تحشد قوى المعارضة في تونس أنصارها من أجل النزول إلى الشارع للضغط على السلطة بالتزامن مع الاحتفال بالذكرى الرابعة عشرة لثورة 14 يناير/ كانون الثاني عام 2011، وذلك بعد فترة من الجمود التي خيمت على نشاط الأحزاب السياسية في البلاد.
ودعت جبهة الخلاص الوطني، التي تتكون من أحزاب سياسية معارضة تتصدرها حركة النهضة الإسلامية، أنصارها إلى الاحتجاج يوم غد الثلاثاء، "للاحتفال بذكرى الثورة"، مُنددة بما وصفته بـ"التراجع المخيف للحقوق والحريات في تونس".
وتأتي احتجاجات المعارضة التونسية المرتقبة بعد أشهر من الانتخابات الرئاسية، التي اكتسحها الرئيس قيس سعيد، حيث فاز بولاية ثانية مدتها خمس سنوات، بعد أن حصد نحو 90% من الأصوات.
وخلال هذه الأشهر، تراجعت بشكل كبير أنشطة الأحزاب السياسية في تونس، ما أثار تساؤلات جدية حول مستقبل تلك الأحزاب، ولا سيما في ظل ما تعانيه من أزمات داخلية.
وبهذا الصدد، علق المحلل السياسي التونسي، نبيل الرابحي، قائلًا: "عن أي معارضة نتحدث؟ أعتقد أن كل المعارضة السياسية في تونس لفظها الشارع، وأصبحت من قبيل الماضي، وأصبحت ظواهر إعلامية أكثر منها سياسية".
وأضاف الرابحي، لـ"إرم نيوز"، أن "المعارضة لم يعد لها أي عمق شعبي، أو أي حاضنة شعبية، صحيح هم يدعون إلى التظاهر يوم 14 يناير، ومن المضحكات أنهم يدعون حتى إلى إسقاط النظام، ونحن نعلم جيدًا أن الانتخابات الرئاسية أفرزت 90% من الأصوات لصالح الرئيس قيس سعيد".
وأعرب عن اعتقاده بأن "كل ما هو أجسام وسيطة انتهى في تونس، لذلك يجب على الأحزاب السياسية التي تدّعي المعارضة فعلًا، أن تجدد خطابها السياسي وإيجاد خطاب يمكن أن يمس الشعب التونسي".
وختم الرابحي حديثه بالقول، إن "الفصائل السياسية بمفهومها الأيديولوجي من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار انتهت، ويبقى التساؤل: هل ما تزال الديمقراطية ترتكز على الأحزاب السياسية، أم أنه يجب إيجاد صيغة أخرى لها؟".
وتأتي احتجاجات الثلاثاء المرتقبة في وقت يحاول فيه الرئيس قيس سعيد كسب المزيد من الشعبية من خلال حلحلة العديد من الملفات الشائكة، على غرار ملف الأساتذة والمعلمين النواب.
وفي المقابل، تواجه قوى المعارضة معادلة صعبة، خاصة في ظل سجن الكثير من قياداتها، مثل رئيس حزب النهضة راشد الغنوشي، ونائبه علي العريض، وأيضًا زعيمة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي، والأمين العام للحزب الجمهوري، عصام الشابي.
وفي هذا الإطار، قال المحلل السياسي، محمد صالح العبيدي، إن "احتجاجات الثلاثاء إذا تمت، فإنها ستشكل اختبارًا لشعبية أحزاب المعارضة، التي تواجه مطبات حقيقية من أجل الاستمرار، سواء بسبب تفجرها من الداخل، مثلما حدث للنهضة التي دخلت نزيفًا داخليا، أو بسبب الإيقافات وغير ذلك".
وأضاف العبيدي، لـ"إرم نيوز"، أنه "إذا نجحت المعارضة التونسية في اختبار الثلاثاء، فربما تسعى إلى المزيد من التحركات والضغوط لفرض خياراتٍ ما تساعدها في الخروج من عزلتها، رغم أنها هي نفسها تعيش مرحلة من الانقسام".