قوات إسرائيلية تقتحم قرية برقة شمالي غرب مدينة نابلس
رأى خبراء أن الأزمة المالية التي يواجهها حزب "التجمع الوطني" برئاسة مارين لوبان ليست بالحدة التي يروّج لها قياديو الحزب، وأن الدعم العام الذي يتلقاه الحزب يجعله في وضع مالي قابل للاستمرار رغم الضغوط القضائية.
ويثير الوضع المالي للحزب اليميني المتطرف في فرنسا جدلاً واسعاً، خاصة بعد صدور حكم قضائي، مطلع الأسبوع، يُلزمه بدفع غرامة فورية قدرها مليون يورو كتعويض مدني، مع التهديد بإضافة مليوني يورو أخرى في حال تثبيت الحكم نهائياً.
ودفع ذلك قادة الحزب إلى دق ناقوس الخطر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث كثّف نوابه نداءاتهم لجمع التبرعات، فيما صرّحت مارين لوبان قائلة: "وجودنا نفسه بات مهدداً. لقد كنا ضحية لحكم قضائي ثقيل مالياً، يُلقي بظلاله على مستقبل حركتنا".
وقال رينيه دوسيير، رئيس مرصد الأخلاقيات العامة والنائب الاشتراكي السابق، لـ"إرم نيوز" إن الحزب يعاني فعلاً من ديون نتيجة اعتماده الكبير على القروض الخاصة، وقال إنّ "التجمع الوطني يموّل نفسه في المقام الأول من قروض يمنحها له أفراد، وهي كثيرة، وتراكمت مع الوقت، ما أدى إلى تراكم ديون يجب سدادها".
لكن دوسيير يؤكد أيضاً أن الوضع المالي للحزب ليس بالهشاشة التي يصورها قادته، قائلاً إنّ"الحزب يحصل على دعم عام مرتفع بفضل نتائجه في الانتخابات التشريعية الأخيرة، حيث جمع حوالي 11 مليون صوت، وهو ما يترجم إلى دعم مالي يقارب 15 مليون يورو سنوياً، بمعدل 1 إلى 1.20 يورو عن كل صوت.
وتابع:" هذا المبلغ كافٍ، بحسبه، لمساعدة الحزب على تصحيح مساره المالي والتعامل مع التزاماته الراهنة".
إعادة هيكلة مالية ناجحة
من جهتها، تلفت لورانس ميرسييه، الباحثة في مركز الدراسات السياسية الأوروبية في باريس (CEPE) لـ"إرم نيوز"، إلى أن الحزب اليميني المتطرف أجرى، خلال السنوات الأخيرة، عملية إعادة هيكلة ناجحة لماليته.
وأضافت أن "التجمع الوطني لم يعد مثقلًا بالديون كما في السابق، خاصة بعد تسديد القرض الشهير الذي حصل عليه من بنك روسي، العام 2014، لتمويل حملته الانتخابية الأوروبية".
وترى ميرسييه أن الحزب، رغم التهويل الإعلامي الذي يروّج له داخلياً، يُظهر قدرة متزايدة على التكيف مع الضغوط المالية والمؤسساتية، لا سيما في سياق الاستعدادات للانتخابات الرئاسية المقبلة.
ويرى محللون أن قيادة التجمع الوطني تلجأ إلى تصعيد الخطاب المالي لأغراض سياسية وتعبوية، خاصة لتأطير مناصريها في معركة طويلة الأمد ضد المؤسسات القضائية والإعلامية التي تتهمها بـ"استهداف الحزب".
لكن في الواقع، تبدو مالية الحزب أكثر تماسكاً مما تعكسه خطابات التهديد بالزوال، خاصة في ظل الموارد العامة التي توفرها له الدولة الفرنسية، وحجم كتلته النيابية الحالي.
يُجمع عدد من المراقبين على أن اللجوء إلى نغمة التهديد الوجودي ليس جديداً في خطاب مارين لوبان، بل يدخل في إطار إستراتيجية سياسية مدروسة تهدف إلى تعبئة القاعدة الشعبية، وتعزيز روح "الضحية" في مواجهة المؤسسات.
ففي كل مرة يواجه فيها الحزب تحدياً قضائياً أو مالياً، يتم تصوير الأمر على أنه "هجوم على الإرادة الشعبية"، وهو ما يساهم فعلياً في دفع عدد من الأنصار إلى زيادة التبرعات والانخراط السياسي.
وفي هذا السياق، يرى محللون أن حزب "التجمع الوطني" يسعى، من خلال هذه الخطابات، إلى تحويل الأزمة إلى فرصة، من أجل حشد الزخم السياسي والاستعداد للاستحقاقات المقبلة، مع الحفاظ على صورته كـ"ضحية للمؤسسة السياسية القائمة".