فاينانشيال تايمز: هبوط أول طائرة في مطار هيثرو بعد الاضطرابات
أثار قرار رئيس حزب التجمع الوطني، جوردان بارديلا، بفرض شرط السجل العدلي النظيف والخالي من الإدانات للمرشحين داخل الحزب، جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية الفرنسية، خصوصًا في ظل الملاحقات القضائية التي تواجهها الزعيمة السابقة مارين لوبان.
وأكد بارديلا خلال استضافته في برنامج على قناة "بي إف إم"، أن امتلاك سجل عدلي خالٍ من الإدانات يمثل "القاعدة الأولى" لأي شخص يسعى لتمثيل حزب التجمع الوطني في الانتخابات.
جاءت هذه التصريحات بينما تواجه لوبان، تهديدات بالإدانة من قبل القضاء الفرنسي؛ ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول مستقبلها السياسي وموقف الحزب منها.
تحسين سمعة الحزب
ورأى خبراء ومحللون أن تصريحات بارديلا تعكس إستراتيجية تهدف إلى تحسين سمعة الحزب، لكنها محفوفة بالمخاطر على المستوى الداخلي والخارجي، ونجاح هذه الإستراتيجية يعتمد على كيفية معالجة التناقضات بين القواعد المعلنة وواقع الممارسات داخل التجمع الوطني.
وقال المحلل السياسي المتخصص في تحليل شؤون الأحزاب السياسية اليمينية المتطرفة، جون إيف كامو، إن تصريحات بارديلا تعكس محاولة واضحة لتعزيز صورة الحزب أمام الرأي العام ككيان ملتزم بالشفافية والنزاهة.
وأوضح كامو في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أنه "مع ذلك، يعتقد أن تطبيق هذه القاعدة قد يضع بارديلا في مأزق سياسي، خاصة مع تورط شخصيات بارزة في الحزب، مثل مارين لوبان، في قضايا قانونية".
وأضاف أن الالتزام بهذه القاعدة قد يؤدي إلى فقدان لوبان لدعم الحزب في الانتخابات المقبلة؛ ما قد يثير انقسامات داخلية ويضعف التجمع الوطني.
أما عن الرأي القانوني، فقد أشارت الخبيرة القانونية شارلين بينيزيا، المتخصصة في القوانين الانتخابية، في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن اشتراط وجود سجل عدلي نظيف لكل مرشح يمثل الحزب قد يكون سلاحًا ذا حدَّين.
وأكدت بينيزيا أنه "من ناحية، يعزز هذا الشرط مبدأ النزاهة السياسية، لكن من ناحية أخرى، قد يُستخدم ضد الحزب إذا فشل في تطبيقه بشكل صارم على جميع أعضائه".
وأضافت بينيزيا أن هذه الخطوة قد تكون محاولة لامتصاص الضغوط القضائية والإعلامية التي تواجه لوبان، لكنها تُظهر أيضًا تناقضًا في الخطاب السياسي للتجمع الوطني الذي طالما تغاضى عن قضايا مشابهة في الماضي.
وطرحت بينيزيا، أبعادًا قانونية للتصريحات، وهي أن التهديد بإصدار حكم بعدم الأهلية ضد لوبان قد يغير قواعد اللعبة داخل التجمع الوطني، موضحة أنه في حال إدانتها، ستُطرح تساؤلات حول ما إذا كان الحزب سيلتزم فعلًا بتصريحات بارديلا أو سيتبنى استثناءات خاصة للقيادة.
وأوضحت بينيزيا أن هذه التصريحات تحمل أبعادًا سياسية، بتعزيز صورة بارديلا كقائد يحاول تحديث الحزب، لكن الالتزام بها يعني استبعاد شخصيات بارزة قد تؤدي إلى خسارة جزء من القاعدة الشعبية للحزب.
وتُلاحَق لوبان قضائيًّا إلى جانب 24 متهمًا آخرين في قضية تتعلق باستخدام موظفين برلمانيين أوروبيين بطريقة غير قانونية لخدمة الحزب، وطالب الادعاء بفرض عقوبات تصل إلى السجن 5 سنوات، منها سنتان نافذتان، بالإضافة إلى غرامة مالية بقيمة 300 ألف يورو و5 سنوات من عدم الأهلية الانتخابية.
ورغم دفاع بارديلا الشرس عن لوبان، حيث وصف الملاحقات القضائية بأنها "استهداف سياسي واعتداء على الديمقراطية"، أكد مجددًا أن القاعدة يجب أن تُطبق على الجميع دون استثناء؛ وأضاف: "النزاهة يجب أن تكون المبدأ الأساس لحزبنا في المستقبل".
ولكن تصريحات بارديلا أثارت تساؤلات حول قدرتها على الصمود في وجه واقع الحزب، في حين أشار المحللون إلى أن العديد من نواب التجمع الوطني الحاليين سبق أن صدرت ضدهم إدانات.