دعم أم تسويق "خردة".. جدل أوروبي حول مساعدات بريطانية وفرنسية لأوكرانيا

شهدت الساحة الأوروبية سجالا حول نوعية الأسلحة المرسلة من الدول الأوروبية لأوكرانيا، لدعم قوات كييف منذ بدء الصراع الروسي الأوكراني وسط اتهامات بنقل "خردة عسكرية" قد تكون سببا في ضعف أداء القوات الأوكرانية.

وبحسب هيئة التدقيق الوطني البريطانية، في بيان سابق لها، فإن لندن دعمت كييف بمساعدات عسكرية قديمة، كانت عبارة عن 14 دبابة "تشالنجر 2" بقيمة بلغت 17 مليون جنيه إسترليني بدلاً من سعرها الذي يساوي 47 مليون جنيه، وهو ما يعني أنها كانت على وشك الخروج عن الخدمة.

وفي مفاجأة جديدة، أعلن وزير الدفاع الفرنسي، سيباستيان ليكورنو أن المساعدات الفرنسية لأوكرانيا تعتمد على 3 معطيات، أولاً، تسليم المعدات القديمة التي كان يجب سحبها من الخدمة، وثانياً، على عكس بعض حلفائنا الأوروبيين، نحن لا نشتري معدات من الولايات المتحدة، بل نتلقى طلبات من مؤسسات الصناعة الدفاعية الفرنسية، وأخيراً، سنستخدم عائدات الأصول الروسية المجمدة لشراء معدات عسكرية لأوكرانيا.

وأدت تصريحات الوزير الفرنسي وما سبقها من بيان لهيئة التدقيق الوطني البريطانية إلى تساؤل عن تسببها في تقدم الروس داخل الأراضي الأوكرانية بشكل ملحوظ، وما خلفيات هذه القرارات الأوروبية، وتأثيرها على سيناريوهات الصراع حال استمراره.

ويُجيب الخبراء في تصريحات لـ "إرم نيوز" عن هذه التساؤلات، بأنّ "الغرب يتعامل مع أوكرانيا من خلال بيع الأسلحة القديمة بأسعار مخفضة على أنها "تجارة خردة" بسبب رغبتهم في تحديث المعدات العسكرية".

 وقال الخبير العسكري نضال زهوي إن مصانع إنتاج الأسلحة الفرنسية تنتج الآن كميات كبيرة من الأسلحة الحديثة، ولذلك تقوم بالتخلص وإفراغ مخزونها من الأسلحة القديمة، التي لم تستخدم وأصبحت في طور انتهاء صلاحيتها، بينما يتم منحها لأوكرانيا بثمن باهظ، يُقطع من المنح والمساعدات التي تُمنح لأوكرانيا، ونفس الشيء تفعله بريطانيا وألمانيا، رغم أن برلين بدأت تمنح أوكرانيا بعضاً من الأسلحة الحديثة مؤخراً، لهذا يعمل الفرنسيون على تجديد الكثير من الأسلحة ومنح أوكرانيا الأسلحة القديمة.

وأوضح زهوي في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز" أن الأسلحة القديمة لا تعتبر حافزًا كبيرًا للجيش الأوكراني لعدة أسباب، منها أن نظام "كروز" البريطاني الممنوح لأوكرانيا لم يحدث أي تأثير حتى في الداخل الروسي، لأن مضادات الصواريخ  الموجودة في روسيا أحدث بكثير من الصواريخ التي تستخدم، مشيراً إلى أن صواريخ نظام "كروز" ذات الفاعلية معدلة كثيرًا عن صواريخ "كروز" الممنوحة لأوكرانيا.

وأضاف زهوي أن لذلك دلالات أن المسألة الأوكرانية أصبحت في طور الانتهاء، وأن قضية الصراع في الشرق الأوسط قد تأخذ اهتمام الغرب بكل أكبر عن القضية الأوكرانية لصالح روسيا، قائلاً إن هناك معلومات شبه مؤكدة باستقدام روسيا لقوات من كوريا الشمالية تصل إلى 13 ألف جندي حتى تتمكن من شن هجوم للسيطرة على أوديسا وإخراج أوكرانيا من البحر الأسود.

وأوضح أن مجرد السماح لهذه القوات بالمجيء إلى روسيا يعني أن أمريكا راضية عما تفعله روسيا، وخاصة مع العدد الكبير من القوات، لأنه بإمكان واشنطن أن تعرقل عمليات النقل إذا صحت هذه المعلومات، على حد قوله.

ومن جانبه، قال مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية ديميتري بريجع، إن السبب الأساسي في تزويد أوكرانيا بأسلحة قديمة سواء كانت فرنسية أم بريطانية يهدف إلى التخلص منها وتصنيع أسلحة جديدة، وحتى الولايات المتحدة الأمريكية أرسلت أسلحة قديمة سوفييتية وغيرها إلى أوكرانيا.

وأضاف بريجع في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز" أن أوكرانيا أصبحت مكانًا للتخلص من الأسلحة القديمة.

وكان وزير الدفاع الروسي السابق سيرغي شويغو أكد أنه تم تجربة 300 نوع من السلاح في سوريا ونفس الشيء في أوكرانيا التي أصبحت مكانًا لتجربة السلاح الأمريكي وحتى الروسي، فعندما يجرب الأمريكان أسلحتهم في أوكرانيا يقومون بتحسين أسلحتهم في سوق السلاح الدولي، وفق بريجع.

وتابع أن الصناعات العسكرية الروسية يتم تجربتها أيضا من دبابات وطائرات ومسيرات، مشيرًا إلى أن الأسلحة القديمة تكلفتها أقل وثانياً يمكن التخلص منها، للاستفادة من صناعة سلاح جديد.

وأكد بريجع أن الأسلحة القديمة ليست لها فعالية ولا يمكن أن تغير موازين القوة على أرض المعركة، وهي فقط يمكن أن تستخدم في الدفاع وليست أسلحة هجومية فعالة على الإطلاق.