هل ينجح زيلينسكي في دفع "الناتو" لصدام مباشر مع روسيا؟

على وقع خسائر في القوات والمعدات والأرض، تحركت أوكرانيا باتجاه حلفائها الغربيين، خوفًا من فقدان المزيد من الأراضي بعد التقدم الروسي غير المسبوق والسيطرة على الكثير من البلدات الرئيسية في محاور الشمال والشرق معًا.

وكشفت وزارة الدفاع الروسية، في بيان لها، إجمالي الخسائر الأوكرانية خلال العمليات القتالية منذ بدء الصراع في فبراير شباط 2022، مؤكدة أن كييف فقدت أكثر من 24367 عسكريا، و167 دبابة، و79 مركبة قتال مشاة، و101 ناقلة جنود مدرعة، و952 مركبة قتالية مدرعة، و651 شاحنة.

وتضمن البيان الروسي أن كييف خسرت حتى الآن حوالي 200 قطعة مدفعية، و38 راجمة صواريخ، و9 منصات دفاع جوي صاروخية، و48 محطة حرب إلكترونية، وتسعة رادارات مضادة للبطاريات، وثلاثة رادارات للدفاع الجوي.

ومع هذه الخسائر، يحاول الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الحصول على المزيد من الدعم الغربي من دول شمال الأطلسي "الناتو"، إذ طرح في خطابه الأخير في بروكسل احتمالية سعي بلده إلى اقتناء السلاح النووي في مسعى إلى ردع موسكو، حال تعذّر عليه الانضمام إلى الناتو.

وقال: "إما أن تمتلك أوكرانيا أسلحة نووية توفّر لها الحماية وإما أن تنضمّ إلى حلف ما.. ولا نعرف تحالفاً بفاعلية الناتو".

وفي منتصف الأسبوع الماضي، وقف الرئيس الأوكراني أمام قادة الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، يعرض "خطة النصر"، وعلى إثرها أبدى زعماء من الدول الأوروبية التحفظ عليها، أبرزهم المستشار الألماني أولاف شولتس، ورئيس الوزراء المجري.

ويرى مراقبون أوروبيون أن التحركات والمساعي الأوكرانية لن تؤدي إلى وقف الحرب بل تهدد المنطقة الأوروبية بأكملها، وتمهد لدخول الناتو طرفًا في الصراع المباشر مع روسيا، ما يهدد ببدء الحرب العالمية الثالثة.

مشاركة الناتو

حول ذلك، قال المحلل السياسي الخبير في الشؤون الروسية الدكتور نبيل رشوان، إن أوكرانيا تدفع في اتجاه أن يشارك الناتو في الحرب منذ بدايتها.

وأشار إلى أن "الوتر الذي يتم اللعب عليه الآن هو الترويج الأوكراني لوجود 12 ألف جندي من كوريا الشمالية استقدمتهم روسيا للحرب مع روسيا ضد أوكرانيا".

وأكد رشوان، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن الفترة الأخيرة تشهد حالة استقطاب حادة، فعلى سبيل المثال كوريا الجنوبية تريد إرسال قوات أو خبراء أو مدربين عسكريين إلى أوكرانيا، وفرنسا كذلك.

وأضاف أن "الهدف من تلك التحركات بالنسبة لأوكرانيا هو توريط أكبر عدد ممكن من الدول في الحرب معها، بالإضافة إلى الضغط على روسيا لمنع دخول أو استقطاب قوات من كوريا الشمالية، رغم أن هذه الأنباء غير مؤكدة".

حرب عالمية ثالثة

واعتبر رشوان أن تدخل الناتو بشكل مباشر في النزاع الروسي الأوكراني هو "مسألة وقت.. وفي تلك الحالة ستكون حرباً عالمية ثالثة".

وقال: "أوكرانيا تدفع في هذا الاتجاه بكل الطرق، وتخسر ببطء، وروسيا تتقدم داخل الأراضي الأوكرانية للسيطرة على أكبر عدد ممكن من الأراضي حتى يمكنها فرض شروطها بقوة في حالة وجود أي مفاوضات".

من ناحيته، قال الدكتور محمود الأفندي المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، إن الرئيس الأوكراني "يلعب الآن لعبة سياسية أكبر منه"، مشيرًا إلى أنه مع نهاية الحرب العالمية الثانية وعندما أصبحت هناك دول نووية أصبح من الصعوبة أن تحارب تلك الدول بعضها البعض؛ لأن هذا يؤدي إلى حرب نووية، لذلك ظهرت الحروب بالوكالة والحروب الباردة.

وأكد الخبير في الشؤون الروسية، في تصريحات لـ "إرم نيوز" أن الولايات المتحدة الأمريكية استطاعت بالحرب الباردة هزيمة الاتحاد السوفيتي، وبعد ذلك وضع الأمريكان خطة لتفكيك روسيا عن طريق تجنيد الدول المحيطة بها والتي يوجد بها نوع من النزاعات فقاموا بتجنيد جورجيا وأوكرانيا.

وأضاف أن "الحرب بالوكالة مستمرة الآن وهدفها إما هزيمة روسيا أو إضعافها، لكن الدخول في مواجهة مباشرة مع روسيا يعني قيام حرب نووية، وهذا لن يكون في مصلحة الغرب بأي شكل من الأشكال".

عزل روسيا 

وذكر الأفندي أن الرئيس زيلينسكي "ينازع الآن بعد أن أصبحت هزيمته وشيكه، والغرب مهمته الأساسية إضعاف وعزل روسيا، وكان عنده خطة عن طريق الحرب الأوكرانية والعقوبات الاقتصادية والعزل السياسي، ومن ثم إثارة التوترات داخل الشعب الروسي للثورة ضد الرئيس بوتين والإطاحة به".

وأكد: "فشلوا في هذا الأمر، وهم يحاولون الآن بشتى الطرق عن طريق استمرار الدعم لأوكرانيا والتضحية بآخر جندي أوكراني".

وأشار المحلل السياسي إلى أن الرئيس الأوكراني مستعد الآن لتجنيد النساء في صفوف الجيش، وهذا ما صرح به قائد الأركان الأوكرانية السابق عندما قال: "إذا اضطررنا لحماية أوروبا فسوف نجند نساءنا".

وأوضح أنه رغم محاولات زيلينسكي لتوريط الناتو في حرب مباشرة مع روسيا، فإن ذلك لن يحدث خاصة بعد أن غيرت روسيا العقيدة النووية.

وأكد أنه "مع أي تجاوز للخطوط الحمراء سوف تلجأ روسيا للحرب النووية، والغرب يفهم ذلك جيداً، ومن ثم فإن الناتو لن يدخل في حرب مباشرة مع روسيا، وأي تصريحات في هذا الشأن هي لتخويف واستفزاز روسيا فقط".