المجلس العسكري: ارتفاع حصيلة الزلزال في بورما إلى 1644 قتيلا
بعث التقارب الأخير بين طرابلس وكييف العديد من التساؤلات حول أهدافه في ظل التوتر الدبلوماسي بين قادة ليبيا وموسكو، وهو أمر ربطه محللون بتلقي أوكرانيا ضوءًا أخضر أمريكيًا لمواجهة الوجود الروسي في المنطقة، ما يزيد تعقيد الوضع الإقليمي في شمال أفريقيا والشرق الأوسط.
وأوفد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مبعوثه الخاص لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا بوزارة الخارجية الأوكرانية، مكسيم صبح، إلى طرابلس ثم تونس.
وأفادت وزارة الخارجية الأوكرانية في بيان رسمي أن مكسيم صبح أجرى مشاورات سياسية مع الطاهر الباعور، المكلف بتسيير شؤون وزارة الخارجية الليبية، في إطار زيارة عمل تهدف إلى تعزيز التعاون بين البلدين في العديد من المجالات.
وأعرب المبعوث الأوكراني عن شكره للدعم الليبي للمبادرات الأوكرانية داخل الأمم المتحدة، والتي تسعى إلى حماية وحدة أراضي أوكرانيا. كما أعرب عن أمله في تعزيز دور طرابلس في الجهود الدولية لتحقيق سلام شامل وعادل ومستدام في أوكرانيا، بناءً على صيغة السلام الأوكرانية.
خلال المشاورات، تمت مناقشة القضايا المتعلقة بالتعاون الثنائي في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والتعليمية والأمنية.
وأكد الجانبان على أهمية تعزيز الروابط بين مجتمعات الأعمال الأوكرانية والليبية، كما تم التركيز بشكل خاص على استئناف نشاط اللجنة الثنائية الأوكرانية - الليبية للتعاون.
وفي إطار هذه المشاورات، سُلِّمَت رسالة خطية من وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيها إلى ممثل وزارة الخارجية الليبية، تضمنت دعوة إلى نظيره الليبي للقيام بزيارة رسمية إلى أوكرانيا في الوقت المناسب.
ويرى الخبير الإستراتيجي والعسكري عادل عبد الكافي، أن تعزيز التنسيق بين كييف وطرابلس يأتي ضمن إطار هدف أكبر، وهو تضييق الخناق على الوجود الروسي في الأراضي الليبية.
وأوضح عبد الكافي، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن الدور الأوكراني في ليبيا سيكون له بصمة واضحة في المستقبل، بناءً على خبرتها الطويلة في التصدي لروسيا.
ودعمت أوكرانيا مقاتلي الأزواد في مالي، وألحقت بمرتزقة فاغنر هزيمة كبيرة، كما انخرطت في الحرب السودانية واصطفّت مع قوات المعارضة السورية المسلحة في السابق.
وفي تصوره، يتوقع عبد الكافي تكثيف التنسيق بين كييف وطرابلس بطريقة غير معلنة لتحييد الوُجود الروسي في ليبيا، ما قد يحول البلاد إلى ساحة مواجهة بين روسيا وأوكرانيا.
وفي المقابل، عبر رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، عن رفضه القاطع للوُجود العسكري الأجنبي، بما في ذلك القوات الروسية في ليبيا. وقال الدبيبة في تصريحات سابقة إنه لا يوجد شخص وطني يقبل وجود دولة أجنبية تفرض هيمنتها على ليبيا.
وأضاف أن "أي جهة تدخل ليبيا من دون إذن أو اتفاق سنحاربها، ولا يمكن أن نرضى بأن تكون ليبيا ساحة حرب دولية".
وكانت هذه التصريحات تأتي في وقت حساس، خاصة بعد تداول تقارير إعلامية غربية تحدثت عن نقل أنظمة دفاع جوي وأسلحة روسية متطورة من سوريا إلى ليبيا بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/ كانون الأول.
ومع تصاعد القلق في ليبيا من التأثيرات السلبية للتدخلات العسكرية الأجنبية، خاصة الروسية، قال عبد الكافي، إن موسكو تسعى إلى ترسيخ وجودها العسكري البحري في المنطقة المتوسطية، بما في ذلك عقد اتفاقيات مع دول المنطقة.
كما أن لديها إستراتيجية للتمدد نحو دول الساحل الأفريقي عبر الأراضي الليبية. وأشار إلى أن هذه التحركات قد تؤثر بشكل كبير على الاستقرار في ليبيا والمنطقة بشكل عام.
وتأتي زيارة المبعوث الأوكراني إلى طرابلس في وقت حساس، حيث كانت الحرب الروسية الأوكرانية قد اشتعلت منذ نحو سنتين، مما زاد تعقيد الوضع في المنطقة.
وفي ذات الوقت، انقسم الموقف الليبي بين بنغازي المؤيدة لموسكو وطرابلس التي تتماشى مع توجهات كييف. هذا الانقسام يظهر جليًّا في المواقف الرسمية، حيث عبرت وزارة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة عن احتجاجها على تحذير نظيرتها الروسية لمواطنيها من السفر إلى ليبيا، ودعت إلى تقديم توضيح حول دوافع هذا التحذير.
كما أوضحت الوزارة أن الإجراءات المتخذة بحق أحد المواطنين الروس، الذي قُبِض عليه بتهمة تورطه في أنشطة تهدد النظام العام في ليبيا، تمّت وفق القوانين الليبية وبالتنسيق مع مكتب النائب العام.
وفي سياق متصل، أصدرت السفارة الروسية في ليبيا بيانًا جديدًا جددت فيه تحذيرها لمواطنيها من السفر إلى ليبيا، مشيرة إلى أن البلاد ليست وجهة سياحية حاليًّا، خاصة إلى المناطق الغربية التي تشهد توترات أمنية.
وأيضًا، في خطوة لزيادة التأثير الأوكراني على الساحة الدولية، أعلن المبعوث الأوكراني الخاص، مكسيم صبح، عن افتتاح سفارات جديدة في أفريقيا.
وقال إن هذه المبادرات تهدف إلى تعزيز العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع الدول الأفريقية، وأيضًا إلى مواجهة نفوذ فاغنر الروسي. وأضاف أنه من خلال هذه البصمة الدبلوماسية المتزايدة، تستطيع أوكرانيا مساعدة الدول الأفريقية في مواجهة الأنشطة الروسية في القارة، مستفيدة من خبرتها الطويلة في تحييد دورها في المنطقة.
ومع ذلك، تواجه أوكرانيا تحديات كبيرة في أفريقيا، حيث تمكنت دول أفريقية من عزلها بعد أن قطع المجلس العسكري في مالي العلاقات الدبلوماسية معها، متهمًا إياها بدعم "الإرهاب الدولي".
كما قطع المجلس العسكري في النيجر، المجاورة لمالي، العلاقات مع كييف.
في وقت لاحق، اتهمت روسيا أوكرانيا بفتح جبهة جديدة في أفريقيا، وهو ما نددت به المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، التي أدانت التدخل الأجنبي في المنطقة وأي محاولة لجرها إلى المواجهات الجيوسياسية العالمية.