متجها نحو اليمين.. ماكرون يغازل الجمهوريين لتشكيل ائتلاف حكومي

كشفت صحيفة "لوموند" أن الرئيس الفرنسي ماكرون يميل إلى تشكيل ائتلاف مع حزب الجمهوريين اليميني، بدلاً من اليسار، كما يتضح من الاتفاق المُبرم بين معسكره ومجموعة، لوران فوكييه، لرئاسة الجمعية الوطنية.

وبحسب الصحيفة الفرنسية، في 18 يوليو/ تموز، بدا ماكرون، العائد من قمة أوروبية في المملكة المتحدة، مرتاحا على الرغم من خسارته أغلبيته النسبية في الجمعية الوطنية قبل أكثر من عشرة أيام، مبينة أن هذه النكسة جاءت في أعقاب حل المجلس المثير للجدل في 9 يونيو/ حزيران؛ ما دفع النقاد إلى وصف قراره بـ"المتهور". 

وخلال مأدبة غداء مع نوابه في 16 تموز/ يوليو، اعترف ماكرون بـ"الهزيمة" للمرة الأولى، وهو اعتراف نادر بالنسبة للرئيس.

وفي تطور دراماتيكي، أُعيد انتخاب مرشحة حزب النهضة، يائيل براون بيفيه، رئيسة للجمعية الوطنية بأغلبية ضئيلة بلغت 220 صوتاً، وذلك بفضل الدعم من النواب اليمينيين. 

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الانتصار أحبط المرشح الشيوعي، أندريه شاسين، من الجبهة الشعبية الجديدة، بأغلبية 13 صوتًا فقط.  

  المعارضة تنتقد

بدورها، انتقدت أحزاب المعارضة التحالف بين معسكر ماكرون وفريق فوكييز، واتهمتهم بمناورات غير ديمقراطية. وفي مقابل دعمهم، يتوقع اليمين مناصب رئيسية في الجمعية.

ويرى ماكرون في إعادة انتخاب، براون بيفيه، إشارة إلى أن التحالف اليساري، الذي أعلن النصر في السابع من يوليو/ تموز، لا يستطيع إملاء الشروط في ماتينيون. 

فيما يعتقد الإليزيه أن هذا الحدث يسلط الضوء على التوازن السياسي المركزي، مع استعادة ماكرون السيطرة. 

من جانبه أشار السيناتور السابق عن حزب اليسار والمقرب من ماكرون، بيير شارون، إلى أن ماكرون أعاد تأكيد هيمنته.

ورغم تصدر التحالف اليساري الانتخابات التشريعية بـ193 نائبا، تليها الكتلة المركزية (النهضة-الديمقراطية-آفاق) بـ166 نائبا، والتجمع الوطني بـ126 نائبا، إلا أنه لم يتم تحقيق الأغلبية المطلقة. 

 "لم يفز أحد"

وشددت رسالة ماكرون إلى الفرنسيين في العاشر من يوليو/ تموز على أن " لا أحد فاز"، ما يشير إلى أن أي مرشح لرئاسة الوزراء يجب أن يضمن "أغلبية قوية". ومع إعادة انتخاب، براون بيفيه، يتصور ماكرون تشكيل أغلبية مع اليمين. 

فيما أشار مستشار رئاسي إلى أن الناخبين يحثون على تشكيل ائتلاف فشل في عام 2022. ويقترح، لوران فوكييز، الذي كان معارضا للتحالفات في البداية، "ميثاقا تشريعيا"، الأمر الذي يشير إلى التحول نحو التعاون مع ماكرون.

وقد يكون الاتفاق في الجمعية الوطنية هو الخطوة الأولى نحو تشكيل ائتلاف يميني أكثر رسمية. 

حقبة جديدة

ويرى عمدة لابول من حزب اليسار، فرانك لوفرييه، أن هذا نجاح طال انتظاره، في حين يشير، إريك وورث، وهو نائب من حزب النهضة عن مدينة واز، إلى أنه حتى دون الأغلبية المطلقة، فإن هذا التحالف يمثل حقبة سياسية جديدة.

وخلف الكواليس، يلمح، كزافييه برتراند، رئيس حزب "أوت دو فرانس" من اليسار، إلى الاستعداد لقيادة حكومة وحدة، على الرغم من أنه من غير المرجح أن يعرض ماكرون ماتينيون على منافس سابق.  

ولم ينجح ترشيح، لورانس توبيانا، لمنصب رئيس الوزراء، بدعم من أجزاء من اليسار، في التأثير على الدائرة الداخلية لماكرون.

ويلاحظ نواب اليسار في معسكر ماكرون التحول نحو اليمين باستقالة، معترفين بالمأزق الحالي مع اليسار.  

ويزعم، جيرالد دارمانين، الذي يتمتع بنفوذ متزايد داخل دائرة ماكرون، أن الرسالة الانتخابية تدعو إلى مزيد من الحزم في التعامل مع الأمن وتحسين القوة الشرائية، وصاغ مصطلح "الأمن والمشاركة".

ويحذر المؤيدون منذ فترة طويلة من أن الانحياز حصرياً لليمين من شأنه أن يشكل خيانة لرؤية ماكرون لعام 2017. 

وختمت الصحيفة بالقول إن ماكرون يدعو رسميا إلى تشكيل تحالف واسع النطاق من اليمين إلى الديمقراطية الاجتماعية، على الرغم من القليل من المبادرات الموجهة نحو اليسار، لافتة إلى أن النهج العملي الذي يتبناه إيمانويل ماكرون، واستعداده لتغيير التحالفات، يؤكد على الطبيعة المعقدة والمرنة للسياسة الفرنسية، التي تهدف إلى تأمين الحكم في مشهد تشريعي منقسم.