مقتل شخص في غارة إسرائيلية على سيارة في جنوب لبنان
أثارت معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين إيران وروسيا مخاوف الدول الأوروبية.
وتأتي المعاهدة التي ستوقع الجمعة، في ظل احتجاج الدول الأوروبية الحاد على التعاون العسكري بين موسكو وطهران، خاصة فيما يتعلق باستخدام روسيا للطائرات المسيرة الإيرانية في الحرب الأوكرانية.
وبحسب بيان الكرملين، فإن الاتفاقية الشاملة تستهدف توسيع نطاق العلاقات بين موسكو وطهران بنحوٍ أكبر، منها خيارات في مجالات التجارة والاستثمار والنقل والخدمات اللوجستية والمجالات الإنسانية.
وتعليقاً على هذا، قال كاظم جلالي، السفير الإيراني في موسكو، إن اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين طهران وموسكو ستنظم العلاقات بين البلدين في العقدين المقبلين، وفقًا لما أفادت وكالة تاس الروسية للأنباء.
وبحسب المراقبين، تمثّل الاتفاقية الجديدة بين إيران وروسيا رداً استراتيجياً على الضغوط والعقوبات الأوروبية المتزايدة على البلدين، وتجسيداً لرغبتهما في تعزيز مواقفهما المشتركة في مواجهة الضغوط الغربية.
وعن دلالات توقيع الاتفاقية بين موسكو وطهران وتأثيرها على الحرب الأوكرانية، قال د. سمير أيوب، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، إن معاهدة الشراكة الاستراتيجية بين روسيا وإيران تخص الدولتين فقط.
وأشار أيوب إلى أنها "تشمل العديد من المجالات منها عسكري واقتصادي ومجال الطاقة والنقل، وأن هذه الاتفاقية مطابقة لنظيرتها الموقعة بين روسيا وكوريا الشمالية التي تتضمن بنودا واضحة بوجود تعاون عسكري".
وأكد في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن هناك اختلافا بين الاتفاقيتين، خاصة أن الاتفاقية الاستراتيجية الشاملة بين روسيا وإيران لا يوجد بها بند بأحقية طرفيها دفع الضرر العسكري الواقع عليهما من أي تهديد خارجي.
لكنه لفت إلى وجود بعض البنود التي تؤكد أن هناك تعاونا عسكريا فيما بينهم بشكل يحفظ أمن البلدين، وأن التعاون معظمه يكون في مجال مكافحة الإرهاب والحفاظ على أمن البلدين.
وأوضح أن الغرب يحاول تصوير تلك الاتفاقية على أن الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران لديهم طموح في التعامل العسكري لمواجهه الولايات المتحدة والدول الأوروبية.
وأشار إلى أن "الهدف من هذا التعاون هو مكافحة الإرهاب ومساعدة الدول الأخرى التي تواجه بعض الصعوبات العسكرية، لأن هناك دولاً بحاجة لتطوير معداتها، وأن تكون لديها القدرة في الدفاع عن نفسها، ومن هنا أهمية التعاون بين هذه الدول، لافتًا إلى أن التعاون العسكري بين روسيا وإيران ليس ظاهراً كما هو الحال بين روسيا وكوريا الشمالية".
واستبعد أيوب تصور البعض على أن تلك الاتفاقية ستسمح لإيران بإرسال جنودها إلى روسيا للقتال ضد أوكرانيا".
وقال إنه "من الوارد أن تكون هناك مساعدات إيرانية في مجال الطائرات المسيرة، إذ إن إيران لديها الخبرة والتجارب في هذا المجال يمكن أن تستفيد منها روسيا، وفي الوقت نفسه تتعرض إيران إلى تهديدات من قبل دول أخرى خاصة الولايات المتحدة وإسرائيل، ولذا هي بحاجة لمنظومة دفاع جوي".
وأوضح أن "روسيا بحاجة إلى مثل هذه الاتفاقية، خاصةً أنها تواجه حلف الناتو على الساحة الأوكرانية وهي بحاجة لطائرات مسيرة بأعداد كبيرة".
ولفت إلى أن هذا النوع من الطائرات أصبح أساس المواجهة في المعركة بين روسيا وأوكرانيا، وتستخدم روسيا هذه الطائرات في ضرب المعدات الغربية في الوقت الذي تتعرض فيه روسيا لهجمات بالطائرات تصل لبعض المدن الروسية.
وأردف: "ولذا فإن التعاون الروسي الإيراني ليس موجها ضد أوكرانيا كما يعتقد الغرب".
وأضاف المحلل السياسي أنه "لا يمكن أن نقول إن إيران اليوم تستهدف أوكرانيا من خلال روسيا، وأكدت إيران عدة مرات أنها لا تتدخل في هذا النزاع على الرغم من وجود علاقات مع روسيا في مجال الطائرات المسيرة".
وأشار إلى أن "روسيا لديها القدرة العسكرية التامة وسلاح جو متطور تعتمد عليه، ولهذا لا تعتمد على المساعدات العسكرية من دول أخرى باستثناء بعض المعدات التقليدية في المخازن الكورية أو الإيرانية ويمكن أن تصدر إلى روسيا مقابل تكنولوجيا أسلحة حديثة".
وتابع أنه "حتى الآن لا توجد أي تصريحات رسمية تتعلق بمساعدة إيران وكوريا الشمالية مباشرة لروسيا في الأزمة الأوكرانية، كما أن إيران نفت ادعاءات الغرب بمساعدة روسيا في هذه الحرب".
واعتبر أيوب أن "تلك الاتفاقية تؤدي إلى تنظيم العلاقات بين تلك الدول خاصة مع وجود أحلاف مشتركة بينهم، مثل "بريكس" وقمه شنغهاي، ولذا فإن هذه الدول من الطبيعي أن تكون بينها معاهدات تحفظ أمنها وتقوي اقتصادها في ظل العقوبات الأمريكية المفروضة عليها".
بدوره، قال بسام البني، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، إن اتفاقية الشراكة الاستراتيجية التي سيتم توقيعها بين روسيا وإيران مهمة جدّا في تعزيز موقع روسيا الإقليمي والدولي، وكذلك تعزيز موقفها في الحرب ضد أوكرانيا وسوف يعطيها زخمًا ووهجًا إضافيًا.
وأشار البني في تصريحات لـ"إرم نيوز" إلى أن تصريحات الناطق الرسمي باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، التي قال فيها إن هذا الحدث مهم بالنسبة لروسيا ويعكس فعليًا أهمية الاتفاقية الاستراتيجية لموسكو.
وأضاف أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان سوف يزور روسيا للتوقيع على الاتفاقية مع نظيره الروسي، وهي اتفاقية بديلة للاتفاقية التي انتهت منذ 3 سنوات بناء على بنودها.
وأكد البني أن الاتفاقية سوف تتضمن عدة مجالات، منها التجارة والاستثمار والنقل والخدمات اللوجستية والمجالات الإنسانية، وأن بوتين وبزشكيان سيبحثان القضايا الراهنة المدرجة على الأجندة الإقليمية، هذا بخلاف التعاون في المجال العسكري الذي قد تتضمنه اتفاقية الشراكة الاستراتيجية.
وأوضح أنه من المنتظر الكشف عن بنود اتفاقية الشراكة الاستراتيجية في يومي 17 و18 يناير الجاري، والمؤتمر الصحفي الذي سيبدأ بعدها سوف يكشف عن كل الأمور العسكرية في الاتفاقية.