قتلى وجرحى في غارة إسرائيلية جديدة على منزل بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة
يتطلع سكان قضاء سنجار، ذي الغالبية الإيزيدية، في محافظة نينوى إلى عهد جديد يعيد لهم استقرارهم بعد سنوات من النزوح والمآسي التي عانوها منذ سيطرة تنظيم داعش على قراهم عام 2014.
ومع إعلان زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان دعوته إلى إلقاء السلاح، يجد الأهالي أنفسهم أمام مفترق طرق، بين تفاؤل بإمكانية إنهاء حقبة التوترات الأمنية، وقلق من أن تبقى سنجار ساحة لصراعات القوى المتنازعة.
وتخضع مدينة سنجار لسيطرة معقدة تشترك فيها عدة جهات، حيث يفرض حزب العمال الكردستاني وجوده في مناطق واسعة من القضاء، مستندًا إلى فصائل محلية موالية له، عززت نفوذه خلال السنوات الماضية.
إلى جانب ذلك، تنتشر فصائل من الحشد الشعبي التي عززت وجودها بعد انسحاب قوات البيشمركة في عام 2017، ما جعل المدينة ساحة لتجاذبات أمنية وسياسية مستمرة.
وقال الباحث الاستراتيجي فراس إلياس، إن "المشكلة الكبرى عراقياً ستكون في كيفية تعامل الحكومة العراقية مع عناصر حزب العمال الكردستاني، سواء المتواجدين في قنديل أو سنجار، شمال العراق، في ظل التطورات الأخيرة التي قد تعيد رسم المشهد الأمني في المنطقة".
وأضاف إلياس، في حديث لـ"إرم نيوز"، أن "التحدي الأهم يكمن في التعامل مع المنخرطين ضمن وحدات مقاومة سنجار (YBŞ)، التي تطرح نفسها كذراع عراقي لحزب العمال الكردستاني".
وأشار إلى أن ذلك يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت هناك إجراءات عراقية موازية للإجراءات التركية، أم أن هذه الوحدات ستتخذ موقفاً رافضاً لأي تحركات ضدها".
ورغم الاتفاق الموقع بين بغداد وأربيل عام 2020، والذي نص على إنهاء الوجود المسلح في المدينة وتسليم الملف الأمني للقوات الاتحادية، إلا أن تطبيقه ظل معلقًا بسبب رفض حزب العمال الكردستاني والفصائل المرتبطة به مغادرة المدينة.
بدوره، قال النائب في البرلمان العراقي عن قضاء سنجار، محما خليل إن "دعوة أوجلان لإلقاء سلاح حزب العمال الكردستاني والانخراط في العملية الديمقراطية ستكون لها انعكاسات إيجابية على العراق وتحديداً في سنجار".
وأوضح خليل، لـ"إرم نيوز"، أن "المدينة تنتظر بفارغ الصبر نتائج هذه الخطوة على أرض الواقع، إذ من المفترض أن يحل السلام وانسحاب القوات التركية وتوقف القصف".
وأضاف أن "قضاء سنجار عانى منذ سنوات طويلة من مختلف الأزمات الاقتصادية والسياسية والحروب، وآن الأوان أن تنعم المنطقة بالأمن والاستقرار".
وفي ظل هذا التطور، تعود قضية التفاهمات بين بغداد وأربيل إلى الواجهة، فالاتفاق السابق الذي رعته الأمم المتحدة لا يزال معلقًا بسبب الخلافات السياسية.
ومع احتمال تراجع نفوذ حزب العمال الكردستاني، تبرز تساؤلات حول قدرة القوات الاتحادية على فرض سيطرتها الكاملة على القضاء، وما إذا كانت الفصائل المسلحة الأخرى ستقبل بالخروج منه دون شروط تعيد تأزيم المشهد.
بدوره، قال ضابط في قيادة عمليات نينوى، إن "قيادة العمليات بدأت بتشكيل لجنة للتباحث مع المؤسسات الأمنية الأخرى بشأن التطورات الأخيرة في سنجار، خصوصًا بعد إعلان زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان دعوته لإلقاء السلاح".
وأضاف الضابط الذي طلب حجب اسمه، لـ"إرم نيوز"، أن "هناك قنوات تواصل يتم فتحها مع الأطراف الأخرى، لفهم طبيعة إجراءاتها وما إذا كانت ستلتزم بأي انسحابات محتملة، فيما يتم العمل على وضع آليات للتعامل مع أي فراغ أمني قد ينشأ في حال تنفيذ أي تغييرات ميدانية".
وأشار إلى أن "المؤسسة العسكرية تتعامل مع الوضع بحذر، خاصة أن تجارب سابقة أثبتت أن التغيرات السياسية لا تنعكس سريعًا على المشهد الأمني، ولذلك هناك متابعة دقيقة لأي تحركات قد تؤثر على استقرار القضاء".
ويأمل سكان قضاء سنجار بالعودة إلى ديارهم بعد سنوات من النزوح الذي شتّت آلاف العائلات في المخيمات شمال العراق، حيث لا يزال أكثر من 300 ألف نازح من أهالي المدينة يعيشون خارجها، غالبيتهم من الأكراد الإيزيديين والعرب.
ورغم مرور 9 سنوات على تحرير المدينة من تنظيم داعش، إلا أن ظروف العودة لا تزال معقدة، مع غياب الخدمات الأساسية والأمن المستقر، ما يدفع كثيرًا منهم إلى البقاء في المخيمات المنتشرة بمحافظة دهوك ومناطق أخرى في إقليم كردستان.
وتواجه سنجار ملفات ثقيلة تعيق عودة النازحين، أبرزها انتشار المقابر الجماعية التي تضم رفات آلاف الضحايا من الإيزيديين الذين قتلهم تنظيم داعش عام 2014، بالإضافة إلى الدمار الواسع في البنى التحتية، وغياب الخدمات الصحية والتعليمية، وارتفاع معدلات البطالة.