من اللوبي اليهودي إلى موسكو وبكين.. تدخلات "ظاهرة وخفية" في انتخابات أمريكا

يتزايد الحديث في الولايات المتحدة عن "تدخلات دولية" في الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي تجمع المرشح الجمهوري دونالد ترامب والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في الـ5 من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، عبر أشكال ظاهرة وأخرى خفية.

وبحسب مختصين في العلاقات الدولية والشأن الأمريكي، فإن الصدارة لهذه التدخلات لصالح النفوذ الإسرائيلي وتحكمه في مجريات عدة ذات صلة بالانتخابات الأمريكية على أكثر من مستوى، عبر "اللوبي اليهودي" في أروقة السلطة ومؤسساتها.

وإضافة إلى هذا اللوبي هناك تدخلات خارجية "خفية" في الانتخابات، رجح خبراء تحدثوا لـ"إرم نيوز" أنها تتم عبر الصين وروسيا.

"واضحة وقوية"

أستاذ العلاقات الدولية، د. عبد المسيح الشامي، قال إن التدخلات الخارجية في الانتخابات الأمريكية "واضحة وقوية وقائمة بشكل كبير".

وذكر أن لها عدة أشكال سياسية واقتصادية وأمنية واستخباراتية، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة.

 

وأكد الشامي، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن الكثير من الدول تتدخل بشكل مباشر من خلال أوراق قوة يمتلكها الداخل الأمريكي.

وأوضح: "في صدارة ذلك إسرائيل عبر اللوبي الصهيوني المتواجد في كافة أروقة السلطة ومؤسساتها الرسمية بالولايات المتحدة من أعلى الهرم إلى أسفله، ما يكون له تأثير كبير يدار من تل أبيب على مجربات الانتخابات".

وحدد الشامي القدرات الإسرائيلية في التدخل المباشر بالانتخابات الأمريكية عبر قدرات ونفوذ مالي وسياسي وإعلامي واقتصادي، "ما يجعل تل أبيب صاحبة تأثير ضخم على انتخابات البيت الأبيض، بمدى توجيه أوراق قوتها تجاه مرشح يدعم مصالحها أكثر من الآخر".

وقال إنه "في هذه الانتخابات يميل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى دونالد ترامب، الأمر الذي ظهر خلال زيارته الأخيرة للمرشح الجمهوري في منزله، حيث عبر عن دعمه له بشكل مباشر".

روسيا والصين

وتطرق الشامي إلى التأثير الروسي المباشر وغير المباشر على مجرى الانتخابات الأمريكية بحكم الحرب القائمة في أوكرانيا، والتي أدت إلى تحولات كبرى وجوانب مؤثرة في حياة المواطن الأمريكي فيما يخص الوضع الاقتصادي.

وأشار إلى العلاقة التي من المعروف أنها "على الأقل جيدة" بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في ظل "فشل" الرئيس الديمقراطي جو بايدن، في تحقيق إنجازات عسكرية ضد روسيا واحتمالية الفشل والخسارة في الحرب الأوكرانية، الأمر الذي أكد الشامي أنه ينعكس على مرشحة الإدارة الحالية، الديمقراطية كامالا هاريس.

 وعن التأثير الصيني على الانتخابات الأمريكية، قال الشامي إن له عدة أشكال، أبرزها غير المباشرة التي تتمثل في أوجه المنافسة لا سيما ما هو على المجال الاقتصادي والدولي، والتنافسية القائمة التي يرى الكثيرون أنها مهددة للهيمنة الأمريكية، ما ينعكس على رغبة الناخب الأمريكي في انتخاب شخصية اقتصادية كبيرة فاعلة تستطيع التعامل مع بكين.

وبحسب الشامي، فإن التدخلات من بعض الدول الأوروبية في الانتخابات الأمريكية وما قبل ذلك، جميعها تجري بأشكال غير مباشرة، ما بين دفع سابق بالترويج في الداخل الأمريكي عبر بضع وسائل، لخطورة مجيء ترامب، وما سيكون لذلك من أثر كبير على السياسة الأمريكية العالمية، وزيادة النفوذ الروسي في هذا الصدد، لتخرج أصوات أوروبية أخرى تميل إلى ضرورة مجيء رئيس أمريكي يكون قادرًا على إنهاء هذه الحرب، وبناء السلام في أوروبا.

حرب غزة ولبنان

من جهته يرى النائب التنفيذي لرئيس جامعة "سانت فينيست" في نيويورك، الخبير في السياسات الأمريكية د.عابد الكشك، أن الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان باتت صاحبة الصدارة في مدى التأثير من حيث التدخلات الدولية في الانتخابات الأمريكية.

وفي تصريحات لـ"إرم نيوز"، دلل الكشك على ذلك بالقول إن ما يقوم به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من اعتداءات على بضع جبهات في غزة ولبنان، يمثل استغلالًا لطبيعة الانتخابات، لإدراكه بمدى التأثير الإسرائيلي عبر أكثر من جانب لا سيما في ظل التأكد من أن أي مرشح في الوقت الحالي يعمل على تأييد إسرائيل وإظهار ذلك بنسبة  100%. 

وأضاف أن نتنياهو يستغل بضع أزمات للضغط على المؤسسات الأمريكية وأيضًا المرشحين ويوجه الناخبين المؤيدين لإسرائيل، ما ظهر في خروج ترامب أكثر من مرة متحدثًا عن أن فوز هاريس يعني زوال دولة اسرائيل.

ومن جهة أخرى، أشار الكشك إلى دعم إدارة بايدن لإسرائيل وتلبيتها كافة طلبات نتنياهو، ليكون لذلك انعكاسًا إيجابيًّا على المرشحة الديمقراطية هاريس.

الصوت العربي

وأشار الكشك إلى أن من ضمن التأثيرات أيضًا، ما يرتبط بـ"الصوت العربي" في الداخل الأمريكي، لا سيما في ولاية ميتشغان المؤثرة للغاية من الناحية التصويتية، وهو ما يجعل ترامب وهاريس يبحثان عن مفاتيح للتعامل للفوز بتلك الأصوات.

 ورأى أن من ضمن التدخلات الخارجية "ذات التأثير الأقل" في الانتخابات الأمريكية، الحرب الروسية الأوكرانية، التي قال إنه سيكون لها دور في تفكير الناخب الأمريكي إلى حد ما أمام الصندوق، بسبب آثارها التي جاءت ببعض الانعكاسات.

واعتبر الكشك أن من التدخلات الخارجية دور كل من الصين وروسيا في أمور تتعلق بالأمن السيبراني، ومدى تأثير ذلك على المرحلة الأخيرة من الانتخابات.

وأوضح أن ذلك يتم من حيث التعامل مع الناخب بشكل أو بآخر عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتوجيهه، ومن ناحية أخرى محاولة التدخل عبر هجمات سيبرانية في عمليات التصويت والرصد، مؤكدًا أن المؤسسات الأمريكية تضع ذلك في الاعتبار.