هيئة البث الإسرائيلية: أسر 4 بينهم قائد من قوة الرضوان التابعة لحزب الله

logo
العالم العربي

خاص.. ضربة "بنيامينا" وما بعدها.. ما مسارات الحرب الإسرائيلية ضد حزب الله؟

خاص.. ضربة "بنيامينا" وما بعدها.. ما مسارات الحرب الإسرائيلية ضد حزب الله؟
جنود إسرائيليون في موقع هجوم بنيامينا المصدر: رويترز
15 أكتوبر 2024، 10:16 ص

محمد صالح الفتيح

أظهرت الحرب الأذرية-الأرمينية، في خريف 2020، والحرب الروسية-الأوكرانية الحالية أهمية الطائرات المسيرة كسلاح فعال ومنخفض التكلفة في اختراق قدرات الدفاع الجوي للخصم وإلحاق خسائر مهمة في القطاعات المدنية والعسكرية على حد سواء. 

بدورها، أكدت الحرب التي تخوضها إسرائيل حالياً أهمية الطائرات المسيرة، إذ تقول التقديرات الإسرائيلية إن أكثر من 1,200 طائرة مسيرة أطلقت من الجبهات المختلفة باتجاه إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. 

الغالبية الساحقة من هذه الهجمات لم تلحق خسائر مادية أو بشرية بالجانب الإسرائيلي، وذلك على الأرجح لكون الطائرات المسيرة قد أطلقت على شكل تشكيلات كبيرة، ما سهل عملية اعتراضها، أو لكون الطائرات المسيرة من أنواع قديمة. 

وكانت الضربة التي نفذها "حزب الله" على موقع للواء "غولاني" في  بنيامينا في حيفا، مساء الـ13 من أكتوبر/تشرين الأول، من الاستثناءات القليلة الناجحة. 

3 عوامل

ويظهر التمعن في الحدث أن هذا النجاح جاء نتيجة ثلاثة عوامل رئيسة، الأول: حالة الاسترخاء والنشوة التي كانت تعيشها القوات الإسرائيلية وسط تأكيد المصادر العسكرية والاستخبارية أن "حزب الله" خسر ما بين 60 إلى 70% من ترسانته. وهذا ما يبدو أنه أسهم في تخفيض الإجراءات الاحترازية. 

وفي هذه الفترة من العام، وحتى الـ24 من أكتوبر/تشرين الأول، هناك العديد من الاحتفالات الدينية اليهودية. والصور المنتشرة لصالة الطعام تظهر احتواءها على زينة تخصُّ هذه الأعياد. 

ويشير إجراء مثل هذه التجمعات إلى نسيان أو تجاهل تجربة كفر جلعادي في الـ6 من أغسطس/آب 2006، عندما استهدفت بعض صواريخ "حزب الله" تجمعاً كبيراً في الهواء الطلق للجنود الاحتياط الإسرائيليين في كيبوتس كفر جلعادي فقتل 12 جندياً وجرح العشرات.

العامل الثاني يتعلق بطريقة تنفيذ الهجوم عبر إرسال طائرتين مسيرتين اثنتين فقط وليس أسرابًا كبيرة، فضلًا عن إرسال الطائرتين فوق البحر المتوسط بعيدًا عن المسارات التقليدية فوق الجليل. 

والضربة تستنسخ تجربة "حزب الله" في إيصال طائرتين مسيرتين لمنطقة هرتسيليا، بالقرب من تل أبيب، مساء الـ11 من أكتوبر/تشرين الأول. 

4a6d820a-6b8a-44b9-9d64-19a4936b2a1c

 

 وتشبه الضربة كذلك تجربة الفصائل العراقية في إرسال طائرة مسيرة وحيدة فجر الـ2 من أكتوبر/تشرين الأول إلى موقع للواء غولاني في الجولان السوري؛ ما أدى إلى مقتل جنديين وجرح 24 آخرين. 

المشترك بين الضربات الثلاث هو استخدامها طائرة مسيرة واحدة أو اثنتين فقط، وهذا ما يزيد بشكل كبير من احتمال تجاوزها الدفاع الجوي الإسرائيلي عبر التحليق على علو منخفض. ويعني تجاوز الدفاع الجوي كذلك عدم إصدار تحذير للاحتماء في الملاجئ. 

العامل الثالث يتعلق بطبيعة الطائرة المسيرة التي تتفاوت التقديرات بين أن تكون "مرصاد 107" أو "شاهد 101". والطائرتان تتشابهان إلى حد كبير وتشتركان بحجمهما الصغير بالمقارنة مع الأجيال الأقدم، مثل "أبابيل"، فضلًا عن كونهما تُصنعان باستخدام ألياف الكربون، والقليل من المعادن، ما يخفض من احتمال رصدها. 

وبينما لم يرصد استخدام "مرصاد 107" سابقاً من جانب "حزب الله"، فقد استخدم "شاهد 101" أول مرة في يوليو/تموز 2024. وبذلك فإن الضربة هي أيضاً نتيجة لاستخدام سلاح جديد نسبياً بالمقارنة مع الأسلحة السابقة التي درستها إسرائيل بشكل جيد.

مسار الحرب

في السياق الأوسع، يصبح السؤال الآن: ما تأثير هذه الضربة على مسار الحرب وما احتمال تكرارها بنجاح. 

في الحروب يميز الباحثون، مثل كولين غراي مؤلف كتاب "Modern Strategy"، بين الأحداث أو المفاجآت التكتيكية وتلك الإستراتيجية. 

الأحداث الإستراتيجية هي التي تحدد مسار الحرب، بينما تحدد الأحداث التكتيكية تفاصيل مشهد ميدان الحرب. 

والأحداث الإستراتيجية تشمل توقيت الحرب، والأصناف الرئيسة للأسلحة التي تثبت تفوقها، فضلاً عن القدرات اللوجستية والاستخبارية، سواء عبر كشف قدرات الخصم أو منع الخصم من اكتشاف قدراتك. 

في حرب 2006، كانت الأحداث أو المفاجآت الإستراتيجية الأكثر أهمية من نصيب "حزب الله". فهو الذي اختار توقيت المواجهة بعد سنوات من انشغال إسرائيل بالضفة الغربية والانتفاضة هناك، والأوضاع في غزة. 

وجاءت الحرب تحديداً بعد أسبوعين تقريباً على اختطاف "حماس" للجندي جلعاد شاليط، في الـ25 من يونيو/حزيران 2006، وانشغال إسرائيل بمحاولة استعادته وتوجيه ضربة لقدرات حماس وفصائل غزة. 

حرب 2006 أظهرت كذلك محدودية تأثير سلاح الجو الإسرائيلي على إلحاق ضرر كبير بقدرات "حزب الله" الذي أخفى القسم الأكبر من مواقعه. 

في تلك الحرب احتوى بنك الأهداف الإسرائيلي 83 موقعاً فقط لـ"حزب الله" استهلكت خلال الأيام الأربعة الأولى للحرب، ما اضطر إسرائيل للانتقال نحو العمليات البرية التي لم يكن لها هدف واضح وما كان من الممكن أن تنجح بإجبار "حزب الله" على إعادة الجنديين اللذين خطفهما في الـ12 من يوليو/تموز 2006، وكانا السبب في تفجر الحرب.

إسرائيل من جانبها اختارت التفاصيل التكتيكية للحرب مثل اختيار المواقع البرية التي ستهاجمها، مثل مارون الراس والعديسة وبنت جبيل وغيرها، واختيار المواقع التي سيقصفها سلاح الجو. ولكن خسارة الجانب الإستراتيجي هو ما منع إسرائيل من الانتصار عسكرياً في 2006.

الحرب الحالية

أما في الحرب الحالية، فالأحداث والمفاجآت الإستراتيجية هي في كفة إسرائيل. فإسرائيل هي من اختار التوقيت الدقيق للحرب بعد تمهيد عسكري، شمل ضرب مخازن مهمة لأسلحة "حزب الله"، وتمهيدًا استخباريًّا لاغتيال القسم الأهم من قادته، فضلاً عن تمهيد معنوي عبر حادثتي تفجير أجهزة "البيجر" واللاسلكي وإظهار قدرة الاستخبارات الإسرائيلية على اختراق "حزب الله" وشبكات توريده على مدى سنوات. 

وأظهرت الحرب تأثير الاستخدام الواسع لأنظمة الذكاء الاصطناعي في بناء بنك أهداف كبير للغاية للمواقع التي يستخدمها "حزب الله". فقد استهدف حتى الآن أكثر من 5,000 موقع لـ"حزب الله" عبر ضربات موجهة. 

ولم تلجأ إسرائيل حتى الآن للقصف العشوائي الذي ظهر في 2006، ففي تلك الحرب، ومع فشل سلاح الجو الإسرائيلي في إيقاف الهجمات الصاروخية، يتداول أن رئيس الأركان الإسرائيلي دان حالوتس أمر قائد سلاح الجو بضرب 10 أبنية عالية في الضاحية الجنوبية، معقل "حزب الله"، مقابل كل مدني إسرائيلي يُقتل بصواريخ "حزب الله". 

ولكن الآن، وحتى بعيد ضربة بنيامينا، لم تنفذ إسرائيل ضربات انتقامية عشوائية في الضاحية الجنوبية لبيروت. 

وكشفت الحرب كذلك تطور قدرات العمليات الخاصة الإسرائيلية، حيث نفذت القوات الخاصة الإسرائيلية عمليات على مدى أكثر من 200 ليلة في جنوب لبنان قبل انطلاق الحرب. 

هذه العمليات سهلت التقدم البري الحالي في جنوب لبنان. فعلى عكس 2006، لم تنسحب القوات الإسرائيلية من أي من المواقع التي دخلتها في جنوب لبنان، وهناك تقدم بطيء، ولكنه منهجي.

قدرات "حزب الله" لا تزال في خانة الأعمال أو المفاجآت التكتيكية، كما هي الحال مع ضربة بنيامينا. مثل هذه الضربة – أو مثل تلك في الـ2 من أكتوبر/تشرين الأول لموقع "غولاني" في الجولان السوري – يمكن أن تتكرر، ولكن احتمال تكرارها يتراجع مع الوقت مع فهم تفاصيل هذا التكتيك، وازدياد الحيطة من الجانب الإسرائيلي.

الخلاصة هي أن مسار الحرب لا يزال دون تغيير، والأكيد أن هذه الحرب لا تزال في بدايتها. 

وضغوط إسرائيل الحالية على قوات الأمم المتحدة للانسحاب من جنوب لبنان تشير إلى تحضيرات إسرائيل لتوسعة رقعة العمليات بشكل كبير، والزج الفعلي بالفرق الخمس التي حشدتها، 36، 146، 91، 210، 98، لاختراق الحدود اللبنانية لإبعاد مقاتلي "حزب الله" الذي لا يمتلك سوى الرهان على الوقت والصبر لاستيعاب هذه الهجمات إلى حين فقدانها الزخم أو حصول تغيير في الموقف السياسي الدولي.

أخبار ذات علاقة

بعد هجوم "بنيامينا".. إسرائيل تبحث عن حلول لـ"قصور" قبتها الحديدية

 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC