الجيش الإسرائيلي: رصد إطلاق عدة صواريخ من لبنان تجاه الجليل الأعلى وتم اعتراضها

logo
العالم العربي

بتفكيك "المجلس الجهادي".. هل بات "حزب الله" أمام "اختبار وجودي"؟

بتفكيك "المجلس الجهادي".. هل بات "حزب الله" أمام "اختبار وجودي"؟
إسرائيل اغتالت أغلب قيادات "المجلس الجهادي" للحزبالمصدر: رويترز
09 أكتوبر 2024، 2:15 م

خلال أكثر من 4 عقود من وجوده، لم يواجه "حزب الله" مثل هذا النزيف الحاد في صفوف قادته، إذ إنه في الفترة بين 1982 و2023 لم يتجاوز عدد القادة البارزين الذين فقدهم عدد أصابع اليد الواحدة.

اغتيل أمينه العام عباس الموسوي، في عام 1992، وفي 2008 قتل قائده العسكري الأبرز عماد مغنية، الملقب بالحاج رضوان، والذي سميت نسبةً إليه قوات النخبة "وحدة الرضوان".

وفي 2012، اغتيل علي حسين ناصيف قائد قوات "حزب الله" في سوريا، وبعد عام قتل حسان اللقيس، وهو مسؤول بارز عن تطوير القدرات التقنية داخل "حزب الله".

وفي 2016 اغتيل مصطفى بدر الدين، وهو واحد من 3 أشخاص توزعت عليهم مسؤوليات عماد مغنية بعد اغتياله.

لكن المختلف حينها عما يجري الآن، هو ندرة عمليات الاغتيال والتباعد الزمني بينها، علاوة على أن عدم وجود ضغط عسكري وسياسي على "حزب الله" سمح له بتعويض غياب هؤلاء القادة.

لكن الكثير من الباحثين في شؤون التنظيمات التي تشبه "حزب الله"، من حيث اعتمادها على القادة الأفراد، رجحوا أن "حزب الله" لم يتخطَّ فعلياً فقدان بعض كوادره، خصوصاً عماد مغنية الذي كان المخطط الاستراتيجي والتكتيكي للحزب والمسؤول عن أهم عملياته، خصوصاً اختطاف العسكريين الإسرائيليين.

نزيف مستمر

وفي عام 2024 شهد الحزب موجة استهداف غير مسبوقة لقادته وصولاً لاغتيال أغلب أعضاء "مجلسه الجهادي" وأمينه العام حسن نصر الله، ثم خليفته المرجح هاشم صفي الدين.

اختل بنيان "حزب الله"، وتضعضعت قدرته على إدارة المعركة بشكل واضح، بعد عمليات الاغتيال هذه، وذلك ليس لعدد القادة الكبار الذين اغتيلوا فحسب، بل بسبب الطريقة التصاعدية في اغتيالهم وصولاً لرأس الهرم.

وطالما تغنى الحزب بكونه تنظيماً جماهيرياً يضم قرابة 100 ألف مقاتل فضلاً عن أعداد مشابهة من المنتسبين المدنيين والتنظيمات الشبابية والطلابية والمدرسية، وأن هذه البنية تسمح له بتعويض أي نقص في صفوف قيادته عبر ترفيع قادة من المستويات الأدنى.

أما المستوى الأعلى الأهم يخص القرارات العسكرية والاستراتيجية في الحزب، وهو ما يسمى"المجلس الجهادي" الذي يترأسه الأمين العام، وكان يضم في عضويته رئيس المجلس التنفيذي هاشم صفي الدين، والقادة العسكريين المسؤولين عن القدرات والتشكيلات المختلفة.

أخبار ذات علاقة

من الاختراق إلى الضربات.. أيام "عصيبة" غيّرت شكل حزب الله

سرية وأهمية

وتظهر أهمية المجلس في نواح عدة، من بينها السرية العالية المحيطة به، إذ لم يعلن "حزب الله" يوماً عن عدد أعضائه أو مسؤوليات كل منهم.

وحتى من كان يتداول اسمه كأحد أعضاء المجلس لم يكن يشار إليه بين كوادر "حزب الله" سوى باسمه الحركي، ولم يعرف اسمه الفعلي إلا بعد اغتياله، كما كان الحال مع إبراهيم عقيل (الحاج عبد القادر)، وفؤاد شكر (الحاج محسن).

وتتفاوت التقديرات حتى الآن حول العدد الفعلي لأعضاء المجلس بين من يضعها عند 5 أعضاء، وبين من يرفعها إلى 12 عضواً.

الأكيد أن "المجلس الجهادي" كان يضم مسؤولاً عن العمليات، ومسؤولاً عن كامل جبهة جنوب لبنان والوحدات العسكرية الثلاث (بدر ونصر وعزيز) التابعة للحزب هناك، ومسؤولاً عن القدرات الاستراتيجية التي تضم وحدات الطائرات المسيّرة والصواريخ، ومسؤولاً عن القدرات اللوجستية ومنظومة الأركان ونقل الأسلحة، ومسؤولين عن العمليات الخارجية والأمنية، ومسؤولين عن التنسيق مع الحلفاء الخارجيين.

1e2e9d8e-911d-4772-a936-4b7f87898d0f

استهدافات متدرجة

واستهدفت إسرائيل بنية القيادة في "حزب الله" بشكل تصاعدي من القادة الميدانيين للوحدات الصغيرة، قبل أن تبدأ الاغتيالات الكبيرة في الثامن من يناير/ كانون الثاني مع اغتيال قائد وحدة النخبة "قوة الرضوان"، وسام الطويل.

وفي 12 يونيو/ حزيران اغتيل طالب سامي عبد الله قائد وحدة "نصر"، وفي 3 يوليو/ تموز قتل محمد ناصر قائد وحدة "عزيز".

وفي 30 يوليو/ تموز استهدفت إسرائيل فؤاد شكر مسؤول العمليات في "حزب الله".

وقُتل إبراهيم عقيل مسؤول العمليات ومعه 16 من قادة وحدة "الرضوان"، أبرزهم أحمد وهبي وهو قائد سابق للوحدة ومسؤول التدريب فيها في 20 سبتمبر/ أيلول. وبعد أسبوع من كل ذلك، قُتل علي كركي قائد الجبهة الجنوبية.

وحول أهمية هذا التسلسل في الاغتيالات يشار إلى أن علي كركي كان مسؤولاً عن الوحدات الثلاث: "نصر"، و"عزيز"، و"بدر"، التي اغتيل قائدا الوحدتين الأوليين، وجرت محاولة لاغتيال قائد وحدة "بدر"، علي رضا عباس، في 29 سبتمبر/ أيلول. كما سبق اغتيال إبراهيم عقيل الذي تتبع له وحدة "الرضوان"، مقتل قائد هذه الوحدة.

هذه الاغتيالات التصاعدية أجبرت القادة الأعلى على تحمل مسؤوليات القادة الأدنى المغتالين؛ مما يشير إلى صعوبة استبدال هؤلاء القادة الأدنى.

فبعد مقتل قائد وحدة "الرضوان" وسام الطويل، في يناير/ كانون الثاني، أسندت مهامه لإبراهيم عقيل، مسؤول العمليات، والذين استعان أيضاً بأحمد وهبة، وهو قائد سابق لوحدة "الرضوان".

ويثير تعثر استبدال القادة على مدى الأشهر السابقة للحرب شكوكاً بشأن تأكيدات نعيم قاسم، نائب الأمين العام للحزب، بأن مناصب القادة المغتالين قد أسندت إلى بدلائهم.

وما تزال عمليات الاغتيال الإسرائيلية مستمرة، وقد توسعت لتشمل قادة آخرين في "حزب الله" مسؤولين عن التمويل، ونقل الأسلحة، والتنسيق مع سوريا وإيران.

أخبار ذات علاقة

مصير صفي الدين.. نتنياهو يؤكد مقتله والجيش الإسرائيلي "يتحقق"

وفي سوريا، استهدفت إسرائيل صهر حسن نصر الله، حسن جعفر قصير، في حي "المزة" الدمشقي في 2 أكتوبر/ تشرين الأول، وبعد 6 أيام شهدت المنطقة ذاتها عملية أخرى ما يزال هدفها غير معروف.

بالتالي، يمكن القول إن بنية القيادة العسكرية العليا لتنظيم "حزب الله" قد فقدت أغلب وجوه صفوفها العليا الثلاثة، بما في ذلك أكثر من 80 قيادياً.

وأدى الاستهداف إلى نتيجتين رئيستين: الأولى شغور واسع يصعب استبداله في صفوف القيادة، والثاني عجز القيادة الحالية عن إدارة القتال مع "حزب الله".

وترجع صعوبة استبدال القيادات إلى عامليْن: الأول أن قدرة إسرائيل على الوصول للقادة العسكريين لم تتراجع حتى الآن، وهذا ما يظهر عبر انتقالها إلى استهداف قيادات لم تكن معروفة إطلاقاً، لا من حيث مناصبها أو أسمائها.

ومن هذه الفئة مسؤول منظومة الأركان في "حزب الله" سهيل حسين حسيني، بحسب توصيف الجيش الإسرائيلي له، وحسن خليل ياسين، مسؤول جهاز الاستخبارات، وعبد الأمير محمد سبليني، مسؤول بناء قوة "حزب الله"، والثلاثة أعضاء في "المجلس الجهادي".

العامل الآخر الذي يعقّد عملية استبدال هؤلاء القادة هو أن "حزب الله" تنظيم معقّد وغير مؤسسي بالرغم مما يزعمه.

فالصفوف العليا في "حزب الله" بقيت، حتى انطلاق الحرب الحالية، مشغولة من قبل الكوادر التي أسست "حزب الله" في ثمانينيات القرن الماضي، مثل إبراهيم عقيل، وفؤاد شكر، وعلي كركي، وغيرهم.

تكليف بالعلاقات 

ويشير ذلك إلى كون المناصب القيادية لا تسند بحسب الكفاءة بالضرورة، وإنما بحسب اعتبارات المكانة في تاريخ "حزب الله"، وطبعاً العلاقة مع إيران.

فهاشم صفي الدين برز حتى قبل الحرب الحالية بصفته المرشح الأبرز لخلافة أمين عام "حزب الله"، وكثيراً ما فسّر دوره الصاعد بعلاقته الوثيقة بإيران ومصاهرته لعائلة الجنرال قاسم سليماني.

وبالتالي؛ من الصعب إيجاد قادة يمتلكون نفس هذه الصلات داخل وخارج "حزب الله"، ويمكن إسناد مهام القادة السابقين إليهم بشكل سلس.

النتيجة الثانية لعمليات الاغتيال الواسعة لقادة "حزب الله" هي أن الحزب لم يعد قادراً على إدارة موارده ومقاتليه بالشكل الذي كان يراهن عليه.

فاستهداف القادة المسؤولين عن أسلحة الصواريخ والطائرات المسيّرة، والقائد الأعلى المسؤول عن العمليات منع "حزب الله" من استخدام موارده وإطلاق الهجمات الواسعة التي توقعت إسرائيل أن تبلغ 8 آلاف صاروخ في اليوم الأول للحرب الكبرى، ثم تنخفض إلى 3 آلاف صاروخ يومياً وعلى مدى أسابيع.

لكن ما أطلقه "حزب الله" يتراوح بين 350 و400 صاروخ فقط في الأيام الأولى (أي 5% من التقديرات الإسرائيلية السابقة) والتي انخفضت إلى ما بين 200 و250 صاروخاً في مطلع الأسبوع الثالث للحرب.

كما لم تنجح قوات النخبة "وحدة الرضوان" باختراق الحدود إلى شمال إسرائيل، بالرغم من وجود الأنفاق المجهزة لذلك، وبقيت العمليات القتالية في الجنوب تقتصر على جيوب موضعية بدأت القوات الإسرائيلية بالتقدم في محيطها، كما هو الحال في "مارون الراس"، النقطة الأعلى (أكثر من 900 متر) في جنوب لبنان.

المشهد الإجمالي اليوم يلخَّص بالإشارة إلى أن بنية قيادة "حزب الله" تعاني من ضعف غير مسبوق، وذلك في لحظة يواجه فيها "حزب الله" ما يمكن وصفه بـ "الاختبار الوجودي" الجدّي الأول له.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC