بكين "تعارض بشدّة" رسوم ترامب الجمركية وتتوعّده بـ"إجراءات مضادّة"
يرى خبراء عسكريون أن تصاعد العمليات العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين وارتفاع وتيرتها مؤخراً مرتبط بتزايد التوتر وتبادل التهديدات بين واشنطن وطهران، خاصة بعد رفض الأخيرة مقترح "التفاوض المباشر".
وخلال الأيام القليلة الماضية، وسّعت الولايات المتحدة نطاق ضرباتها الجوية، مستهدفة مراكز الثقل العسكري للحوثيين ومخازن الأسلحة الاستراتيجية في محافظات صعدة وعمران وصنعاء، مع دخول عملياتها العسكرية أسبوعها الثاني.
يقول المحلل السياسي، أنور التميمي، إن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تدرك أهمية الأذرع الخارجية لإيران، ولذلك فإن استهداف الحوثيين بقوة يضرب دفاعات طهران المتقدمة، مما يضعف نفوذها الإقليمي والدولي ويؤثر على استقرارها الداخلي.
وأشار التميمي، في حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى أن النظام الإيراني يعي أن الحفاظ على أذرعه في المنطقة أكثر أهمية من المكافآت المحتملة من واشنطن، مثل رفع العقوبات الاقتصادية أو التفاهمات بشأن البرنامج النووي، لذلك يواصل دعم الحوثيين ودفعهم نحو مزيد من التصعيد.
واعتبر التميمي أن العمليات الأمريكية ضد الحوثيين "تمثل الضربة الفعلية الأولى لإيران"، حيث ستحدد نتائجها مستقبل النظام الإيراني، سواء عبر إنهاء القدرات العسكرية النوعية للحوثيين تماماً، أو إجبارهم على التراجع ووقف استهداف الملاحة الدولية بالصواريخ والمسيرات.
وأضاف أن الولايات المتحدة، في كلتا الحالتين، ستكون قد حققت أهدافها، بينما ستتعرض إيران لضربة استراتيجية قد تؤدي إلى اضطرابات داخلية.
من جهته، يرى الخبير العسكري العميد عبدالرحمن الربيعي، أن واشنطن تعمل حالياً على تهيئة الظروف المناسبة للاستفراد بإيران عبر مسارين متوازيين: الأول يتمثل في التقارب مع روسيا لتحييدها، والثاني في استهداف الحوثيين، باعتبارهم آخر خطوط الدفاع المتقدمة لطهران في المنطقة العربية.
وأوضح الربيعي في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن الضربات الأمريكية المكثفة التي تستهدف قيادات الحوثيين وقدراتهم العسكرية، إلى جانب التهديد باستهداف السفن الإيرانية التي تعمل في البحر الأحمر أو قبالة السواحل اليمنية وتهرب الأسلحة للحوثيين، تعكس جدية استراتيجية ترامب في مواجهة الطموحات النووية الإيرانية.
وأشار إلى أن المواجهة المباشرة مع إيران تتطلب أولاً تحييد أذرعها في المنطقة، ولم يتبقَّ منها سوى الحوثيين، ما يفسر العمليات العسكرية الجارية التي تهدف إلى تعطيل قدرتهم على تنفيذ أجندة طهران وتهديد المصالح الأمريكية وحلفائها مستقبلاً.
في ظل استمرار التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، يتساءل اليمنيون عن مدى شمولية العمليات الأمريكية ضد الحوثيين، خصوصاً بعد تأكيد ترامب أنها "قد تكون طويلة"، وتهديده السابق بـ"القضاء عليهم".
وفي هذا السياق، قال مسؤول المناصرة في مركز واشنطن لحقوق الإنسان في الكونغرس الأمريكي، سيف المثنى، إن الهدف المعلن للولايات المتحدة من عملياتها في اليمن هو إنهاء تهديدات الحوثيين للملاحة الدولية، وتحقيق توازن بين المكاسب العسكرية والاقتصادية، مع تجنب الانزلاق إلى حرب شاملة في المنطقة.
وأضاف في حديثه لـ"إرم نيوز" أن الإدارة الأمريكية فشلت في حشد دعم دول محورية لمواجهة الحوثيين، في ظل تصاعد خلافها مع أوروبا، "لذلك ستواصل الضربات حتى زوال التهديد، سواء عبر القضاء على الترسانة العسكرية للحوثيين أو التوصل إلى صفقة مع إيران".
يعتقد المحلل السياسي، علي البخيتي، أن استراتيجية واشنطن تركز حالياً على تأمين الملاحة البحرية، وليس إسقاط سلطة الحوثيين في شمال اليمن، "لا على المدى القريب ولا المتوسط".
وأكد البخيتي، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن إسقاط الحوثيين يتطلب تحالفاً دولياً يضم دول الإقليم والحكومة اليمنية والقوى المحلية المعارضة للحوثيين، مشيراً إلى أن الدول الإقليمية ستكون مستعدة للانخراط في مثل هذا التحالف إذا كان هدفه إنهاء سلطة الحوثيين، وليس فقط حماية الملاحة البحرية ومصالح إسرائيل.
وأضاف البخيتي أن تحالفاً دولياً كهذا سيكون قادراً على كسر شوكة الحوثيين خلال أشهر قليلة، "فالآن لدينا قوات محلية مجهّزة ومدربة، بخلاف ما كان عليه الوضع قبل 2015".
واختتم بالقول إن الولايات المتحدة لن تحتاج إلى إرسال قوات برية إلى اليمن، حيث ستقتصر مشاركتها على الضربات الجوية والدعم اللوجستي والتغطية السياسية، بينما ستتولى القوات اليمنية المدعومة إقليمياً مهمة القضاء على الحوثيين، وبالتالي إنهاء تهديداتهم المتعددة.
