اعتبرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، أن استقالة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، من منصبه كرئيس للحزب الليبرالي، أعطت الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، فرصة لإقحام نفسه في الشأن الكندي.
وكان قرار ترودو بمثابة بداية سباق زعامة على خلفية الانتخابات العامة الوشيكة، التي ستُعقد وسط اضطرابات سياسية ناجمة عن القومية الاقتصادية التي يحملها شعار الرئيس الأمريكي المُنتخب دونالد ترامب وهو "أمريكا أولاً".
وبيّنت الصحيفة أنه منذ استقالة ترودو يوم الاثنين الماضي، نشر ماسك عبر منصته "إكس"، مرارًا وتكرارًا عن السياسة الكندية، مشيدًا بمقاطع فيديو لبيير بواليفير، زعيم حزب المحافظين الكندي، بينما كان يتلذذ بسقوط ترودو ويتواصل مع المؤثرين اليمينيين الكنديين.
وكان ترامب وماسك يروجان لفكرة أن تصبح كندا جزءًا من الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي رفضه كل زعيم حزب كندي رئيسي، بما في ذلك بواليفير.
وردًا على ذلك، قال ترودو، إنه "لا توجد فرصة ولو كرة ثلج في الجحيم" لتحويل اقتراح ترامب إلى حقيقة، لكن ماسك رد عليه قائلًا: "يا فتاة، أنت لم تعودي حاكمة لكندا، لذا لا يهم ما تقولينه".
وترمز منشورات ماسك إلى محاولاته المتوسعة للتأثير على السياسة العالمية على مدار العام الماضي، حيث شكل تحالفات مع عدد من الزعماء الشعبويين اليمينيين، وعزز نفوذ المؤثرين اليمينيين المتطرفين، وعبر بشكل مهووس عن مظالم المحافظين، وفق الصحيفة.
ودفع تدخل ماسك في السياسة الأوروبية القادة في المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا إلى التحدث علنًا ضد تدخله في الانتخابات والمعلومات المضللة، ويبدو أن دور كندا قد حان للتعامل مع أغنى رجل في العالم، وفقًا للصحيفة.
وفي سلسلة من منشورات أعقبت استقالة ترودو، أعرب ماسك عن دعمه لبواليفير، الذي من المتوقع على نطاق واسع أن يهيمن حزبه المحافظ على الانتخابات الكندية بعد 3 حكومات ليبرالية متتالية.
وكتب جاجميت سينغ، زعيم الحزب الديمقراطي الجديد اليساري في كندا، ردًا على منشورات ماسك: "إيلون ماسك ومليارديرات آخرون يدعمون بيير بواليفير لأنه إذا فاز، فسوف يصبحون أكثر ثراءً".
وعندما سُئل بواليفير عن تأييد ماسك في مؤتمر صحفي يوم الخميس، أجاب "سيكون من الجيد أن نتمكن من إقناع ماسك بفتح بعض مصانعه هنا في كندا".
وكان بواليفير معروفًا ذات يوم بأنه عضو برلماني عدواني ذو وجه طفولي أطلق عليه المشرعون الآخرون لقب "سكيبي"، وقد تخلى عن نظارته وربطة عنقه في السنوات الأخيرة ليتولى شخصية أكثر شعبوية.
وبوصفه معارضًا لـ"أجندة ترودو الاستبدادية"، لعب بواليفير دورًا في الخطاب التآمري حول "النخب العالمية" ووعد بتقليص الهجرة بينما ألقى باللوم على الحزب الليبرالي في التضخم الاقتصادي.
وأشارت الصحيفة إلى أن العديد من النقاط التي أثارها بواليفير تذكر بالأفكار التي قد يروج لها ماسك بنفسه، بما في ذلك تبني العملات المشفرة، وخفض التمويل الحكومي، وإنشاء منصب حكومي عقابي جديد، "حارس حرية التعبير".
وأظهر استطلاع للرأي قبل استقالة ترودو أن حزب المحافظين يتمتع بميزة كبيرة وأن كندا قد تتأرجح بشكل كبير إلى اليمين هذا العام، كما أظهر استطلاع أجري الشهر الماضي، أن 37 % فقط من الكنديين ينظرون إلى بوليفير نفسه في ضوء إيجابي.
وعلى الرغم من تأييد ماسك، فقد يواجه بواليفير أيضًا مهمة موازنة مدى قربه من ترامب، الذي لا يزال شخصية غير شعبية إلى حد كبير في كندا، بحسب الصحيفة.
ووجد استطلاع للرأي خلال السباق الرئاسي الأمريكي أن 21 % فقط من الكنديين يؤيدون إعادة انتخاب ترامب، بينما وجد استطلاع منفصل في نوفمبر/ تشرين الثاني أن حوالي 19 % فقط من الكنديين يثقون برأي ماسك في سياسة بلادهم.
وكان ترودو هدفًا لوسائل الإعلام اليمينية منذ فترة طويلة قبل هجمات ماسك، حيث خصص المعلقون اليمينيون المتطرفون مثل مذيع فوكس نيوز السابق تاكر كارلسون مقاطع تصور رئيس الوزراء على أنه نوع من الديكتاتور الاشتراكي وكندا على أنها جحيم بائس.