الخارجية الأمريكية: المناورات الصينية في مضيق تايوان تعرض أمن المنطقة للخطر
تمر مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غرب السودان، بأوضاع أمنية معقدة، وذلك عقب الحصار الذي تتعرض له المدينة من قبل "قوات الدعم السريع"، بينما تنتشر قوات الحركات المسلحة داخل شوارعها متأهبة للقتال جنبًا إلى جنب مع الجيش السوداني، وسط مخاوف من أن تدفع هذه التطورات الإقليم نحو الصراع العرقي المفتوح.
وأصبحت مدينة "الفاشر" الوحيدة في إقليم دارفور التي ما زالت خارج سيطرة "قوات الدعم السريع"، بعد أن تمكنت الأخيرة من بسط سيطرتها على كامل الإقليم عقب معارك ضارية مع الجيش السوداني في "نيالا وزالنجي والجنينة والضعين".
وتحتضن المدينة مقر قيادة الفرقة السادسة التابعة للجيش السوداني، وهي الوحيدة المتبقية من أصل 5 فرق عسكرية في إقليم دارفور، بعد أن سقطت الـ4 الأخريات، بيد قوات الدعم السريع.
وبدت الأوضاع العسكرية في مدينة "الفاشر" أكثر تعقيدًا عقب إعلان بعض الحركات المسلحة في دارفور الانضمام للجيش في مواجهة "الدعم السريع"، بينما تُصر الأخيرة على إنهاء وجود الجيش فيها ليصبح كامل الإقليم تحت سيطرتها.
أسوأ الاحتمالات
ويقول المحلل السياسي المقيم بمدينة الفاشر، محمد زكريا، لـ"إرم نيوز" إن "الأوضاع داخل المدينة أصبحت متوترة، إذ وسعت الحركات المسلحة من انتشارها داخل شوارع المدينة، بينما تقف قوات الدعم السريع على أبوابها متأهبة للاقتحام".
وأشار زكريا إلى أن هناك مناشدات داخلية وخارجية وُجهت إلى قوات الدعم السريع بضرورة إرجاء الهجوم على مدينة الفاشر تجنبًا لمآلات الصراع العرقي الذي بدأت ملامحه تلوح في الأفق، قائلًا إن هذه المناشدات من شأنها أن تهدئ الأوضاع بالمدينة.
وأضاف: "في حال فشلت الوساطات الرامية لتجنيب المدينة الصراع المسلح، وأصرت قوات الدعم السريع على الهجوم فإن الأوضاع ستذهب في تجاه أسوأ الاحتمالات لجهة أن قوات الحركات المسلحة انتشرت بشكل واسع داخل شوارع المدينة وسيطرت على المؤسسات الحكومية، ولا يظهر أنها ستتراجع عن قرار المواجهة".
ومنذ أسابيع تعيش مدينة الفاشر، تحت حصار قوات الدعم السريع، التي دفعت بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى المدينة بعد سيطرتها على مدينة "الضعين" شرق دارفور، نتيجة انسحاب الجيش من مقر قيادته في الفرقة 20 بالمدينة.
وكانت بعض الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، على رأسها الحركة التي يقودها حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، أعلنت يوم الـ16 من الشهر الجاري، تخليها عن موقف الحياد الذي اتخذته في وقت سابق حيال الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، معلنة أنها "ستقاتل حتى آخر جندي في صفوفها من أجل سلامة المواطن السوداني ووحدة الوطن وترابه".
مهمة غير سهلة
ويرى الكاتب الصحفي المهتم بالأوضاع في دارفور، علاء الدين بابكر أن "مدينة الفاشر لا تبدو مهمة سهلة بالنسبة لقوات الدعم السريع حتى تحسم أمر السيطرة عليها لصالحها، كما فعلت مع بقية الولايات الأخرى بدارفور".
وقال علاء لـ"إرم نيوز" إن الحركات المسلحة أظهرت جديتها في القتال ضد "قوات الدعم السريع" إذا ما أصرت الأخيرة على دخول المدينة، إذ إنها تعتبر المدينة (الفاشر) مركز ثقلها وعاصمة لمجموعاتها العرقية غير العربية التي تنحدر منها هذه الحركات المسلحة.
وذكر أن "قوات الدعم السريع" قد تؤجل الهجوم على "الفاشر" وتكتفي بحصارها، خصوصًا وأنها تسيطر على المداخل والمخارج، كما تتحكم في محطة مياه المدينة وغيرها من المؤسسات الحيوية بالفاشر.
وتاريخيًًا تعد مدينة "الفاشر" الأقدم والمركز الحضاري لإقليم دارفور، منذ عهد السلطنة بقيادة السلطان علي دينار، وتقطنها قبائل شتى، بيد أن قبيلتي "الزغاوة والفور" الأفريقيتين، هما الأكثر عددًا في المدينة، كما إن جميع قادة الحركات المسلحة اليوم ينتمون لهاتين القبيلتين.
بالمقابل ينحدر قادة "قوات الدعم السريع" وغالبية المقاتلين من القبائل العربية في دارفور، خصوصًا قبيلة "الرزيقات" الرعوية، التي تتخذ من مدينة "الضعين" بشرق دارفور، حاضرة لها، يحفل تاريخ تلك القبائل بالصراعات فيما بينها، ما يزيد التخوف من انزلاق الإقليم في أتون الصراعات العرقية المفتوحة.