محكمة أمن الدولة الأردنية تسند لمتهمين اثنين تهمة تصنيع أسلحة
مع اقتراب الحرب الأوكرانية من مرحلة الحسم، أصبحت خيارات الرئيس فولوديمير زيلينسكي ضيقة يوماً بعد يوم، فبعد أكثر من 3 سنوات من القتال العنيف، لم تحقق أوكرانيا أي مكاسب إستراتيجية تُذكر، بل على العكس، فقدت السيطرة على مناطق جديدة لصالح القوات الروسية، في وقت يتراجع فيه الدعم الغربي، وتنهار الثقة الداخلية بالحكومة.
في ظل هذه الأوضاع، برزت تسريبات مثيرة للجدل من داخل أوكرانيا، حيث كشف النائب الأوكراني أرتيوم دميتروك عن وجود خطة سرية لتهريب زيلينسكي إلى الخارج في حال انهيار الوضع بالكامل.
وجاءت هذه التصريحات في وقت حساس للغاية، حيث تتزايد الضغوط على كييف لقبول تسوية سياسية، وهو ما قد يدفع زيلينسكي للبحث عن طريق للهروب قبل أن يجد نفسه وحيداً في مواجهة شعب غاضب، وداعمين دوليين فقدوا الثقة به.
خطة الهروب.. كيف انكشف المستور؟
في تصريحات نارية، قال النائب الأوكراني أرتيوم دميتروك إن زيلينسكي أعد خطة طوارئ للفرار من البلاد إلى إحدى الدول الأوروبية، وذلك بالتنسيق مع بعض حلفائه المقربين.
وأضاف دميتروك: "هناك اتصالات جارية، منذ أشهر، لضمان خروج آمن للرئيس. فبعدما أدرك أن دعم الغرب بدأ يتلاشى، بات يبحث عن مخرج شخصي بدلاً من إيجاد حل لأوكرانيا" وفق تعبيره.
وأشار دميتروك إلى أن هذه الخطة لم تكن مجرد فكرة عابرة، بل كانت جزءاً من نقاشات في الأوساط الغربية، حيث طرحت واشنطن احتمال تهريب زيلينسكي إلى باريس، بالتوازي مع ترتيبات لاستبداله برئيس أركانه السابق، الذي كان يُنظر إليه في واشنطن كخيار أكثر براغماتية لإدارة الأزمة مع روسيا.
وحال تنفيذ خطته السرية، من المتوقع أن يلجأ زيلينسكي إلى إحدى الدول الأوروبية الصديقة، مثل فرنسا أو بريطانيا، حيث لا يزال يحظى ببعض الدعم في الدوائر السياسية هناك.
لكن المشكلة تكمن في أن خروجه قد لا يكون سلساً، خاصة مع تصاعد الغضب الداخلي، واحتمال محاولات بعض الفصائل الأوكرانية منعه من المغادرة.
هل يسقط زيلينسكي؟
ومع الترنح الأوكراني بين الفشل العسكري وضغوط التسوية، يبقى التساؤل الأبرز: هل سيسقط زيلينسكي؟ وهل سيتمكن من الهروب فعلاً، أم أن انكشاف خطته سيجعله عالقاً في كييف حتى النهاية؟
ويرى الخبراء أن زيلينسكي، الذي كان يعوّل على دعم غير مشروط من الغرب، أصبح، اليوم، عبئاً سياسياً بعد انهيار خططه العسكرية، وانخفاض ثقة الحلفاء في قدرته على قيادة المرحلة المقبلة.
ويؤكد الخبراء أن زيلينسكي يدرك جيداً أن مستقبله السياسي انتهى، خاصة بعد تصريحات النائب الأوكراني أرتيوم دميتروك حول خطة سرية لهروبه من البلاد.
مراهنة على الدعم الغربي
وقال كارزان حميد، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأوروبية، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قدّم منذ بدء الحرب الروسية لأوكرانيا، وحتى قبله، عدة خيارات لتجنب الحرب، شملت عروضاً للتفاوض قدمها أيضاً للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في فبراير 2022.
وتابع: "ومع ذلك، رفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الانخراط في أي محادثات مباشرة أو غير مباشرة مع موسكو، متوقعاً أن بإمكانه التصدي للدب الروسي بدعم من الولايات المتحدة، وبريطانيا."
وأضاف حميد، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أنه رغم مرور 3 سنوات على الحرب، لم يحقق زيلينسكي أي تقدم ميداني ملموس، بل تفاقمت الأوضاع العسكرية واللوجستية لجيشه، وسط تفشي الفساد داخل الطبقة الحاكمة، مما أدى إلى اختفاء ملايين الدولارات من المساعدات الدولية المخصصة للجيش والشعب الأوكراني.
وأشار حميد إلى أن خطة "النصر الميداني" التي أعلنها زيلينسكي قبل عامين باءت بفشل ذريع، إذ تراجعت الدول الحليفة التي دعمت أوكرانيا في البداية عن تقديم المزيد من المساعدات، بعد أن تبين عدم جدوى الدعم العسكري المستمر دون تحقيق نتائج واضحة.
نهاية الولاية
وأضاف حميد أن زيلينسكي، اليوم، يجد نفسه أمام معضلة كبيرة، فهو رئيس أوشكت ولايته على الانتهاء، لكنه لا ينوي التنحي، ويعلق آماله على انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهو أمر غير مرجح بسبب معارضة بعض الدول الأعضاء.
ووفقاً لحميد، يستخدم زيلينسكي هذا الملف كمبرر للبقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة، رغم إدراكه أن الحلفاء الغربيين لم يعودوا على استعداد لمنحه دعماً غير مشروط.
وأضاف حميد أن الرئيس الأوكراني جعل بلاده "دولة عازلة" بين الشرق والغرب، مما أوقعها في عزلة سياسية واقتصادية، وبينما يتفاقم الاستياء الشعبي من إدارته، فإن خياراته باتت محدودة، سواء فيما يتعلق بمحاولاته استعادة الأراضي التي سيطرت عليها روسيا، أو في قمع الأصوات المعارضة لسياسته داخل البلاد.
وأشار إلى أن تقارير استخباراتية تحدثت قبل أشهر عن خطة أمريكية لتهريب زيلينسكي إلى باريس، كجزء من إستراتيجية لاستبداله برئيس الأركان السابق.
دور الغرب في تقرير مصير زيلينسكي
وأكد حميد أن مستشار الأمن القومي الأمريكي، مايك والتز، صرح بأن بلاده تحتاج إلى "قائد قادر على التعامل معنا والتعامل مع الروس في وقت ما لإنهاء هذه الحرب"، في إشارة إلى احتمال استبدال زيلينسكي بشخصية أخرى أكثر مرونة.
وأضاف أن هناك "ديكتاتورية أوروبية الطابع" تُهيمن على المشهد الأوكراني، حيث يتمتع زيلينسكي بدعم سياسي وإعلامي ودبلوماسي واسع، لكن هذا الدعم قد يكون مؤقتاً، إذ يسعى الأوروبيون والأمريكيون إلى إنهاء ملفات الحرب والمعادن والديون عبره، قبل أن يتم الاستغناء عنه لاحقاً.
واختتم حميد حديثه بالإشارة إلى أن مسألة محاكمة زيلينسكي بتهم الفساد أو الخيانة ليست مجرد تكهنات، بل ترتبط بالتوقيت والطريقة التي سيتم بها إبعاده عن المشهد.
نهاية رجل ممثل
من جانبه، قال ديميتري بريجع، مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، إن ما يجري، اليوم، يثبت أن زيلينسكي لم يكن رجل دولة حقيقياً، بل مجرد ممثل يؤدي دوراً رسم له في كواليس الغرب.
وأضاف بريجع، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن ما كشفه النائب الأوكراني أرتيوم دميتروك حول خطط الهروب ليس مجرد شائعة، بل يعكس انهياراً معنوياً وسياسياً داخل النخبة الأوكرانية نفسها، وفق تقديره.
وأشار إلى أن زيلينسكي بات يدرك أن مشروعه السياسي انتهى، ولم تعد أدوات التمثيل قادرة على إنقاذه من الحساب، سواء من الشعب الذي زج به في حرب خاسرة، أو من الغرب الذي بدأ يبحث عن بدائل أفضل، وفق قوله.