هآرتس: الجيش الإسرائيلي غير قادر على معرفة أماكن احتجاز المختطفين في غزة
أحدثت الأزمة الفرنسية مع الجزائر انقساما في صفوف الطبقة السياسية بين اليمين المتطرف المصمم على القطيعة، والتيارات الأخرى في مقدمتها اليسار، الذي اصطف مع "المستعمر السابق" ضد أعضاء الحكومة المتهم بعض وزرائها بتأجيج التوتر قصد استمالة أصوات الناخبين.
وتسير الحكومة الجزائرية حاليا على حقل ألغام في إدارة علاقتها المتوترة مع باريس، في وقت تحافظ على موقف متشدد تجاه اليمين المتطرف، فإنها لا تغفل عن مصالح المغتربين في فرنسا، إذ تدرك إن أي تدهور أو انهيار كبير في العلاقات سيكون له تأثير كبير على المواطنين الجزائريين الذين يعدون بالملايين ويتم استهدافهم بشكل متزايد من قبل اليمين المتطرف ووسائل الإعلام القريبة من هذا التيار.
ويظهر من تصريحات المسؤولين الجزائريين أن جميع التطورات الأخيرة كانت بمرتبة ذريعة لحركة سياسية وأيديولوجية تحن إلى "الجزائر الفرنسية"، يمثلهم السفير الفرنسي السابق إكزافيي دريانكور، الذي يشن حملة منذ ما يقارب عامين من أجل إلغاء الاتفاقية الفرنسية الجزائرية لعام 1968 بشأن الهجرة.
وبينما كان وزير الداخلية برونو ريتيللو قد اتهم الجزائر بـ"السعي إلى إذلال فرنسا"، نددت الدبلوماسية الجزائرية بـ"موقف اليمين المتطرف الانتقامي والبغيض الذي يقود حاليا حملة تضليل".
ولتوسيع حملة التصعيد، راسل رئيس حزب التجمع الوطني الفرنسي، جوردان بارديلا، رئيسة المفوضية الأوروبية اورسولا فان دير لان، من أجل تعليق الاتفاقية الأورو المتوسطية مع الجزائر.
ويعود توقيع الاتفاق الأورومتوسطي لعام 2005 بين الاتحاد الأوروبي والجزائر، الذي أتاح حصول الأخيرة على 172 مليون يورو بين سنتي 2021 و2024 وفق اليميني بارديلا.
واتهم السلطات الجزائرية بإعاقة أي تعاون دبلوماسي مع فرنسا حول الهجرة، في الوقت الذي تواجه فيه أوروبا تحديات كبيرة في هذا الملف، مما أدى إلى عرقلة أي تعاون دبلوماسي في هذا المجال.
في مواجهة هذا الوضع المتفجر، يرى المحلل السياسي الجزائري عبد الرحيم عمراني، أن الحكومة الفرنسية منقسمة بين من يفضل "الحزم" حاليا في التعامل مع نظيرتها الجزائرية، كما يتضح من التصريحات الأخيرة لوزير العدل جيرالد دارمانين ووزير الداخلية بشأن سحب الامتيازات الممنوحة لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية الجزائرية.
واستبعد عمراني في تصريح لـ"إرم نيوز"، حدوث تهدئة سريعة لأن المواقف تبدو غير قابلة للمراجعة، بل إنه يخشى سيناريو قطع العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل إذا استمر التوتر في التصاعد.
وأكد المحلل السياسي أن الجزائر حاولت التمييز بين فئتين في الطبقة السياسية الفرنسية التي تدفع نحو الانفصال، وهو ما يعكسه خروج العديد من السياسيين اليساريين للتعبير عن مواقفهم المتزنة.
ومن هؤلاء رفض زعيم حزب فرنسا الأبية جون لوك ميلونشون، المنطق الذي تتعامل به الحكومة الفرنسية مع الجزائر، داعيا إلى الكف عن التصعيد ولغة التهديد وتبني لغة الحوار.
وبكلمات حملت الكثير من العاطفة، أكد الزعيم اليساري في حديث مع مناصريه على الروابط الإنسانية والتاريخية العميقة التي تجمع بين الشعبين الفرنسي والجزائري، محذرًا من عواقب السياسات التي تهدد هذه العلاقة الفريدة.
وتابع ميلونشون بحزم "نحن لا نريد حربًا مع الجزائر! هم إخوتنا، أخواتنا، أجدادنا، أصدقاؤنا!"، منتقدا تهديدات بعض أعضاء الحكومة الفرنسية بالرد على الجزائر.
وتكون هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها ممثل ثالث قوة في الانتخابات الرئاسية الفرنسية الأخيرة، عن الأزمة مع الجزائر، بعد أن عبر العديد من قيادات حزبه عن سخطهم من الطريقة التي تدار بها العلاقات.
وكان النائب الفرنسي إيريك كوكريل، والقيادي البارز في حزب "فرنسا الأبية" ورئيس لجنة المالية في البرلمان الفرنسي، قد انتقد بدوره ما وصفها بـ"ازدواجية المعايير لدى الحكومة الفرنسية في التعامل مع الجزائر".
كما أدانت البرلمانية الفرنسية ماتيلدا بانو بشدة استفزازات وزير داخلية بلادها ضد الجزائر، واصفة إياه "بالمحرض الحقير".