6 قتلى في غارة إسرائيلية على بيت حانون شمالي قطاع غزة
يحيط خلف القرار المحتمل للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بسحب 35 ألف جندي أمريكي متواجدين حاليا في ألمانيا، مجموعة من الأسباب التي قد يستخدمها ترامب كورقة ضغط على الدول الأوروبية الرافضة لزيادة حجم حصصها المالية في الإنفاق العسكري بـ"الناتو".
وأشار خبيران إلى أن خطوة ترامب هذه تقدم رسالة للأوروبيين، مفادها أنه حال نشوب حرب مع روسيا لن يكون للولايات المتحدة أي دور فيها ولن تخوضها معهم.
أسباب مهمة أخرى بالنسبة لترامب، تتمثل بسعيه على توفير النفقات المالية الخارجية، لا سيما أن هؤلاء الجنود ليس لهم دور عسكري في ألمانيا ولا توجد حاجة لهم هناك.
وكانت كشفت صحيفة "التلغراف" أخيرا أن ترامب يدرس سحب القوات الأمريكية من ألمانيا وإعادة نشرها في أوروبا الشرقية، في خطوة من شأنها أن تزيد التوتر بين الولايات المتحدة وأوروبا.
وتعد ألمانيا في المرتبة الثانية من بين دول العالم التي يوجد بها قوات أمريكية، إذ تأتي في المرتبة الأولى اليابان بـ50 ألف جندي.
ويعود وجود القوات الأمريكية في ألمانيا، التي كان عددها أضخم في عقود ماضية، إلى الاتفاق الذي تم في مؤتمر بوتسدام في قلب العاصمة برلين في أغسطس 1945، والذي جمع دول الحلفاء الذين انتصروا في الحرب العالمية الثانية، بقيادة أمريكا والاتحاد السوفيتي وبريطانيا على دول "المحور"، بقيادة ألمانيا النازية واليابان.
وهذا الاتفاق وضع شروطا وصفت بـ"المذلة" في صدارتها الاحتلال العسكري من المنتصرين للدول المهزومة، اليابان وألمانيا، وكانت البنود أقوى بحق الأخيرة، بتجريدها من السلاح الذي ستستمر في تصنيعه تحت رقابة دولية دون استخدامه، حتى تستطيع دفع التعويضات الضخمة المطلوبة منها، بعد اتخاذ القرار الأمريكي بشأن إسقاط قنبلتين نوويتين على هيروشيما وناجازاكي باليابان.
وأرجع مؤسس ورئيس مركز بروجن للدراسات الاستراتيجية، الدكتور رضوان قاسم، نوايا ترامب لسحب هذا الكم الكبير من الجنود الأمريكيين في ألمانيا إلى مجموعة من الأسباب، أبرزها تخفيف الضغوط الاقتصادية، والتكلفة على الخزانة الأمريكية، وتوفير نفقات بعدم صرفها خارج نطاق الولايات المتحدة، لا سيما أن هؤلاء الجنود ليس لهم دور عسكري في ألمانيا ولا توجد حاجة لهم هناك.
وأوضح قاسم في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن هذا الانسحاب يهدف به ترامب إلى أن يمثل ورقة ضغط على الدول الأوروبية الرافضة زيادة حجم حصصها المالية في الإنفاق العسكري داخل حلف الناتو، في وقت يرغب فيه الرئيس الأمريكي في إرغامهم على رفع ميزانيتهم العسكرية لتقليص نفقات أمريكا في الحلف.
وبين قاسم أن ترامب يفرض من خلال هذه الورقة مسارا لفرض السلام من خلال رؤيته بعدم دعم الرئيس الروسي فلاديمير زيلينسكي كما يريد الفرنسيون والألمان، واستمرار هذه الحرب ومواصلة الدعم، وتقديمه رسالة للأوروبيين عبر سحب تلك القوات مفادها أنه حال نشوب حرب روسية أوروبية، لن يكون للولايات المتحدة أي دور فيها ولن تخوضها معهم.
ولفت إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تسحب فيها الولايات المتحدة جنودها بعد الحرب العالمية الثانية من ألمانيا، فقد جاء هذا الوجود العسكري بعد هزيمة النازية وذهاب أمريكا إلى عدم السماح بوجود دولة مستقلة ذات قرار في ألمانيا، لتحضر القوات العسكرية الأمريكية والفرنسية والبريطانية وغيرها داخل قواعد في ألمانيا على مدار عقود، بحيث سحبت جميعها ما عدا الأمريكية.
وتابع قاسم أنه كان هناك أضعاف مضاعفة لهذه القوة العسكرية الأمريكية في ألمانيا، ولكن مع خروج الأخيرة من شروط الحصار والعقوبات التي فرضت عليها بعد الهزيمة في الحرب العالمية الثانية عبر اتفاق بأن يكون على أراضيها لمدة 60 عامًا قوات وقواعد غربية لأمريكا وبريطانيا وفرنسا "الحلفاء" ومعهم روسيا، الذين واجهوا دول المحور، لكن بعد انتهاء هذه الاتفاقية، سحبت الدول قواتها من ألمانيا.
ويقول الباحث في الاستراتيجيات الدولية، ناصر عباس، إن سحب هذه القوات بمرتبة إعلان رسمي عن تغير الاستراتيجية الأمريكية تجاه روسيا، لاسيما مع ما يتردد عن إعادة انتشار مجموعات من هذه القوات في أوروبا الشرقية.
وذكر عباس في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن وجود هذه القوات لم يكن متعلقا فقط بفرض الهيمنة على أكبر قوة أوروبية وهي ألمانيا والتحكم في قدراتها الإنتاجية والاستراتيجية عبر عقود مضت بعد الحرب العالمية الثانية، ومن ثم تقع القارة العجوز تحت السطوة والهيمنة الأمريكية، ولكن كان الحضور الأهم والأبرز لهذه القوات هو مواجهة روسيا في ثوب الاتحاد السوفيتي قبل أكثر من 35 سنة.
وأضاف عباس أن انسحاب هذه القوات يعني مدى التعامل الفعلي من جانب إدارة ترامب بأن روسيا ليست قوة مواجهة، وأيضا التخلي عن الوجود في أوروبا أمام الروس، فقد كان العمل الأساسي لهذه القوات منذ نهاية الحرب العالمية الثانية هو مواجهة التمدد السوفيتي، لا سيما عسكريا إلى قلب أوروبا، ما يظهر سير الرئيس الأمريكي على تغيير سياسات بلاده جذريًا، التي ظلت طوال أكثر من 7 عقود، في تحالف مع الأوروبيين لمواجهة الروس، ليتبدل الأمر إلى النقيض وتتغير أطر المواجهة.
وأشار عباس إلى أن هذه القوات كانت جانبا مهما من الحرب الباردة التي ظلت على مدار عقود عندما كانت ألمانيا الشرقية مع الروس والغربية مع الأمريكيين، هي ساحة اللعب الأساسي بين موسكو وواشنطن، وشهدت بشكل كبير فصول النهاية الأساسية للاتحاد السوفيتي والمعسكر الأحمر.