الآلاف بلا مأوى.. بيروت "تختنق" برائحة الموت (صور)

تفوح من "العاصمة اللبنانية الكئيبة" رائحة الموت، وفق وصف أحد السكان، وسط شوارع خاوية ومحلات تجارية مغلقة، ومواقع لا تزال مشتعلة بنيران الجيش الإسرائيلي.

أزمة نزوح واسعة وغير مسبوقة شهدتها لبنان، حتى إن بعض عناصر ميليشيا "حزب الله" الفارين لم يجدوا لهم مأوى.

وقال رئيس خلية الأزمة الحكومية ووزير البيئة اللبناني ناصر ياسين، السبت، إن نحو مليون لبناني نزحوا بسبب الهجمات الإسرائيلية.

كما أعلنت الأمم المتحدة أن ما يزيد على 50 ألف شخص فروا من لبنان إلى سوريا وسط الضربات الإسرائيلية التي أودت بحياة المئات.

وجاءت أوامر الإخلاء الأولى في منتصف ليل الجمعة الماضي، ما أثار اندفاع المدنيين على نحو فوضوي عبر الشوارع المظلمة، بحسب تقارير أوردتها صحف عدة.

أي من أطفالي سأختار؟

في استطلاع خاص لآراء الشارع نشرته صحيفة "واشنطن بوست" تنقل على لسان ريم وزوجها، قولها "لم أكن أعرف أيًّا من أطفالي سأختار"، ريم وهي أم لخمسة أطفال فرت مع عائلتها سيرًا على الأقدام، إلى جانب عدد كبير آخر فروا من ويلات القصف. 

ريم التي تحدثت للصحيفة الأمريكية، ولم تذكر سوى اسمها الأول فقط تقول إنني أخاف من انتقام "حزب الله"، وتضيف "اعتقدت أننا سنموت، لكن بعد سير طويل، وانضممت إلى بحر من الآباء والأجداد والأبناء المتجهين شمالا نحو وسط بيروت".

ظلام البحر عوضًا عن ظلام المدينة

تقضي ريم وعائلتها برفقة آلاف آخرين لياليهم على الكورنيش الذي كان مخصصًا عادة للتنزه "يشاهدون أمامهم ظلام البحر المتوسط الأبيض عوضًا عن ظلام المدينة الكئيبة". 

شهادة أخرى صادمة ترويها هند للصحيفة: "لم أشهد مثل هذا في حياتي.. ابني من (حزب الله) وحتى هو لا يجد مكانًا للإقامة"، مضيفة "لو كنت أعلم أننا سنتعرض للإذلال بهذه الطريقة، كنت أفضل أن أموت في منزلي". 

أصيب لبنان بالشلل، بسبب المشاكل السياسية والاقتصادية حتى قبل أن تبدأ ميليشيا "حزب الله" إطلاق النار على إسرائيل في أكتوبر/ تشرين الأول تضامنًا مع حماس في غزة.

في الفترة بين عامي 2019 وأوائل عام 2023 فقد لبنان عملته أكثر من 98% من قيمتها، وفقًا للبنك الدولي، ويعيش ما يقرب من 45% من الناس تحت خط الفقر، وظلت البلاد بلا رئيس منذ عام 2022 بقيادة حكومة مؤقتة. 

كارثة إنسانية واسعة

وأدى تصعيد الهجوم العسكري الإسرائيلي بما في ذلك اغتيال الأمين العام لميليشيا "حزب الله" حسن نصر الله يوم الجمعة، إلى كارثة إنسانية واسعة النطاق، مع مخاوف من احتمال وقوع غزو بري في المستقبل القريب. 

بعد سنوات من الأزمة الاقتصادية والسياسية، يواجه لبنان الآن كارثة على كافة الأصعدة، فقد لقي أكثر من ألف شخص مصرعهم، ونزح مئات الآلاف، وامتلأت المستشفيات بالجرحى، وتجاوزت الملاجئ قدرتها الاستيعابية. 

وسعت إسرائيل بشكل كبير نطاق ووتيرة عملياتها خلال الأسبوع الماضي، والتي كانت محصورة إلى حد كبير في الجنوب خلال الأشهر الــ11 الماضية، حيث ضربت المجتمعات في الشمال الشرقي، وفي ضواحي العاصمة، بينما نقلت المزيد من القوات والمعدات إلى الحدود اللبنانية. 

في وقت متأخر من يوم الأحد، ضربت إسرائيل مبنى سكنيًّا في غرب بيروت وهي أول ضربة لها داخل حدود المدينة.

ومع تفاقم الصعوبات وندرة الإغاثة، تتزايد المخاوف من الاضطرابات في بلد لم يتعاف قط من الحرب الأهلية.

واتهم الجيش اللبناني إسرائيل بزرع الانقسام الداخلي، وحثَّ الناس في بيان أصدره أمس الأحد بـ "الحفاظ على الوحدة الوطنية والامتناع عن المشاركة في أعمال من شأنها أن تعرض السلم الأهلي للخطر خلال هذه المرحلة الحرجة".