logo
العالم

فرنسا.. "الهجرة" تخلق انقسامات عميقة بين اليمين المتطرف والحكومة

فرنسا.. "الهجرة" تخلق انقسامات عميقة بين اليمين المتطرف والحكومة
حزب اليمين المتطرف الفرنسي المصدر: Getty image
08 أكتوبر 2024، 9:56 ص

رأى محللون سياسيون فرنسيون، أن الساحة السياسية الفرنسية شهدت خلافاً حاداً بين اليمين المتطرف والحكومة الفرنسية بقيادة الرئيس إيمانويل ماكرون حول قضية الهجرة، وهي إحدى أبرز القضايا الحساسة في فرنسا، كما رأى الباحثون الفرنسيون أن ملف الهجرة يعكس وجود انقسامات عميقة بين النخبة السياسية.

سيادة القانون والهجرة

وخلال المناقشات حول قانون الهجرة أمام المجلس الدستوري، قال وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتيلو  لصحيفة "لوجورنال دو ديمانش" نهاية الأسبوع الماضي، إنه يعتبر سيادة القانون عائقًا أمام اتخاذ تدابير فعّالة لمواجهة القضايا الأمنية.

وقد أظهرت النقاشات حول مشروع قانون الهجرة رؤيته الواضحة، حيث يعتبر أن "الأمن هو الحرية الأولى"، وذلك عند حديثه عن مقتل الطالبة الفلبينية، المتهم فيه مغربي أدين سابقًا بالاغتصاب وكان ملزماً بمغادرة الأراضي الفرنسية. 

وأعرب ريتيلو عن انتقاده لما وصفه بـ"عدم التوازن"، موضحًا أن القوانين الحالية تحمي المجرمين أكثر مما تحمي المجتمع.

 وأكد أن "سيادة القانون ليست مقدسة أو ثابتة"، بل هي مجموعة من القواعد المستمدة من إرادة الشعب.

وهذا التوجه السياسي أثار القلق، حيث رأى الباحث السياسي الفرنسي في المعهد الوطني للدراسات الديموغرافية المتخصص في شؤون الهجرة، باتريك سيمون لـ"إرم نيوز" أن ريتيلو، رغم منصبه الوزاري، ما زال يتعامل بعقلية عضو مجلس الشيوخ. 

وأوضح الباحث السياسي الفرنسي أن هذا الخلاف يعكس التوتر المتزايد بين اليمين المتطرف والحكومة حول كيفية تفسير وتطبيق مفهوم سيادة القانون في فرنسا، وخاصة في ظل النقاشات الحادة حول الهجرة والأمن والهوية الوطنية.

وقال الباحث السياسي الفرنسي، إن ملف الهجرة كان دائمًا موضوعًا يثير الجدل في فرنسا، وهي قضية تمس الأمن، الاقتصاد، والهوية الوطنية.

 وأضاف سيمون أنه في ظل تزايد أعداد المهاجرين واللاجئين الذين يسعون للوصول إلى أوروبا عبر البحر المتوسط والحدود الجنوبية، تواجه الحكومة الفرنسية ضغوطًا متزايدة لإيجاد حلول. 

وأوضح سيمون أنه مع ذلك، فإن المقاربة التي تتبعها حكومة ماكرون تُعتبر معتدلة مقارنة بمواقف اليمين المتطرف، الذي يدعو إلى سياسات أكثر تشددًا تجاه الهجرة.

وأشار الباحث السياسي الفرنسي إلى أن هذا الخلاف بين المعسكر الرئاسي واليمين المتطرف، جاء في أعقاب إعلان الحكومة عن خطتها لإصلاح قوانين الهجرة؛ ما أثار غضب التيار اليميني المتطرف.

أخبار ذات علاقة

لوموند: فرنسا تستلهم التجربة الإيطالية في التعامل مع ملف الهجرة

 

وأثارت تصريحات وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتليو، في صحيفة "لوجورنال دو ديمانش" الفرنسية، موجة من الانتقادات؛ إذ ندد بها اليسار بشدة، وأثارت جدلاً داخل المعسكر الرئاسي، وأدت إلى توترات حتى داخل الحكومة نفسها. 

حتى اليمين المتطرف عبر عن انتقادات لوزير الداخلية في حكومة بارنييه، الذي يقول إن تصريحاته تم "توظيفها لأغراض جدالات زائفة".

وأعلنت مارين لوبان، زعيمة حزب التجمع الوطني، خلال تجمع في نيس عن وجود "خلاف كبير" مع وزير الداخلية.

 وأكدت: "ليس سيادة القانون بحد ذاتها ما يجب الطعن فيه، بل على العكس. نحن الضامنون لها وفق المفهوم الذي وضعه أبرز الفلاسفة الأوروبيين على مر العصور".

انتقاد من اليمين المتطرف

ومارين لوبان، التي خاضت الانتخابات الرئاسية ثلاث مرات، ردت على تصريحات برونو ريتليو قائلة: "سيادة القانون تعني خضوع الجميع للقواعد التي تم تحديدها ديمقراطيًا، وهي واحدة من أعظم إنجازات الحضارة الأوروبية". 

لكنها انتقدت أيضًا الطريقة التي "تم تحويل هذه الفكرة إلى أداة لإخضاع الشعوب، حيث لم تعد لهم الحرية الديمقراطية لتغيير القانون. هذا لن نقبله أبدًا".

هجوم جوردان بارديلا

أما جوردان بارديلا، رئيس حزب التجمع الوطني، فقد انتقد "الجدالات العقيمة" التي تلت مقابلة برونو ريتليو.

 وقال أمام أنصاره في نيس: "عندما تحمي القوانين حرياتنا الأساسية وتضمن الممارسة الجيدة للديمقراطية، يجب أن يتم تقديس سيادة القانون".

 وأضاف: "ومع ذلك، سيادة القانون تعني أيضًا القدرة على تغيير القوانين في الدولة عندما تكون هذه القوانين معطوبة أو غير فعالة".

خطة الحكومة للإصلاح

وأعلنت الحكومة الفرنسية في عام 2024 عن مجموعة من الإصلاحات التي تهدف إلى تعزيز مراقبة الحدود، وتحسين إجراءات طلب اللجوء، وزيادة المساعدات الموجهة للاجئين.

من جهته، أشار الباحث السياسي الفرنسي المتخصص في شؤون الهجرة، فرانسوا دو جون لـ"إرم نيوز"، إلى أنه على الرغم من أن هذه الإصلاحات تتضمن إجراءات لتقليص الهجرة غير النظامية، إلا أن الحكومة شددت على أهمية تحقيق توازن بين الأمن واحترام حقوق الإنسان.

ومن بين أهم نقاط الخلاف بين الطرفين هو تقديم الحكومة لاقتراحات بتسهيل إدماج بعض المهاجرين في سوق العمل الفرنسي، خاصة في القطاعات التي تعاني من نقص في اليد العاملة مثل الزراعة والبناء. 

وأوضح الباحث السياسي الفرنسي، أن هذا الأمر اعتبره اليمين المتطرف خطوة في الاتجاه الخاطئ، حيث يرون أن تسهيل إدماج المهاجرين يزيد من الضغط على الهوية الفرنسية وفرص العمل للمواطنين.

وأشار إلى أنه في المقابل، يرى حزب التجمع الوطني أن سياسات ماكرون في الهجرة متساهلة للغاية، ويطالب بإغلاق الحدود بشكل أكثر صرامة وترحيل المهاجرين غير الشرعيين. 

كما رأى الباحث الفرنسي أن الخلاف حول الهجرة يعكس انقسامًا أعمق في المجتمع الفرنسي حول كيفية التعامل مع هذه القضية. 

ففي حين يدعم البعض مواقف الحكومة المعتدلة، يطالب آخرون بمزيد من التشدد، خاصة في ظل تزايد التحديات الأمنية والاجتماعية التي تواجه فرنسا.

وتابع أن اليمين المتطرف يبرز كصوت قوي يدعو إلى تغيير جذري في سياسات الهجرة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC