لاغارد تدعو إلى "مسيرة نحو استقلال" أوروبا بمواجهة حرب ترامب التجارية
حقق حزب "البديل من أجل ألمانيا" (AfD) اليميني المتطرف اختراقًا تاريخيًا في الانتخابات التشريعية التي جرت مؤخرًا في ألمانيا، في تحول قد يكون له تداعيات سلبية على زعيمي اليمين المتطرف في فرنسا، مارين لوبان وجوردان بارديلا.
وأشارت الكاتبة لوسي أوريول في مقال على موقع "هافينغتون بوست" إلى أن هذا التطور يشكل نقطة تحول في المشهد السياسي الألماني، ويضع الحزب في موقع قوة لمواصلة تأثيره في الساحة السياسية الأوروبية.
اختراق تاريخي في ألمانيا
وتظهر نتائج الانتخابات التشريعية في ألمانيا أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" نجح في تحقيق تقدم ملحوظ، إذ حصل على 20.8% من الأصوات، مما مكنه من احتلال المرتبة الثانية في البوندستاغ (البرلمان الألماني)، ومنح الحزب أكثر من 150 نائبًا في البرلمان.
واعتبرت الكاتبة أن هذا التطور يشكل نقطة تحول في المشهد السياسي الألماني، ويضع الحزب في موقع قوة لمواصلة تأثيره في الساحة السياسية الأوروبية.
ردود أفعال متفاوتة في فرنسا
بمجرد الإعلان عن نتائج الانتخابات، سارعت سارة كنافو، النائبة الأوروبية عن حزب "الاسترداد" (Reconquête) الفرنسي، إلى تهنئة حزب "البديل من أجل ألمانيا"، مشيرة إلى الانتماء المشترك بينهما في البرلمان الأوروبي ضمن مجموعة "أوروبا الدول ذات السيادة".
كما قدمت ماريون ماريشال، التي تشغل مقعدًا في مجموعة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين (ECR)، تهنئتها أيضًا.
على الجانب الآخر، بدت ردود فعل قيادات "التجمع الوطني" في فرنسا، بقيادة مارين لوبان وجوردان بارديلا، متحفظة للغاية. لم يصدر أي تعليق رسمي من الطرفين بشأن فوز "البديل من أجل ألمانيا"، وهو ما أثار تساؤلات حول ما إذا كان قد تم إعطاء تعليمات بعدم التفاعل مع نتائج الحزب الذي كان يُعتبر في السابق حليفًا في الساحة الأوروبية.
وفي مقابلة مع إذاعة RMC يوم الاثنين، حاول نائب رئيس "التجمع الوطني"، سيباستيان شونو، تبرير الصمت قائلاً: "نحن لسنا حلفاء لـ AfD، وقد قطعنا علاقتنا بهم منذ أن فشلوا في تقديم خطاب واضح، أو على الأقل غير ملتبس، حول بعض القضايا." وأضاف شونو، "لكن يمكننا تهنئة المحافظين الألمان".
الانتقادات حول "خطة إعادة الهجرة"
وأشار شونو إلى ما وصفه بـ "الخطاب غير الواضح" الذي قدمه "البديل من أجل ألمانيا" بشأن "خطة إعادة الهجرة"، التي تهدف إلى ترحيل الأجانب والمواطنين الألمان "غير المندمجين". وكان هذا المقترح قد أثار جدلاً واسعًا عندما تم الكشف عنه في يناير 2024، وأدى إلى تصاعد الانتقادات تجاه الحزب على الساحة الدولية.
هذا التوجه السياسي قد يكون أحد الأسباب الرئيسة وراء قطع العلاقات بين "التجمع الوطني" وحزب "البديل من أجل ألمانيا".
قطع العلاقات الرسمية والتحديات الداخلية
منذ ذلك الحين، قطع "التجمع الوطني" رسميًا علاقاته بحزب "البديل من أجل ألمانيا"، وانتقل إلى كتلة جديدة في البرلمان الأوروبي تحت اسم "وطنيون من أجل أوروبا" (PfE).
ورغم ذلك، لا يزال هناك تداخل كبير في الأيديولوجيا بين الحزبين، وهو ما يجعل الفصل بينهما أمرًا معقدًا.
ويظل بعض نواب "التجمع الوطني" يدافعون عن مؤتمرات "إعادة الهجرة" التي نظمها "البديل من أجل ألمانيا"، مما يعكس تقاربًا أيديولوجيًا مستمرًا بين هذه الحركات اليمينية في أوروبا، وبالأخص مع تيار "MAGA" الذي يمثله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
الأهم من ذلك، كما تشير الكاتبة، أن صعود "البديل من أجل ألمانيا" قد يهدد مكانة "التجمع الوطني" في البرلمان الأوروبي. وحاليًا، يمتلك "التجمع الوطني" أكبر عدد من النواب في مجموعة "وطنيون من أجل أوروبا" (PfE) بواقع 30 نائبًا، ويترأسها جوردان بارديلا.
ومع ذلك، تشير بعض التكهنات إلى أن نواب "البديل من أجل ألمانيا" قد ينسحبون من مجموعة "أوروبا ذات السيادة" (ESN) للانضمام إلى مجموعة "وطنيون من أجل أوروبا" بعد نتائج الانتخابات في ألمانيا.
هذا السيناريو قد يعزز نفوذ أليس فايدل، رئيسة حزب "البديل من أجل ألمانيا"، خاصة في ظل الدعم الذي يحظى به الحزب من رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان وحزب الحرية النمساوي (FPÖ)، الذي ينتمي أيضًا إلى مجموعة "وطنيون من أجل أوروبا".
وتشير الكاتبة إلى أن النجاح الباهر لحزب "البديل من أجل ألمانيا" قد يضع اليمين المتطرف الفرنسي في مأزق داخلي جديد، إذ سيواجه تحديات في الحفاظ على هيمنته في معركة النفوذ الأوروبي.
ويتضح أن هذا التقدم التاريخي قد يزيد من تعقيد العلاقات داخل الحركات اليمينية الأوروبية، ويزيد من الضغط على "التجمع الوطني" لمراجعة استراتيجياته السياسية في المستقبل.