عاجل

بدء جلسة الحكومة الإسرائيلية المصغرة في مقر وزارة الدفاع بعد تأجيلها لساعات

logo
أخبار

كيف غير اتفاق وقف إطلاق النار في القوقاز موازين القوى بين تركيا وروسيا؟

كيف غير اتفاق وقف إطلاق النار في القوقاز موازين القوى بين تركيا وروسيا؟
13 نوفمبر 2020، 2:39 ص

مع رفع قبضته انتصارا، وضع وزير الدفاع الأذربيجاني ذراعه حول نظيره التركي، مبتسما وهو يرتدي ملابس عسكرية، وكُتِب على صورة وزارة الدفاع الرسمية تعليق يقول: "القائد العام للجيش المنتصر ووزير دفاع أقرب حليف لأذربيجان!".

ووفقًا لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، كان هذا البيان صادما نظرا لكونه صادرا عن رئيس الدولة السوفيتية السابقة التي كانت تنظر في السابق إلى الشمال إلى روسيا باعتبارها أهم شريك لها، إلا أن النزاع الذي استمر 6 أسابيع مع أرمينيا بشأن منطقة ناغورني قره باغ والذي أسفر عن مكاسب كبيرة لأذربيجان وجيشها المدعوم من تركيا، أعاد تقويم منظور باكو الإقليمي.

وتجمد الهدنة التي أعلنت يوم الإثنين، النزاع وتقدم أذربيجان وتتضمن اتفاقات تنص على أن تسلم أرمينيا، حليفة روسيا في مجال الدفاع، أراضي إضافية إلى جارتها قبل نهاية الشهر الجاري.

وفي حين أن موسكو التي نشرت قوات حفظ السلام، هي التي توسطت في الهدنة، إلا أن حجم نجاح أذربيجان بدعم من تركيا قد عزز النفوذ الجديد لأنقرة في منطقة القوقاز، التي ينظر إليها الكرملين على أنها باحتها الخلفية الجيوسياسية.

وقال رسلان بوخوف، مدير مركز تحليل الإستراتيجيات والتكنولوجيات الروسي: "العواقب الجيوسياسية كارثية ليس فقط على أرمينيا بل أيضًا على روسيا، حيث كان عميل الروس وحليفهم الخاسر في المعركة، وانتصر الحليف التركي بقوة".



وأضاف: "وراء الستار الرفيع لانتصار السياسة الخارجية الخادع، والمتمثل في الوساطة الناجحة وجلب قوات حفظ السلام إلى المنطقة، يقع واقع قاس، وهو أن نفوذ موسكو في منطقة القوقاز قد انخفض بشكل حاد، لصالح نمو النفوذ التركي".

ويعترف بناغورني قره باغ دوليًا كأرض أذربيجانية، ولكن القوات الأرمينية احتلتها مع عدد من المناطق المجاورة منذ أوائل التسعينيات.

وفي النزاع الذي اندلع في أواخر أيلول سبتمبر، تعهدت أذربيجان باستعادة جميع الأراضي، وكانت على شفا محاصرة عاصمة المنطقة قبل أن ترفع أرمينيا دعوى قضائية من أجل السلام.

وفي حين تؤكد الهدنة دور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كمحكم إقليمي لا غنى عنه، إلا أنها تأتي على حساب الاعتراف بتركيا كفاعل جيوسياسي في القوقاز، والذي غير دعمه من موازين النزاع الذي حافظت موسكو على توازنه لأكثر من 25 عامًا.

ويستند نفوذ الكرملين على منطقة ما بعد الاتحاد السوفيتي إلى العلاقات التجارية، والتي غالبا ما تنطوي على صادرات الطاقة الرخيصة وتقديم الشركات الروسية المساعدة المالية من خلال القروض والاستثمارات، وتهديد جيشها الضخم.

ويعتبر عنصر تهديد الجيش هو الأقوى، ولكنه الأصعب من حيث السيطرة على النتائج، حيث أخذت أذربيجان مجازفة محسوبة بأن موسكو لن تكون مستعدة للتدخل عسكريا في صراع ناغورني قره باغ، وثبت أنها كانت على حق لأكثر من 6 أسابيع.

ومن خلال مكاسبها الإقليمية الكبرى، أثبتت باكو أن موسكو ليست القوة العسكرية الوحيدة القادرة على إعادة رسم الحدود الفعلية في فترة ما بعد الاتحاد السوفييتي.

وأشاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي كان مشجعا للحرب خلال الشهر الماضي، بالاتفاق في خطاب ألقاه يوم الأربعاء، وقال إن "احتلال 28 عاما لأراضٍ تابعة لقره باغ وأذربيجان قد انتهى رسميا".





وقال اونور ايشي، الأستاذ المساعد في العلاقات الدولية في جامعة بيلكنت في أنقرة: "أردوغان يرى تركيا كقوة إقليمية، وهذا ما لن يتنازل عنه أبدا، ولن تعود تركيا لتصبح حليفة الناتو فقط كما كانت في الخمسينيات، أعتقد أن تركيا تحاول أن تشق طريقا مستقلا لنفسها".

وأضاف: "تتنازع روسيا وتركيا سياسيا في بعض الأماكن، ولا تتفقان حقا حول القضايا الجيوسياسية، ولكنهما يحاولان إدارة هذا الوضع، فلا اعتقد أننا تحالف عسكري كامل بينهما في سوريا أو القوقاز".

ويعكس التوغل التركي في الجغرافيا السياسية للقوقاز دخول موسكو الحاسم في الحرب في سوريا في العام 2015، وأنشطتها المستمرة في ليبيا، وهي المناطق التي تعتبرها أنقرة ضمن دائرة نفوذها.

وبينما كان زعيما البلدين القويين يدعمان الجانبين المتعارضين في كلا الصراعين، إلا أنهما سعيا إلى الحفاظ على علاقتهما العملية غير المستقرة والتي تقوم جزئيا على عدم ثقتهما المشتركة في الغرب.

وقال ستانيسلاف بريتشين، باحث في مركز دراسات ما بعد الاتحاد السوفيتي في الأكاديمية الروسية للعلوم: "إن الإجراءات التي اتخذتها تركيا في ناغورني قره باغ، تعمل جزئيا كرد على الأنشطة الروسية في الشرق الأوسط، حيث تحاول تركيا أن تكون لاعبا عالميا وأن يكون لها نفوذ في كل منطقة".





وأضاف: "من هذا المنظور، يبدو جنوب القوقاز إلى أنقرة منطقة مريحة دون مخاطر محتملة، ولكن تركيا لا يمكنها الاعتماد إلا على أذربيجان، وليس لديها فهم جيد للتعقيدات الإقليمية التي لا تترك سوى مساحة محدودة للمناورة".

ويؤكد نشر روسيا لحوالي 2000 جندي في ناغورني قره باغ هذا الأسبوع على استمرار نفوذ موسكو، لكنه سيزيد من مُساءلة الكرملين عن مستقبل المنطقة.

وقالت أولغا أوليكر، مديرة قسم أوروبا وآسيا الوسطى في مجموعة الأزمات الدولية: "اكتسبت أذربيجان الكثير مما أرادته، ولكن يبدو أن جزءا من الثمن هو زيادة النفوذ الروسي داخل حدودها، حيث تتحمل روسيا الآن مسؤولية أكبر بكثير عن هذا النزاع مما سبق، وهذا سيكون عبئًا في المستقبل".

وتتساوم روسيا وتركيا حول تفاصيل تسوية وقف إطلاق النار، بما في ذلك ما إذا كانت أي قوات تركية ستشارك في عمليات حفظ السلام، وهو أمر تريده باكو وتعارضه موسكو.





وقال الكرملين إن تركيا ستشارك في "مركز مشترك" لمراقبة الالتزام بمقاييس وقف إطلاق النار، ولكنه نفى تصريح باكو بأنه سيكون في ناغورني قره باغ.

وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم بوتين يوم الأربعاء: "هذا لا يتطابق مع فهمنا، فبعض الفروق الدقيقة لم تتضح بعد".

وأعلن وزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو" يوم الثلاثاء: "أنقرة وموسكو على اتصال دائم، وتستمر اجتماعاتنا حول كيفية مراقبة وتنظيم الوضع وفقا للاتفاق، وقد وقفنا إلى جانب أذربيجان الشقيقة طوال هذه الفترة، في الميدان وعلى طاولة المفاوضات".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC