رئيسة وزراء إيطاليا: على أوروبا الدفاع عن نفسها حال اندلاع حرب تجارية مع أميركا
قال خبراء في العلاقات الدولية، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يسير بخطى سريعة ومتعددة، لتحقيق أهدافه في الشرق الأوسط، من خلال اتباع دبلوماسية وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، هنري كيسنجر، المعروفة بـ"الدبلوماسية المكوكية".
ويتعلق ذلك بإطار العمل على إطفاء حرائق المنطقة، لحماية أمن إسرائيل والحفاظ على مصالح الولايات المتحدة الاستراتيجية والاقتصادية، عبر فض النزاعات القائمة في الشرق الأوسط، حتى يتم التفرغ التام لمواجهة الصين.
وأوضحوا في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن نظرية كيسنجر قائمة على فتح الأبواب المغلقة أمام السياسات المستهدفة، عبر عمليات إعادة التفكيك والتركيب للدول وللعلاقات بين البلدان، وحل النزاعات بطريقة "خطوة خطوة".
ويقول الأكاديمي والباحث في العلاقات الدولية، الدكتور نبيل الحيدري، إن اتباع إدارة ترامب لدبلوماسية كيسنجر ظهر بوضوح انطلاقًا من عمله مع وصوله البيت الأبيض على وقف الحرب في غزة، من خلال جولات مكوكية لمستشاريه.
وبين الحيدري أنه في إطار هذه الدبلوماسية، يوجه ترامب مستشاريه في زيارات مكوكية للعمل ضمن منهج هذه النظرية بالمنطقة، لأخذ مسارات تستهدف تفكيك الميليشيات في العراق واليمن وإنهاء تبعيتها لطهران، ولا سيما بعد هزيمة أذرع إيران في لبنان وسوريا.
وأضاف أنه يجري بعد ذلك التوجه إلى التعامل مع الحالة الإيرانية، من خلال إحكام الضغط الاقتصادي بالعقوبات، للوصول إلى آثار متعلقة بتفكيك الداخل ثم ضرب مواردها الاقتصادية والذهاب إلى المفاعلات النووية، ليفرض عقد اتفاق نووي يكون ضاغطًا على طهران بشروط مذلة، خلافًا للاتفاق الذي جرى مع الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما.
وأوضح الحيدري أن دبلوماسية كسينجر ما زالت حاكمة في الرؤية والتنفيذ، في وقت يرجح فيه استخدام ترامب نظرية التفكيك والتركيب، لحل نزاعات الشرق الأوسط بطريقة خطوة خطوة عبر الرحلات المكوكية التي كان يتبعها كيسنجر في أزمات فيتنام والصين والصراع العربي الإسرائيلي أيضًا.
وتطرق الحيدري إلى النهج الذي التزم به كيسنجر في عقود مضت، والذي يميل ترامب بشدة إلى اتباعه، في ظل قيام ذلك النهج على دعم إسرائيل في سبعينيات القرن الماضي، من خلال تحييد مصر ومنع التقارب بين العراق وسوريا، مع ما كان يراه، من أن سوريا ذات بنية متشددة لا يجب أن تحكم إلا بنظام عسكري، وأن لبنان بلد قابل للانقسام، وأن العراق ذو 3 محاور (السنّة والشيعة والأكراد)، وأن الدول الثلاث تعيش مشكلة الأقليات وتعاظم نفوذها، وهو ما يتم العمل عليه.
ويرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة القدس الدكتور أمجد شهاب، أن دبلوماسية كيسنجر كانت تعمل على فتح الأبواب المغلقة، وأن سياسة ترامب في المنطقة من خلال مبعوثه الشخصي، تذهب إلى التعامل ضمن هذا النسق.
وأوضح أن ترامب يحاول إعادة تعريف التوازنات القائمة في الشرق الأوسط ولا سيما في ملف الصراع العربي الإسرائيلي، ولكن على طريقته.
وذكر شهاب أن سياسة ترامب في إطار دبلوماسية كيسنجر تعطي لمبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف في جولاته المكوكية، العمل ضمن سياق تخيير الأطراف أمام استخدام القوة أو قبول المقترحات المعروضة من جانب واشنطن، وذلك في ظل ما يبعثه الرئيس الجمهوري من رسائل واضحة لدول بالمنطقة، بأنه يستطيع ابتزازها اقتصاديًّا وسياسيًّا.
وأضاف شهاب أن هذه السياسة تأتي في إطار الأرضية القائمة بأن هناك دولًا في المنطقة تعتمد بشكل أساس على المساعدات العسكرية والاقتصادية الأمريكية، في وقت تتفرد فيه واشنطن بالنفوذ داخل الشرق الأوسط وليس فقط الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو ما يمنع قوى دولية من التدخل في هذه النواحي.
وأشار شهاب إلى أن جانبًا كبيرًا من سياسة الدبلوماسية المكوكية في الشرق الأوسط من جانب إدارة ترامب عبر مستشاريه، يهدف إلى فرض النفوذ الأمريكي وتأمين مصالح واشنطن الاقتصادية في المنطقة، حتى تتفرغ بشكل كامل لمواجهة الصين، المعركة الأهم لترامب.
واستكمل شهاب بالقول، إن الدبلوماسية المكوكية تعتمد بشكل أساس على زيادة هيمنة ونفوذ وقوة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وتجنب مواجهات عسكرية وتحقيق كافة الأهداف من خلال ممارسات التهديد والابتزاز واستخدام القوة العسكرية في حال فشلت المحاولات الأخرى، لصالح حليفتها إسرائيل ولحماية مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية والسياسية في المنطقة.