البيت الأبيض بوفاة البابا: أرقد بسلام
في ظل تصاعد الرسوم الجمركية بين الصين والولايات المتحدة، قد تجد أوروبا فرصة لتأكيد دورها كقوة اقتصادية مستقلة، وبفضل وحدتها الاقتصادية وأدواتها القانونية، يمكن للاتحاد الأوروبي أن يستفيد من الوضع الحالي، ويعزز مكانته العالمية، بشرط أن تتعاون الدول الأعضاء بشكل فعال.
وقالت صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية في تقريرها، إنه مع تزايد حدة الصراع بين الصين والولايات المتحدة، بدأ العالم يشهد عواقب اقتصادية لم يشهدها منذ عقود، حيث أعلنت الصين، في وقت سابق، من هذا الأسبوع، عن زيادة الرسوم الجمركية على المنتجات الأمريكية إلى 84% بدلاً من 34%، كما كان متوقعاً في البداية، رداً على الزيادة الكبيرة في الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على المنتجات الصينية، والتي ارتفعت إلى 125%.
وأكد التقرير أن الاقتصاد العالمي بدأ يعاني من نتائج هذا التصعيد الذي أغلق الأسواق بين أكبر قوتين اقتصاديّتين في العالم، متسائلاً، في هذا الصراع، هل يمكن لأوروبا أن تستفيد من الوضع.
بدورهم، يعتقد بعض المسؤولين الأوروبيين أن هناك فرصة أمام الاتحاد الأوروبي للاستفادة من هذه الأزمة، على سبيل المثال، حذّر محافظ بنك فرنسا، فرانسوا فيليروي دي غالو، من أن هذه الأزمة قد تكون فرصة لأوروبا وفرنسا على وجه الخصوص للتركيز على بناء قوة اقتصادية مستقلة.
ويتمتع الاتحاد الأوروبي بعدد من المزايا التي يمكن أن تساعده في التكيف مع الأزمة الراهنة. ففي حين أن الولايات المتحدة والصين غارقتان في صراعهما التجاري، يبقى الاتحاد الأوروبي بعيداً نسبياً عن هذا النزاع المباشر.
وشدد تقرير الصحيفة الفرنسية على أن الاتحاد الأوروبي قادر على الاستمرار في التفاوض مع كلا الطرفين، بل ربما يحقق بعض التنازلات الاقتصادية.
وفي هذا الصدد، يؤكد المسؤولون في باريس أن أوروبا يجب أن تسعى إلى استغلال دورها كقوة استقرار وتوقعات في هذا الوضع المضطرب.
وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من الانقسامات الاقتصادية التي قد تظهر بين دول الاتحاد الأوروبي من حين لآخر، إلا أن السياسات الأمريكية التي تفرض تعريفة موحدة على جميع دول الاتحاد ساعدت في تعزيز الوحدة الأوروبية، موضحاً أن الاتحاد الأوروبي يمتلك أيضاً أدوات قانونية قوية تسمح له بالرد على السياسات الأمريكية، من خلال فرض عقوبات على شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى، على سبيل المثال.
واردف التقرير أن أوروبا يجب أن تكون مستعدة أيضاً لمواجهة التداعيات الاقتصادية الناجمة عن تصعيد الإنتاج الصيني، إذ لا يتوقف الأمر عند الصراع الأمريكي-الصيني فقط.
كما أنه مع تزايد قدرة الإنتاج في الصين وتوجه السوق الصينية لتصدير السلع إلى أسواق أخرى، قد تجد أوروبا نفسها في مواجهة تدفقات تجارية ضخمة من الصين.
وبدوره، أشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أن بعض القطاعات الأوروبية، مثل صناعة السيارات، قد تتعرض لضغوط كبيرة نتيجة لهذه التدفقات.
وأكد التقرير أنه لحماية مصالحه، يجب على الاتحاد الأوروبي التحرك بسرعة، حيث يتعين على بروكسل الانخراط في مفاوضات تجارية جديدة مع الصين ومع القوى الاقتصادية الأخرى في آسيا، مع التركيز على حماية الصناعات المحلية، لافتاً إلى أن الوضع ممكن أن يتطلب إعادة النظر في الاتفاقيات التجارية مع مناطق مثل ميركوسور.
وخلُص التقرير إلى القول: إن نجاح الاتحاد الأوروبي في الاستفادة من هذه الفرصة يعتمد على قدرته على التكيف مع التحولات الاقتصادية العالمية، مؤكداً أن الوقت وحده كفيل بإظهار مدى قدرة الاتحاد الأوروبي على تجاوز التحديات، والاستفادة من هذا الصراع التجاري العالمي.