"الإطفاء الإيراني": حريق ميناء رجائي في بندر عباس تم إخماده تقريبا
تتباين آراء الخبراء حول طبيعة أزمة الرواتب في سوريا وحلولها، في وقت يتفق فيه الجميع على أن الوضع الاقتصادي والمالي في البلاد قد بلغ مرحلة حرجة.
ويرى محللون سياسيون أن الأزمة "آنية" ويمكن احتواؤها عبر تنظيمات حكومية مستعجلة، في حين يعتبر آخرون أن الأزمة جزء من مشهد اقتصادي أوسع يتطلب إعادة هيكلة شاملة.
في هذا السياق، يبرز تساؤل حول قدرة الحكومة على تنفيذ وعودها بزيادة الرواتب بنسبة 400% وسط شح الموارد واستمرار العقوبات الدولية.
يرى أستاذ الإحصاء القياسي في جامعة "تشرين" الدكتور أحمد أديب أحمد، أن الأزمة آنية وتم التعامل معها مؤقتاً عبر استمارات إلكترونية لتحديد الموظفين الفعليين.
ويوضح الخبير في حديثه لـ "إرم نيوز" أن "الإدارة السورية قامت بفرز الموظفين، وأوقفت رواتب من لم يقدموا بياناتهم، ما أدى إلى إنهاء حالة الفوضى التي سببتها الرواتب الوهمية".
وأشار إلى أن "الإدارة الجديدة استلمت قطاعات الدولة من الصفر، بما في ذلك القطاعات العسكرية، التي لم يتلقَّ العاملون فيها أي رواتب".
وأكد الدكتور أديب أنه استلم راتبه كاملاً، لكنه أوضح أن "الزيادات المعلنة لم تُنفذ بعد بسبب قرارات تنظيمية متأخرة".
ولفت إلى أن "الوضع لا يزال بعيداً عن الاستقرار مع استمرار الغموض حول مصير المتقاعدين والعاملين في القطاعات التي تم حلها".
وقال مصدر سوري، يعمل في القطاع التعليمي، رفض الكشف عن هويته، إن "المعلمين قبضوا رواتبهم المتأخرة، حيث إن هناك مواعيد لقبض كل قطاع تم تحديده وجدولته تباعاً، فعلى سبيل المثال، اليوم وغداً لا يوجد قبض لبعض القطاعات على أن تحدد لاحقاً".
وأضاف المصدر، في حديثه لـ "إرم نيوز"، أن "الجميع سيقبض لكن دون الزيادة التي تم الحديث عنها والتي هي 400%، لكن هذا لا يعني أن الوضع مستقر؛ لأن المستحق اليوم قبض شهرين وليس شهرا واحدا، ومعرفة مصير من تم فصله والمتقاعدين والمؤسسات التي تم حلها".
وتعتمد الحكومة السورية على مصادر تمويل محدودة وغير مستدامة، تشمل: المساعدات الإقليمية، أي دعم من دول إقليمية بشروط سياسية طويلة الأمد، ما يحد من استدامتها، وهناك جهود للإفراج عن الأصول المجمدة في الخارج تواجه عقبات قانونية وسياسية.
أما بالنسبة للاستثمارات الجديدة، هناك صعوبة استقطاب استثمارات بسبب انعدام الاستقرار الأمني والقانوني. يضاف إلى ذلك، اتباع إجراءات تقشفية، ووقف صرف الرواتب في بعض القطاعات غير الحيوية، وإغلاق مؤسسات عدة.
ورغم هذه المحاولات، يعيش المواطن السوري تحت وطأة أزمات متشابكة تشمل البطالة، التضخم، ونقص الخدمات الأساسية.
ودفعت القرارات الحكومية، مثل وقف رواتب العاملين في بعض القطاعات الصحية، المواطنين إلى الخروج في مظاهرات احتجاجية في مدن عدة.
وأوضح مصدر يعمل في القطاع التعليمي أن بعض القطاعات حصلت على رواتبها، بينما لا تزال قطاعات أخرى تنتظر، مع تأكيد أن الزيادة الموعودة لم تُنفذ بعد.
وتفاقمت الأزمة بسبب العقوبات الاقتصادية الدولية. ورغم الإعفاءات المؤقتة التي منحتها الولايات المتحدة لبعض التعاملات الإنسانية، تبقى الحاجة ملحة لرفع العقوبات بشكل شامل لإعادة بناء الاقتصاد السوري.
ويلعب مصرف سوريا المركزي دوراً محدوداً في الأزمة، مقتصراً على تنفيذ نفقات وزارة المالية، ومع ذلك، يواجه تحديات كبيرة تتعلق بإدارة السيولة النقدية واستقرار سعر الصرف.
ويزيد التدهور المستمر في قيمة العملة الوطنية من تعقيد المشهد الاقتصادي، مع تضاعف تكلفة السلع الأساسية بنسبة تفوق 300% خلال العام الماضي.
ويعتبر الخبراء أن أزمة الرواتب جزء من مشهد اقتصادي أوسع يتطلب رفع العقوبات الاقتصادية، لتسهيل استقطاب الاستثمارات وإعادة بناء البنية التحتية، وإصلاح النظام المالي لضمان إدارة شفافة وفعالة للموارد المتاحة، وتعزيز الشفافية والمساءلة في استخدام المساعدات الدولية والإقليمية.
ووفق الخبراء والمحللين فإنه دون هذه الخطوات، ستظل الأزمة تتعمق، وستبقى الحلول المؤقتة غير كافية لمعالجة الجذور الحقيقية للمشكلة.