في مشهد سياسي يتجاوز حدود الحرب والدبلوماسية التقليدية، تترقب العواصم العالمية ما قد يتمخض عن المكالمة المرتقبة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين من تحولات على خارطة الصراع الأوكراني.
وبينما تتصاعد التوقعات بشأن مستقبل الأراضي المتنازع عليها، تطرح تساؤلات حول المكاسب التي قد تحققها موسكو مقابل سنوات من التصعيد العسكري.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في تقرير لها، أن الاتصال المرتقب، اليوم الثلاثاء، بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين سيركز على ما ستخسره أوكرانيا.
وأوضحت الصحيفة أنه رغم عدم إشارة ترامب صراحةً إلى مؤتمر يالطا عام 1945، الذي شهد تقسيم القارة بين الغرب المتحالف مع أمريكا والشرق الخاضع للنفوذ السوفييتي، كشف خلال حديثه مع الصحفيين على متن طائرة الرئاسة أثناء عودته من فلوريدا، مساء الأحد، أن محادثته الهاتفية مع بوتين، المقررة يوم الثلاثاء، ستركز على الأراضي والأصول التي ستحتفظ بها روسيا في حال التوصل إلى وقف لإطلاق النار مع أوكرانيا.
جوهر المكالمة
ووفقًا للصحيفة، سيتمحور جوهر المكالمة حول حجم المكاسب التي ستحصل عليها روسيا مقابل عدوانها المستمر على أوكرانيا منذ 11 عامًا، بدءًا من ضم شبه جزيرة القرم عام 2014، وصولًا إلى الحرب الشاملة التي أطلقها بوتين قبل ثلاث سنوات.
وأشارت الصحيفة إلى أن مساعدي البيت الأبيض أكدوا أن روسيا ستحتفظ حتمًا بشبه جزيرة القرم، كما ألمحوا إلى أنها قد تحصل على معظم الأراضي التي تسيطر عليها حاليًّا.
ورغم تأكيد مسؤولي الإدارة الأمريكية أنهم يطلعون نظراءهم الأوكرانيين والقادة الأوروبيين بشكل كامل على تفاعلاتهم مع روسيا، فإن ترامب وبوتين وحدهما سيشاركان في المكالمة، مع افتراض أن مساعدي الرئيس الأمريكي سيكونون مستمعين. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت أوكرانيا أو القوى الأوروبية الكبرى ستوافق على أي اتفاق قد يتم التوصل إليه بين الرئيسين.
وأضافت الصحيفة أن ترامب ومساعديه كانوا حذرين بشأن تفاصيل الصفقة التي تُناقش مع بوتين، مشيرةً إلى أن ستيف ويتكوف، رجل الأعمال والمبعوث الخاص للشرق الأوسط حاليًّا، أمضى ساعات مع بوتين في موسكو مؤخرًا للتحضير للمكالمة.
الاحتفاظ بالأراضي الأوكرانية
ورغم حرص ترامب على عدم الكشف عن تفاصيل المناطق الأوكرانية التي تُناقش، أو مدى محاولاته للحد من طموحات بوتين، فإن إدارته أوضحت بالفعل أنها تتوقع احتفاظ روسيا بالأراضي التي تسيطر عليها حاليًّا، والتي تشكل نحو 20% من مساحة أوكرانيا.
وفي هذا السياق، تساءل مايكل والتز، مستشار الأمن القومي الأمريكي، في مقابلة: "هل سنطرد كل روسي من كل شبر من الأراضي الأوكرانية، بما في ذلك شبه جزيرة القرم؟".
وفي مقابلاته التلفزيونية الأخيرة، شدد والتز على أن الأولوية يجب أن تكون إنهاء القتال بعد ثلاث سنوات من حرب الخنادق والطائرات المُسيَّرة.
وأشارت الصحيفة إلى أن قضايا أخرى قد تبرز في المفاوضات، مثل اقتراح فرنسا وبريطانيا نشر قوات داخل أوكرانيا، ربما بالتعاون مع قوى أوروبية أخرى. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان بوتين سيقبل بنشر قوة لحفظ السلام كجزء من الضمانات الأمنية لأوكرانيا، خاصة مع الشكوك حول فعالية القوات الأوروبية دون دعم واشنطن.
واختتمت الصحيفة بالإشارة إلى دلائل أخرى على استعداد ترامب لتقديم تنازلات لبوتين، إذ أبلغت وزارة العدل الأمريكية مسؤولين أوروبيين أن الولايات المتحدة ستنسحب من مجموعة دولية تحقق في القادة المسؤولين عن غزو أوكرانيا، بمن فيهم بوتين نفسه.
وأضافت أن نتائج المفاوضات بين ترامب وبوتين، خصوصًا فيما يتعلق بإمكانية مكافأة الرئيس الروسي على حربه الباهظة التكلفة، قد تشكل مؤشرًا لما قد يحدث إذا قرر الزعيم الصيني شي جين بينغ الاستيلاء على تايوان.