وزير الصحة البريطاني: هجمات إسرائيل على غزة غير مبررة ولا تطاق
يعد الكاتب أحمد طيباوي أحد أبرز الأسماء على الساحة الجزائرية فيما يتعلق بجيل الوسط من أدباء الرواية والسرد عموما. وتطرح روايته الأخيرة "الحب عربة مهترئة" تساؤلات حول مصير الإنسان وخياراته انطلاقا من هذا التساؤل: ماذا لو أتيح لأحدنا أن يغير مسار حياته، ويختار بدائل أخرى لها كأنه يبدأ من جديد؟
صدر لأحمد طيباوي من قبل روايات "باب الوادي"، "اختفاء السيد لا أحد"، "موت ناعم"، "مذكرات من وطن آخر"، كما حاز عدداً من الجوائز مثل "جائزة نجيب محفوظ للأدب" و"جائزة الطيب صالح للإبداع الكتابي"، فضلاً عن جائزة "رئيس الجمهورية للمبدعين الشباب".
التقى فريق "إرم نيوز" الأديب الجزائري وطرح عليه عددا من التساؤلات، سواء فيما يتعلق بتجربته الإبداعية أو قضايا الثقافة بشكل عام.
مزيج من كل شيء تقريبا، هناك قيود كثيرة تجعل اختياراتنا الفردية والمجتمعية محدودة، تتباين الحدود باختلاف الحالات والسياق بطبيعة الحال، لكنها موجودة في المجمل وضاغطة علينا بشدة.
فكرة حرية الاختيار التي تجاوزها العالم كله تقريبا ما زالت غير متاحة عندنا، وعندك أيضا علاقتنا بالماضي التاريخي والديني، وهناك قيود الوضع المعيشي ومستويات الدخل البائسة للفرد العربي باستثناء دول قليلة.
وهذه مجرد عينة، مع كل هذه الإكراهات من الطبيعي ألا تكون أمامنا اختيارات كثيرة ولن يتاح لنا ترف المفاضلة بينها.
لا أعرف تحديدا من أين تأتي هذه الفكرة أو تلك، أظن أن أشياء كثيرة تترسب وتختمر في عقل الكاتب ووجدانه ثم تصل لمستوى من الأثر بداخله، فتخرج في شكل فكرة رواية أو جزء منها. القراءة والتجارب الشخصية أو المشاهدة لهما دور كبير في هذا.
هذا بشكل عام، أما بالنسبة لهذه الرواية تحديدا، الحب عربة مهترئة، فكانت البداية من سؤال يبدو عبثيا أو بلا إجابة، ماذا لو أتيح لأحدنا أن يغير مسار حياته، ويختار بدائل أخرى لها كأنه يبدأ من جديد.
وبطل روايتي هذه، في لحظة حاسمة من حياته في مواجهة الموت، يعيد التفكير فيما عاشه وما سوف ينجر عليه، ويتأمل علاقته بالآخرين، ثم يذهب إلى حد التفكير في الحياة لو هو رحل عنها. عمدت في هذا النص التجريب في الشكل والأسلوب وأيضا في المضمون والدلالات.
لا أعرف تحديدا، لم ألبس ثوب الحكيم في هذه الرواية وعموما لست ممن ينبرون لإعطاء دروس للآخرين في الحياة. طرحت أفكارا وحالات إنسانية، أتقاسمها مع القارئ بالشكل الفني والأدبي الذي أطمع أن يرضيه، غايتي أن نعيد التفكير في موانع وقيود متوهمة، اعتبرناها حتميات لا هروب منها.
ليست سيئة بالمطلق، هناك من يرى بأن الآداب والفنون قد تم تسليعها، بالنظر لطرح المقابل المادي نظير ما هو فني وقيمي، وظهور الكتّاب النجوم والأكثر مبيعا، لكن الجوائز ليست بدعة في الرواية، هناك جوائز في كل المجالات: البحث الأكاديمي والعلوم والرياضة.
وحتى كبار الشعراء العرب كانوا يتبارون فيما بينهم ليحظوا بعطايا وهدايا من ذوي السلطان والوجهاء. الجدل حولها طبيعي ومشروع، وتطرح أسئلة حول كيفية جعلها تخدم الأدب والإبداع الحقيقي، لجهة الأطراف الممولة وكفاءة وحيادية المحكمين ومعايير اختيار الروايات.
أفرزت الجوائز لجمهور الأدب نصوصا جميلة وقوية، وأعطت دفعة لكثير من الموهوبين الذين كانوا مغمورين، لكن ليست كل النصوص المتوجة تستحق، يعزو بعضهم ذلك لكون القراءة ذاتية ولجنة التحكيم لها وجاهة اختيار هذه الرواية أو تلك، ومع ذلك فإن الروايات المتوسطة أو البائسة ستبقى كذلك مهما نالت من جوائز.
تصدر روايات كثيرة كل سنة، إذا اعتبرنا أن كل ما يطبع في هذا الباب رواية حقا، بعضها جيد أو متوسط. هناك استسهال ما في هذا الصدد، لكن لدينا أقلاما تكتب بشكل بديع، من الأسماء المكرسة والجديدة. أتصور أننا نتجه لنضج أكبر فيما يكتب ضمن فن الرواية.
لا أتفق في كونه خافتا، ربما حاضر بأقل مما يستحقه. الأسباب كثيرة يتعلق بعضها بالأداء التعيس الذي تقدمه بعض مؤسساتنا الثقافية والإعلامية، وبرأيي أن هذا الوضع يتغير تدريجيا في السنوات الأخيرة بفضل شبكات التواصل وإنجازات الروائيين وجهودهم.
ليس تماما، ومع ذلك فالحال متشابه في الأقطار العربية، هناك اكتظاظ في المشهد الأدبي، الكثير من الروائيين والروائيات وعدد كبير من الإصدارات، وليس من المتوقع أن تحظى كل الأعمال بالاهتمام النقدي والإعلامي نفسه.