نقاط أبرزها السعي إلى تعزيز الحوار، من دون شروط مسبقة، بين الصين والدالاي لاما أو ممثّليه.

وسبق للصين والتبت أن دخلتا في حوار لمعالجة مسألة التبت بدءًا من العام 2002، ولكنها توقّفت في العام 2010.

 وبعد 9 جولات من المباحثات، لم يصل الطرفان إلى أيّ نتائج ملموسة.

ورقة ضغط

وتثير واشنطن بين الحين والآخر هذه القضية في إطار التنافس مع الصين، وبهذا المعنى ووفقًا لخبراء، فإن قضية التبت تمثل ورقة ضغط إضافية بيد الولايات المتحدة الأميركية لاستفزاز الصين إلى جانب أوراق أخرى كقضية تايوان.

ويعرب الخبراء عن اعتقادهم أن التحرك الأمريكي في هذه إطار قضية التبت لا ينبع من حرصها على حقوق الإنسان، وعلى قيم الديمقراطية بقدر ما ينبع من محاولاتها عرقلة تقدم الصين التي تنافسها في مختلف الحقول.

رغم أن واشنطن تبحث في النهاية عن صالحها، غير أن ذلك لا يعني أن الأمور في التيبت على ما يرام، فبحسب تقارير حقوقية، تفرض بكين قيودًا مشددة على التيبت التي تعدُّها جزءًا لا يتجزأ من أراضيها، وتندد بالدالاي لاما الذي يطالب بمزيد من الحكم الذاتي للتيبت وتعدُّه انفصاليًّا.

نبذة تاريخية

كانت التيبت تُدار بوصفها دولة مستقلة أو شبه مستقلة على مدى قرون، وكانت تعدُّ بمنزلة دولة بوذية يحكمها الدالاي لاما، وهو الزعيم الروحي والسياسي للتيبت.

ولكن في عام 1950، دخلت القوات الصينية إلى التبت، ووُقِّعَت اتفاقية بين الصين والتيبت عُرفت بـ "اتفاقية الـ 17 نقطة" التي أكدت السيادة الصينية على التيبت، ولكنها وعدت بالحفاظ على النظام البوذي واستقلالية التيبت في بعض الأمور الداخلية.

في السنوات التالية، شعر كثير من التيبتيين بأن الصين لم تحترم الاتفاقية، ما أدى إلى تزايد التوترات، ففي عام 1959 اندلعت ثورة ضد الحكم الصيني في التيبت، ولكنها فشلت، واضطر الدالاي لاما إلى الفرار إلى الهند، حيث أسس حكومة تيبتية في المنفى.

وتعدُّ الصين الدالاي لاما هو رمز للانفصال والتطرف، وتتهمه بمحاولة فصل التيبت عن الصين، فمن وجهة النظر الصينية، الدالاي لاما ليس فقط زعيمًا دينيًّا، بل قائدًا سياسيًّا يسعى إلى تقسيم الأراضي الصينية.

أما من المنظور التبتي، يُعدُّ الدالاي لاما رمزًا للهوية الثقافية والدينية للشعب التيبتي، ويطالب الدالاي لاما بحكم ذاتي حقيقي للتيبت في إطار سيادة الصين، ولكنه ينكر السعي إلى الاستقلال الكامل.

ومنذ فراره إلى الهند، أصبح الدالاي لاما رمزًا عالميًّا للنضال السلمي والحقوق الثقافية والدينية، وهو يدعو إلى الحوار مع الصين لحل النزاع، ولكن من دون نجاح كبير حتى الآن.

القضية التبتية لها أبعاد دينية وثقافية وسياسية، وهي تمثل صراعًا أوسع حول حقوق الأقليات والحكم الذاتي في مواجهة سلطة الدولة المركزية. 

وحصل الدالاي لاما الحالي (وهو الرابع عشر) على جائزة نوبل للسلام عام 1989 تقديرًا لجهوده في الدعوة إلى حل سلمي للنزاع التيبتي - الصيني ولعمله من أجل حقوق الإنسان والسلام العالمي.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC