البنتاغون: وزير الدفاع الأمريكي يأمر بإرسال عتاد جوي لتعزيز الوضع العسكري بالشرق الأوسط
تدخل الحرب الروسية الأوكرانية، بعد أيام قليلة، عامها الرابع، بعد أن دارت رحاها في الرابع والعشرين من فبراير/ شباط 2022، وسط مباحثات قد تكون مصيرية في السعودية، بينما يدور، في الوقت نفسه، سجال حاد بين رئيسي روسيا وأوكرانيا.
وعلى الرغم من الوعود الانتخابية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإنهاء الحرب في 24 ساعة من توليه منصبه في البيت الأبيض، فإنه لا وجود حتى الآن لمؤشرات واضحة على حل قريب للصراع بين الطرفين.
ومع احتدام الصراع الروسي الأوكراني، بدت حالة الإرهاق الممزوجة بالتخوف تظهر جليًا على الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، بعد تراجع المُساعدات الغربية، وتحديدًا الأمريكية، واستنزاف القوات الأوكرانية.
وسبق أن قال زيلينسكي، في مقابلة مع صحيفة "إيكونوميست" البريطانية، إن أوكرانيا سئمت من الصراع المسلح مع روسيا، وإن طاقة الأوكرانيين بدأت تنفد، وذلك رداً على سؤال عما إذا كان هناك تراجع في الروح المعنوية في أوكرانيا.
ولأول مرة، اعترف الرئيس الأوكراني بأن عدد القتلى من الجنود الأوكرانيين قد يكون أعلى بـ"عشرات الآلاف" من الأرقام التي يتم الإعلان عنها، وذلك بسبب المفقودين الذين لم يتم تحديد مصيرهم بشكل نهائي.
وقال زيلينسكي: "لدينا 46 ألف جندي قتيل، و380 ألف جريح - كما أعتقد - وهناك عشرات الآلاف من المفقودين أو الأسرى. لا يمكننا الجزم بشكل قاطع، لأن المفقودين قد يكونون قتلى أو في الأسر".
وعلى مدار الأشهر الماضية، تعرض الرئيس الأوكراني لانتقادات متكررة من قبل نواب البرلمان الأوكراني بشأن تقليله أرقام الخسائر في صفوف الجيش، بعد أن كشفت وكالة "تاس" الروسية أن خسائر القوات الأوكرانية بلغت أكثر من 900 ألف قتيل وجريح بحلول نوفمبر/ تشرين الثاني 2024.
ويؤكد خبراء أن اعتراف زيلينسكي بالخسائر الأوكرانية هو اعتراف بالواقع الصعب الذي تعيشه قواته المسلحة، خاصةً أنه قبل عامين اعترفت مسؤولة في الاتحاد الأوروبي بأن خسائر أوكرانيا بلغت أكثر من 100 ألف قتيل، ووقتها تمت مهاجمتها من وسائل الإعلام الغربية التي اتهمتها بالمبالغة في خسائر الجيش الأوكراني.
وأشار الخبراء إلى أن أوكرانيا بحاجة، الآن، لتسوية الأزمة أكثر من أي وقت مضى، وذلك لوقف نزيف الخسائر العسكرية والسياسية والمادية، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، خاصة بعد أن فقدت الدعم العسكري الأمريكي.
وقال المحلل السياسي الخبير في الشؤون الروسية، الدكتور سمير أيوب، إن الحرب الروسية الأوكرانية، مع اقترابها من الذكرى الثالثة يبدو أنها أسقطت مئات الآلاف من الضحايا من الطرفين، لكن النسبة الأكبر بلا شك من الأوكرانيين.
وأشار، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إلى أنه نتيجة فقدان الكثير من الجنود الأوكرانيين على جبهات القتال لم تعد هناك حماية جوية، وأيضاً فإن التقدم الروسي على الأرض يؤكد أن الجيش الأوكراني لم يعد قادراً على المواجهة.
وتابع: "عندما يعترف زيلينسكي بأن خسائر القوات الأوكرانية أعلى بعشرات الآلاف، فهذا صحيح وواقع، حيث نرى، اليوم، تقهقر الجيش الأوكراني، وفقدانه العديد من الأسلحة الغربية".
ونوه الخبير في الشؤون الروسية إلى معركة كورسك التي كان زيلينسكي يعتقد أنها ورقة رابحة له، ثم تحولت إلى "مقبرة" لقوات النخبة الأوكرانية، وفقدت كييف السيطرة عليها، بدليل نجاح الجيش الروسي في استعادة معظم المناطق في كورسك ولم يتبقَ سوى القليل.
وقال أيوب إن أوكرانيا خسرت عشرات الآلاف من العسكريين في معركة كورسك، ونتيجة لهذا الوضع الصعب لأوكرانيا فإن الدول الداعمة لها من الغرب تشعر بالإحباط، لكن الإحباط الخطير والحقيقي موجود لدى قادة الجيش الأوكراني، وهم يعرفون الوضع الخطير والمتدني لقوة الجيش الأوكراني.
واستطرد أيوب قائلاً: "لو كانت أوكرانيا قد التزمت بالتوقيع على اتفاق إسطنبول لكانت قد حافظت على جغرافيتها وجنودها، وبالتالي فإن تسوية هذه الأزمة لا بديل لها لأوكرانيا، وذلك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وحتى لا تتعرض لمزيد من الخسائر، خاصة بعد أن فقدت الدعم العسكري الأمريكي، وحتى لو استمر الدعم الغربي فلن يفلح الأمر أمام الجيش الروسي".
ومن جانبه، قال مدير مركز "JSM" للأبحاث والدراسات، الدكتور آصف ملحم، إن القيادة الأوكرانية تتكتم على عدد الجنود الذين قتلوا في الحرب لأسباب متعددة في الواقع، منها أسباب نفسية وإعلامية لمنع تدهور الروح المعنوية للجيش الأوكراني، لذا يتم تعديل قانون التجنيد عند الأوكرانيين أكثر من مرة وخفض سن التجنيد، وهو ما يعكس حجم الخسائر في صفوف الجيش الأوكراني.
وأضاف ملحم، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن مساحة المقابر التي يدفن فيها الأوكرانيون بدأت تتكدس بشكل كبير، وعلى الرغم من الاعتراف الأول لزيلينسكي إلا أن هناك الكثير من الحقائق التي لا تزال القيادة الأوكرانية تُخفيها.
وتابع: "يجب التفرقة هنا بين موت الجندي الأوكراني ذي الأوراق الرسمية، وهو ما يتطلب التزامات مادية من الحكومة الأوكرانية، وغير ذلك من المرتزقة الذين لهم حسابات وتعويضات أخرى، لذلك فهذه كلها أسباب تجعل القيادة الأوكرانية تخفي الأرقام الحقيقية لعدد الجنود الذين قتلوا في الحرب".
وأوضح ملحم أنه رغم كل ما يثار حول المفاوضات والوفود الروسية والأمريكية فإن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول أن تصدر نفسها على أنها جزء من الحل رغم أنها هي جزء من المشكلة من خلال حلف الناتو.
وأشار إلى أن عقل الناتو وعضلاته هي الولايات المتحدة ، لذلك فإن المشكلة الحقيقية تكمن في نشر الولايات المتحدة القواعد العسكرية في أوروبا.
وذكر ملحم أن الدعم الأساس الذي يأتي إلى أوكرانيا هو من الولايات المتحدة، وبالتالي فإن المعركة الحقيقية للحرب هي بين روسيا والولايات المتحدة.
وخلص ملحم إلى أنه حتى لو توصلت واشنطن وموسكو لتفاهمات وتوافقات ستظل الجبهة الأوكرانية قابلة للاشتعال في أي لحظة.