صندوق الثروة السيادي الروسي: موسكو وواشنطن بدأتا محادثات بشأن المعادن الأرضية النادرة
محتسيًا الشاي من أعلى قمة جبل قاسيون المطل على دمشق، وبرفقة وزير الخارجية التركي، هكذا تبدو الصورة التي جمعت قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع ووزير الخارجية التركي هاكان فيدان، قادرة على الكلام، في لقطة وُثقت بعد أقل من أسبوعين، على سقوط نظام بشار الأسد.
لم تتوقف المحادثات التركية مع الفصائل المسلحة في سوريا طيلة سنوات حصار إدلب، دُرس كل شيء جيدًا، وجاء قرار العمل العسكري الذي أطاح بالنظام السوري بضوء أخضر تركي وفق مراقبي المشهد، على الأقل هذا ما أشار إليه أردوغان بتصريحه المباشر بعد سقوط النظام، حينما ألمح لرفض الأسد بوادر الحل السياسي.
أربعة أيام كانت كافية بعد سقوط النظام لتسجيل أول زيارة تركية لدمشق، بل والأولى عالميًا لشخصية رسمية تلتقي الشرع في العاصمة. رئيس الاستخبارات التركية إبراهيم كالين يطأ دمشق، أيام قليلة بعدها، يصل وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، والآن زيارة قريبة لأردوغان باتت محط جدل كبير قد يُترجم واقعًا في القريب العاجل، وفق مصادر تركية رسمية.
كانت تركيا أسرع الدول التي عبدت طريقها الدبلوماسي نحو العاصمة دمشق، أسئلة كثيرة تحلق في سماء "الهمة التركية" وبوادر الدعم منقطع النظير، على الأقل كلاميًا حتى الآن، فما الذي تريده تركيا من سوريا؟ وأي خطط لها في المستقبل القريب والبعيد؟
تصفية "قسد" والتخلص من كابوس حزب العمال الكردستاني
خط أردوغان الأحمر في سوريا، يدركه الجميع؛ حدود جنوبية آمنة مع الشمال السوري، يتمثل هذا بتصفية "وحدات حماية الشعب الكردية"، التي تعد أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، إذ تعدها تركيا امتدادًا لمسلحي حزب العمال الكردستاني الذين خاضوا تمردًا ضد الدولة التركية لمدة 40 عامًا، وتعدهم أنقرة وواشنطن والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية.. في حين تستثني أمريكا وحدات حماية الشعب من هذا التصنيف، ولا تعدها تابعة لقوات حزب العمال.
الأكراد، أو هدف تركيا في "المستقبل القريب" خاضوا فورًا معارك عسكرية مباشرة بعد سقوط النظام السوري، ضد الجيش التركي وفصائل أخرى تابعة له، واستنجدوا كما جرت العادة بالورقة الأمريكية، بعد سيطرة تركيا على مدينة منبج الحدودية مع تركيا، الأمر الذق قُوبل بـ"تطنيش" أمريكي هذه المرة، إذ تتخذ أمريكا موقفًا مغايرًا للصورة التي صدّرت بها نفسها حامية للأكراد وداعمة لهم في حربهم ضد داعش لسنوات خلت.
هي لُحمة "أمريكية تركية" تلوح في الأفق عنوانها مصالح مشتركة، ستتضح معالمها في المستقبل القريب، فيما تعد الموافقة الأمريكية فيها شرطًا لسحب السلاح من القوات الكردية.
تركيا والحلم العثماني في "سوريا" بطريقة عصرية
منذ سقوط نظام الأسد، برزت تركيا كمحطة مهمة للنقاشات الدولية والإقليمية وباتت في غضون أيام بعد سقوط النظام حجر زاوية للحل السياسي السوري.
اتصالات مع أمريكا وزيارات لدمشق، وتأكيدات غربية بضرورة التعاون مع الجانب التركي حاليًا، صورة يترجمها كلام أحمد الشرع بوابل من الترحيب لما وصفها دولة لطالما كانت إلى جانب الشعب السوري، وبأن إدارة سوريا الجديدة لن تنسى ما قدمته أنقره لها.
كل هذا يرسم صورة المشهد السوري الجديد سياسيًا على الأقل، بريشة تركية، لا سيما إذا ما صدقت أقوال أردوغان بأن بلاده تعتزم مساعدة سوريا حتى في وضع دستور البلاد.
الحلم العثماني في سوريا كما يروق للبعض وصفه، لطالما أسال حبر الصحافة في سنوات ماضية، وقد وُصف بالحلم المنهار عام 2020 كما جاء بتقرير بلومبيرغ في ذلك الحين، بعد انتخابات الرئاسة التي جدد فيها الرئيس المخلوع بشار الأسد حكمه آنذاك، لكن اليوم ومع تشكيل جسد سياسي سوري يتطابق مع الحكومة التركية قولًا حتى الآن وربما فعلًا في المستقبل، فإن "الاستيلاء غير الودي" لتركيا على سوريا كما وصفه ترامب، قد يجعل من أنقرة مفتاحًا للحل السوري في المستقبل.
اقتصاديًا وتحت بند إعادة الإعمار، لك أن تتخيل بأن شركات تركية أنتجت 500 ألف علم للثورة السورية، في غضون أيام بعد سقوط النظام، في وقت تسابق فيه شركات تركية أخرى بمختلف المجالات لحجز مقعدها الاقتصادي في سوريا، فالرئيس التنفيذي لشركة "LC Waikiki" للملابس التركية، أكد أنه بدأ يتلقى طلبات للحصول على وكالات بيع وحقوق امتياز لمنتجات الشركة في سوريا..
أما شركات البناء التركية حصرًا فشهدت قفزات نوعية في أسهمها، فقط لمجرد التكهنات بأنها ستؤدي دورًا محوريًا في إعادة إعمار سوريا، فارتفعت على سبيل المثال أسهم شركة "تشيمسا" التركية للإسمنت، بنسبة 10%، وبذات النسب قفزت أسهم كل من شركة إسكندرون للصلب "إيسديمير" وشركة "ليماك" للإسمنت.
في إجابته حول اتفاقية للدفاع المشترك مع سوريا، أشار وزير الدفاع التركي يشار غولر لإمكانية تحقيق المطلب، إذا ما طلبت الإدارة السورية الجديدة هذا. يأتي ذلك تزامنًا مع أيادٍ تركية ممدودة لتقديم الدعم العسكري بما يسمح بالمشاركة في تشكيل جيش سوريا الجديد، ولتركيا "وفق خبراء" دور بارز في هذه النقطة، إذ سيحتاج الشرع إلى مساعدة أنقرة في استقرار توحيد الفصائل جميعها، بما فيها قسد تحت مسمى جيش سوريا الجديد.
رُفع العلم التركي في السفارة التركية بدمشق لأول مرة منذ 13 عامًا، ومعه الأحلام التركية بدمشق آمنة تحت وصايتها بين هلالين، فهل ينجح أردوغان في تحقيق حلمه العثماني؟