البوسنة تصدر مذكرة توقيف دولية بحق الزعيم الصربي ميلوراد دوديك
رأى محللون سياسيون أن قضية زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبان وعدم أهليتها المحتملة تضع البلاد أمام اختبار ديمقراطي صعب.
يأتي ذلك وسط تصاعد الشكوك حول تواطؤ سياسي يهدف إلى التأثير في قرار المجلس الدستوري.
خلفيات مثيرة للجدل
لطالما كانت هناك شكوك متزايدة حول العلاقة بين زعيمة التجمع الوطني (RN) مارين لوبان وريتشارد فيران، الرئيس الجديد للمجلس الدستوري الفرنسي.
لكن هذه الشكوك تحولت الآن إلى شبهات جدية، بعدما كشفت صحيفة ليبراسيون أن فيران حصل على دعم ضمني من التجمع الوطني مقابل التزامه بموقف متشدد ضد ما يسميه اليمين المتطرف "حكم القضاة".
وأدى هذا الكشف إلى إثارة مخاوف عميقة حول استقلالية القضاء، لا سيما أن لوبان تسعى حاليًا إلى تجنب عقوبة عدم الأهلية السياسية التي تهدد مسيرتها، بناءً على تحقيقات تتعلق بتمويل حزبها.
ويبدو أن فيران، الذي تولى منصبه رسميًا بعد أدائه اليمين الدستورية أمام الرئيس إيمانويل ماكرون في 7 مارس/آذار، قد استفاد من دعم التجمع الوطني الذي لم يعترض على تعيينه، مقابل ضمانات غير معلنة تتعلق بالموقف من قرارات القضاء.
ولطالما تبنى اليمين المتطرف في فرنسا خطابًا عدائيًا تجاه السلطة القضائية، معتبرًا أن القضاة يعطلون الإرادة الشعبية عبر تدخلهم في الشأن السياسي.
ومنذ بداية الأزمة القانونية التي تواجهها لوبان، كثّف التجمع الوطني هجماته على القضاة، متهمًا إياهم بتنفيذ أجندة سياسية تهدف إلى إقصاء زعيمته.
وفي هذا السياق، بات من الواضح أن لوبان تراهن على المجلس الدستوري لإصدار قرار قد يخفف أو يلغي عدم أهليتها السياسية، وهو ما يعيد إلى الأذهان الجدل الذي دار سابقًا حول تعامل القضاء مع شخصيات سياسية بارزة، مثل نيكولا ساركوزي أو فرانسوا فيون.
واعتبر جون إيف كامو، الباحث الفرنسي المتخصص في شؤون اليمين المتطرف، أن "هذه القضية تعكس أزمة أعمق في المؤسسات الديمقراطية الفرنسية".
وأضاف كامو لـ"إرم نيوز": "إذا ثبت أن هناك بالفعل تفاهمًا ضمنيًا بين فيران والتجمع الوطني، فهذا سيشكل ضربة قاسية لاستقلالية القضاء، ما يعزز خطاب اليمين المتطرف بأن القضاة هم أداة سياسية في يد النخبة الحاكمة".
في المقابل، سيمنح هذا الكشف لوبان فرصة لتقديم نفسها كضحية لمؤامرة سياسية، وهو ما قد يزيد شعبيتها قبل الانتخابات المقبلة".
وتابع: "هذه الأزمة تكشف أيضًا عن مأزق سياسي تواجهه الدولة الفرنسية، إذ إن أي قرار يتخذه المجلس الدستوري بخصوص مارين لوبان سيكون محل تشكيك، سواء كان في صالحها أو ضدها. وهذا يفاقم أزمة الثقة بين المواطنين والمؤسسات السياسية والقضائية".
بينما تستمر التحقيقات الصحفية في كشف المزيد من التفاصيل حول هذه القضية، يتساءل المراقبون عما إذا كانت "هذه الفضيحة" ستؤدي إلى تصعيد سياسي بين الحكومة والتجمع الوطني، أم أن الأطراف المعنية ستتمكن من احتواء الأزمة عبر تسويات سياسية ودبلوماسية.
وفي ظل اقتراب الانتخابات الرئاسية الفرنسية، يبدو أن مستقبل مارين لوبان السياسي معلق بميزان العدالة، في حين يتجه الرأي العام نحو مزيد من الانقسام حول طبيعة العلاقة بين السياسة والقضاء في فرنسا.